للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال أبو المعالي: وأهل المعاني وأهل الحق يقولون: من كلّمه الله تعالى وخصّه بالرتبة العليا والغاية القصوى، فيدرك كلامه القديم المتقدس عن مشابهة الحروف والأصوات والعبارات والنغمات وضروب اللغات، كما أن من خصّه الله بمنازل الكرامات وأكمل عليه نعمته، ورزقه رؤيته، يرى الله سبحانه وتعالى منزهاً عن مماثلة الأجسام وأحكام الحوادث، ولا مثيل له سبحانه في ذاته وصفاته.

وقال الأستاذ أبو إسحاق: واتفق أهل الحق على أن الله تعالى خلق في موسى (- عليه السلام -) معنى من المعاني أدرك به كلامه، وكان اختصاصه في سماعه وانه قادر على مثله في جميع خلقه.

وقال عبد الله بن سعد بن كلاب: " أن موسى (- عليه السلام -) فهم كلام الله القديم من أصوات مخلوقة أثبتها الله تعالى في بعض الأجسام " ((١)) .

ونقل الآلوسي رحمه الله عن الشيخ الأشعري، والإمام الغزالي أنه " سمع كلامه تعالى النفسي القديم بلا صوت ولا حرف، وهذا كما ترى ذاته عز وجل بلا كيف ولا كم. وذكر بعض العارفين أنه إنما سمع كلامه تعالى اللفظي بصوت، وكان ذلك بعد ظهوره عز وجل بما شاء من المظاهر التي تقتضيها الحكمة، وهو سبحانه مع ظهوره تعالى كذلك باق على إطلاقه حتى عن قيد الإطلاق " ((٢)) .

قال تعالى: {فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِي} . هل هو نداء الوحي أم نداء الكلام؟

نقل الرازي اختلاف أهل العلم في ذلك " قال الحسن أن موسى (- عليه السلام -) نودي نداء الوحي لا نداء الكلام، والدليل عليه قول تعالى: {فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَى} ((٣)) .


(١) الجَامِع لأِحْكَام القُرْآن: ٦/ ٤٩٩٨.
(٢) روح المعاني: ٢٠/٧٤.
(٣) سُوْرَة (طَه) : الآية ١٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>