للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{فَدَعَوْهُمْ} قال أبو حيان:"هذا لسخافة عقولهم في ذلك الموطن لا يجيبهم".

وقال ابن عاشور: " والدعاء دعاء الاستغاثة حسب زعمهم أنهم شفعاؤهم عند الله في الدنيا " ((١)) .

وقال الآلوسي: " لفرط الحيرة والإفلاس هناك طلب حقيقة الدعاء وقيل: دعوهم لضرورة الامتثال على أن هناك طلباً والغرض من طلب ذلك منهم تفضيحهم على رؤوس الأشهاد بدعاء من لا نفع له لنفسه " ((٢)) .

{فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ} قال أبو السعود: " ضرورة عدم قدرتهم على الاستجابة والنصرة " ((٣)) .

{وَرَأَوْا الْعَذَابَ لَوْ أَنَّهُمْ كَانُوا يَهْتَدُونَ} ، فكثير من المفسرين زعموا أن جواب (لو) محذوف وذكروا فيه وجوهاً:

أحدهما ـ قال الضحاك، ومقاتل: يعني المتبوع والتابع يرون العذاب لو أنهم كانوا يهتدون في الدنيا ما أبصروه في الآخرة.

ثانياً. لو أنهم كانوا مهتدين في الدنيا لعلموا أن العذاب حق.

ثالثاً. ودوا حين رأوا العذاب لو كانوا في الدنيا يهتدون.

رابعاً. لو كانوا يهتدون لوجه من وجوه الحيل لدفعوا به العذاب.

خامساً. قد آن لهم أن يهتدوا لو أنهم كانوا يهتدون إذ رأوا العذاب ((٤)) ، ويؤكد ذلك قوله تعالى: {لا يُؤْمِنُونَ بِهِ حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ} ((٥)) .

فإن المراد به ـ والله اعلم ـ أن المشركين حينما يرون العذاب في الآخرة، وأنه واقع بهم لا محالة، وحاصل كما ذكره الرسول (- صلى الله عليه وسلم -) لهم وحذرهم منه يتمنون لو أنهم كانوا مهتدين، ولات حين مناص، ولا يمكن أن يراد بالعذاب عذاب الدنيا كما قال ابن عاشور ((٦)) .


(١) التحرير والتنوير: ٢٠/١٦٠.
(٢) روح المعاني: ٢ /١٠١.
(٣) إرْشَاد العَقل السَّلِيم: ٧ /٢٢.
(٤) مفاتيح الغيب: ١٣/٩.
(٥) سُوْرَة الشُّعَرَاءِ: الآية ٢٠١.
(٦) التحرير والتنوير: ٢٠ /١٦٠- ١٦١.

<<  <  ج: ص:  >  >>