للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١. دل قوله تعالى: {إِنْ نَتَّبِعْ الْهُدَى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنَا} على أنهم لا ينكرون أنه الهدى، فإن أهل الجزيرة العربية بما اشتهروا به من فصاحة اللغة وحسن البيان أدركوا بفطرتهم أن الذي جاء به مُحَمَّد (- صلى الله عليه وسلم -) ليس من كلام البشر، ولا هو من سجع الكهان، ولا هو من السحر، ولكن ما منعهم من الإيمان به هو العصبية القبلية، والخشية من ذهاب السلطة الدينية والسياسية والإدارية عن مكة المكرمة.

فقد جاء فيما يرويه ابن هشام عن ابن إسحاق أن عتبة بن ربيعه قرا عليه الرسول (- صلى الله عليه وسلم -) سورة فصلت إلى أن وصل إلى قوله تعالى: {فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِّثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ} ((١)) ، فأمسك عتبة بفيه وناشده الرحم أن يكف عن القراءة، وذلك خوفاً مما تتضمنه الآية من تهديد. ثم عاد عتبة إلى أصحابه فقالوا: ما ورائك يا أبا الوليد؟ قال: ورائي إني سمعت قولاً ما سمعت بمثله قط، والله ما هو بالشعر ولا بالسحر ولا بالكهانة، يا معشر قريش أطيعوني وخلوا بين هذا الرجل وبين ما هو فيه، فو الله ليكون لقوله الذي سمعت منه نبأ عظيم ((٢)) .


(١) سُوْرَة فُصِّلَتِ: الآية ١٣.
(٢) الطبقات الكبرى. مُحَمَّد بن سَعَد بن مَنِيْع الزُّهْرِي البصري (كاتب الواقدي) أبو عَبْد الله. (١٦٨ ـ ٢٣٠) . قَدَّمَ لَهُ: د. إحسان عباس. دار صار بيروت ١٩٦٨ م.: ٥ /٤٣١. سيرة ابن هشام: ٢ /١٣١. الاعتقاد والهداية إلى سبيل الرشاد على مذهب السلف وأصحاب الحديث. أحمد بن الحسين البيهقي. (٣٨٤ ـ ٤٥٨) . تحقيق: أحمد عصام الكاتب. دار الآفاق الجديدة. بيروت. ط١. ١٤٠١ هـ.: ١ /٢٦٧. تفسير القرآن العظيم: ٤/ ٩٢. فقه السيرة: ص ٨٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>