للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{وَإِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ قَالُوا آمَنَّا بِهِ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّنَا} ، أي: إذا قريء عليهم الَقُرْآن قالوا صدقنا بما فيه {إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ} . وقال الرازي: " قوله إنه الحق من ربنا يدلّ على التعليل يعني أن كونه حقاً من عند الله يوجب الإيمان به. وقوله: {إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ} بيان لقوله: {آمَنَّا بِهِ} لأنه يحتمل أن يكون إيماناً قريب العهد وبعيد، فأخبروا أن إيمانهم به متقادم، وذلك لما وجدوه في كتب الأنبياء ـ عَلَيْهم السَّلام ـ المتقدمين من البشارة بمقدمه ((١)) . وهو ما تدلّ عليه المعاني الكامنة في الآية الكريمة: {أُوْلَئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُوا} ، وذكروا في معناها عدة وجوه، وهي:

الأول ـ إنهم صبروا على الإيمان بمحمد (- صلى الله عليه وسلم -) قبل أن يبعث ثُمَّ على إتباعه حين بعث، قاله الضحاك.

الثاني ـ يؤتون أجورهم مرتين مرة بإيمانهم بالأنبياء الذين كانوا قبل مُحَمَّد (- صلى الله عليه وسلم -) ومرة أخرى بإيمانهم بمُحَمَّد (- صلى الله عليه وسلم -) .

الثالث ـ قال مقاتل: هؤلاء لما آمنوا بمُحَمَّد (- صلى الله عليه وسلم -) شتمهم المشركون فصفحوا عنهم فلهم أجران، أجر على الصفح، وأجر على الإيمان، فيروى أَنهم لما أسلموا لعنهم أبو جهل فسكتوا عنه.

ويرجح الرازي القول الأول، ويستدل على ذلك بأنه تعالى لما بين أنهم آمنوا بعد البعثة، وبيّن أيضاً أنهم كانوا به مؤمنين قبل البعثة، ثُمَّ أثبت الأجر مرتين وجب أن ينصرف إلى ذلك " ((٢)) .


(١) ينظر مفاتيح الغيب: ١٢ /٢٦٢. البَحْر المُحِيْط: ٧ /١٢٥.
(٢) ينظر زَاد المَسِيْر: ٦ /٢٣٠. مفاتيح الغيب: ١٢/ ١٦٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>