للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{وَمَا كُنَّا مُهْلِكِي الْقُرَى إِلاَ وَأَهْلُهَا ظَالِمُونَ} ، أي: بتكذيب الرسل والعتو في الكفر " ((١)) .

وقال عطاء: " يريد بظلمهم أهلكتهم وظلمهم شركهم " ((٢)) .

وجاء في المحرر الوجيز " إن الله تعالى يقيم الحجة على عباده بالرسل فلا يعذب إلا بعد أن يتمادى أهل القرى في ظلم وطغيان، والظلم هنا يجمع الكفر والمعاصي والتقصير في الجهاد. وبالجملة وضع الباطل موضع الحق " ((٣)) .

والذي أراه أن المعنى الخاص بالظلم يشمل كفرهم بالله تعالى على ما يتضح من سياق النص.

ويثور هنا سؤالان أوردها الرازي رحمه الله:

السؤال الأول: لماذا ما أهلك الله الكفار قبل بعثة مُحَمَّد (- صلى الله عليه وسلم -) مع تمادي القوم في الكفر بالله تعالى، والتكذيب بمحمد (- صلى الله عليه وسلم -) ؟

السؤال الثاني: لماذا ما أهلكهم بعد مبعث مُحَمَّد (- صلى الله عليه وسلم -) مع تمادي القوم في الكفر بالله تعالى والتكذيب بمحمد (- صلى الله عليه وسلم -) ؟

فأجاب عن السؤال الأول بقوله: {وَمَا كَانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى حَتَّى يَبْعَثَ فِي أُمِّهَا رَسُولاً يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا} .

وحاصل الجواب أنه تعالى قدم بيان أن عدم البعثة يجري مجرى العذر للقوم، فوجب أن لا يجوز إهلاكهم إلا بعد البعثة.

وأجاب عن السؤال الثاني بقوله: {وَمَا كُنَّا مُهْلِكِي الْقُرَى إِلاَ وَأَهْلُهَا ظَالِمُونَ} أنفسهم بالشرك، وأهل مكة ليسوا كذلك، فإن بعضهم قد آمن وبعضهم علم الله منهم أنهم سيؤمنون، وبعض آخرون علم الله أنهم وإن لم يؤمنوا لكنه يخرج من نسلهم من يكون مؤمناً ((٤)) .


(١) أَنْوَارُ التَّنْزِيْل: ٢ /٢٢١.
(٢) الوسيط: ٣ /٤٠٤.
(٣) المحرر الوجيز: ١٢ /١٧٨.
(٤) ينظر مفاتيح الغيب: ١٣ /٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>