للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والذي أرجحه هو القول الثاني بأنهم يؤتون أجرهم مرتين لإيمانهم بأنبيائهم الذين كانوا قبل النبي (- صلى الله عليه وسلم -) ، ومرة لإيمانهم بمحمد (- صلى الله عليه وسلم -) ، فعن أبي موسى الأشعري (- رضي الله عنه -) : ((أن رَسُول الله (- صلى الله عليه وسلم -) قال: ثلاثة يؤتون أجرهم مرتين رجل من أهل الكتاب آمن بنبيه وأدرك النبي (- صلى الله عليه وسلم -) فآمن به واتبعه وصدقه فله أجران، وعبد مملوك أدّى حق الله تعَاَلىَ وحق سيده فله أجران، ورجل كانت له أمة فغذاها فأحسن غذاءها ثُمَّ أدبها فأحسن أدبها، ثُمَّ أعتقها وتزوجها فلها أجران " ((١)) .

{وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ} " فيه عدة وجوه:

أحدهما ـ (يدفعون) بالعمل الصالح ما تقدم من ذنب، قاله ابن شجرة.

الثاني ـ يدفعون بالحلم جهل الجاهل.

الثالث ـ يدفعون بالسلام قبح اللقاء، وهذا معنى قول النقاش.

الرابع ـ يدفعون بالمعروف المنكر، قاله ابن جبير.

الخامس ـ يدفعون بالخير الشر، قاله ابن زيد.

السادس ـ يدفعون بالتوبة ما تقدم من المعصية " ((٢)) .

وأغلب هذه الأقوال يدلّ على مكارم الأخلاق وذات معنى متقارب ولا نجد فيها خلافاً كبيراً.

يقول القرطبي: " فهذه آية مهادنة، وهي من صدر الإسلام، وهي مما نسختها آية السيف وبقي حكمها فيما دون الكفر يتعاطاه أمة محمد (- صلى الله عليه وسلم -) إلى يوم القيامة ((٣)) .


(١) متفق عليه. صحيح البخاري: كتاب العلم، باب العلم ١ /٢٢٩. . صحيح مسلم كتاب الإيمان باب الإيمان ٢٤١ –٢٤٥.
(٢) النُّكَت والعُيون: ٣ /٢٣٢.
(٣) الجَامِع لأِحْكَام القُرْآن: ٦ /٥٠١٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>