للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سادساً- قال قطرب، والفراء: هي إشارة إلى حروف الهجاء أعلم الله بها العرب حين تحداهم بالقرآن أنه مؤتلف من حروف هي التي منها كلامهم ليكون عجزهم عنه أبلغ في الحجة عليهم إذ لم يخرج عن كلامهم.

... وقيل: إن العرب المشركين كانوا إذا سمعوا القرآن لغوا فيه قال تعالى:

{وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ} ((١)) ، فانزل الله هذا القرآن ليعجبوا منه ويكون تعجبهم منه سبباً لأستماعهم له فترق قلوبهم وتلين الافئدة ((٢)) .

... وقد اعترض ابن كثير على أن هذه الحروف جاءت خطاباً للمشركين بقوله: " إن هذه السورة والتي تليها أعني البقرة وال عمرآن مدنيتان وليستا خطاباً للمشركين) ((٣)) .

وقد استدل أصحاب هذا القول بأدلة منها:

أولا- المنقول، قوله تعالى: {أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا} ((٤)) .

وجه الدلالة ان الله جل وعلا حثنا على تدبر القرآن ومعرفة معانيه ومن تدبر القرآن البحث عن معرفة معاني الحروف المقطعة.

ثانيا- قال تعالى: {وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ} ((٥)) .

ووجه الدلالة ان الله تعالى قد أنزل القرآن الكريم ويسره للناس ليذَّكروا آياته، فيمكن معرفة جميع المراد منه لان الله يسره للناس ومنها هذه الحروف المقطعة.


(١) سُوْرَة فُصِّلَتِ: الآية ٢٦.
(٢) الإِتقَان فِي علُوم القُرْآن: ٢/ ١٠.
(٣) تفسير القُرْآن العَظِيْم: ١ /٣٧.
(٤) البرهان في عُلُوْم القُرْآن. الإِمَام بدر الدِّيْن مُحَمَّد بن عَبْد الله الزركشي. ت ٧٩٤ هـ. تحقيق: مُحَمَّد أَبِي الفضل إبراهيم. دار المعرفة. بيروت. ١٣٩١ هـ. ١٩٧٢ م: ١/١٧٢.
(٥) سُوْرَة مُحَمَّد (- صلى الله عليه وسلم -) : الآية ٢٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>