للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إِنْ الله جَلَّ وَعَلا قد أرسل رسله وأنبياءه ليهدون الناس إلى طريق مستقيم، طريق الهداية، وهو ما يسمى بالهداية الإرشادية، لكي لا يكون للناس حجة بعد الرسل، فمن واجب الأنبياء والرسل والدعاة أن يقوموا ما باستطاعتهم ويؤدوا واجبهم في التبليغ، وتبيين شرع الله، وهذا الواجب الذي عليهم، وليس بمقدورهم ولا من واجبهم أن يجعلوا كلّ الناس مهتدين، فهذا بيد الله وحده.

إِنْ هداية الله جَلَّ وَعَلا لبعض عباده دون آخرين بما يسمى (الهداية التوفيقية) تسبقها مقدمات مستندة إلى الهدايات الأخرى وهذه المقدمات هي عبارة عن صلاحيات اكتسبها أصحابها بالهداية الأولى العامة، وأتبعها أعمال صالحة، بمعنى أن المعنيين بالهداية الخاصة أصبحوا مستحقين لنزول تلك الرحمة، إما بإنابتهم إلى الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، قال تعالى: {وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى} ((١)) ، أو بجهادهم في سبيل الله {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ} ((٢)) ، أو بأعمالهم الصالحة {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمَانِهِمْ} ((٣)) ، فإن الله لا يهدي الوقم الكافرين، ولا الظالمين، قال تعالى: {وَاللهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ} ((٤)) ، وقوله: {وَاللهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} (٥) . فالظلم والفسوق تكون حجباً تمنع نفوذ الهداية الإلهية (التوفيقية) .


(١) سُوْرَة مُحَمَّد (- صلى الله عليه وسلم -) : الآية ٧.
(٢) سُوْرَة العَنْكَبُوتِ: الآية ٦٩.
(٣) سُوْرَة يُوْنِسَ: الآية ٩.
(٤) سُوْرَة البَقَرَةِ: الآية ٢٦٤ وغيرها.
(٥) سُوْرَة التَّوْبَةِ: الآية ٣٧ وغيرها.

<<  <  ج: ص:  >  >>