للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثاني: قول أبي الحسن الأشعري، وهو أن الكلام الذي ليس بحرف ولا صوت يمكن أن يكون مسموعاً، كما أن الذات التي ليست بجسم ولا عرض يمكن أن تكون مرئية، فعلى هذا القول لا يبعد أنه سمع الحرف والصوت من الشجرة، وسمع الكلام القديم من الله تعالى لا من الشجرة فلا منافاة بين الأمرين.

واحتج أهل السنة بان محل قوله: {إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} لو كان هو الشجرة لكان قد قالت الشجرة إني أنا الله.

والمعتزلة أجابوا بأن هذا إنما يلزم لو كان المتكلم بالكلام هو محل الكلام لا فاعله، وهذا هو أصل المسألة.

أجاب أهل السنة: بأن الذراع المسموم قال: لا تأكل مني فإني مسموم ((١)) ، ففاعل ذلك الكلام هو الله تعالى، فإن كان المتكلم بالكلام هو فاعل ذلك الكلام لزم أن يكون الله قد قال: لا تأكل مني فإني مسموم، وهذا باطل، وإن كان المتكلم هو محل الكلام لزم أن تكون الشجرة قد قالت: إني أنا الله، وكل ذلك باطل ((٢)) .

ونقل القرطبي كلاماً لأهل العلم في كيفية تكليم الله لسيدنا موسى (- عليه السلام -) :

قال المهدوي: " وكلم الله موسى (- عليه السلام -) من فوق عرشه وأسمعه كلامه من الشجرة على ما شاء، أو لا يجوز أن يوصف بالانتقال والزوال وشبه ذلك من صفات المخلوقين.


(١) إشارة إلى تسميم الذراع الذي قدم لرسول الله (- صلى الله عليه وسلم -) . سنن أبي داود: ٣ /٣٥٠ رقم (٣٧٨١) بلفظ (وسم في الذراع وكان يرى أن اليهود هم الذين سموه) . والحديث حسن.
(٢) مفاتيح الغيب: ١٢/ ٢٤٥ أصول الدين: ص ٦٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>