للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذلك لأننا إذا رجعنا قليلاً إلى الآيات التي قبل هذه، فكلها تتحدث عن يوم القيامة قال تعالى: {وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكَائِي الَّذِينَ كُنتُمْ تَزْعُمُونَ} ، أي: يوم القيامة يناديهم ثم ما يحصل من تبرأ بين الذين أتَبَعوا والذين أَتُبِعوا {رَبَّنَا هَؤُلاَءِ الَّذِينَ أَغْوَيْنَا أَغْوَيْنَاهُمْ كَمَا غَوَيْنَا تَبَرَّأْنَا إِلَيْكَ} ، ثم يسألهم الله ليوبخهم، ويبين لهم عدم قدرة من اتخذوهم آلهةً على نصرهم. فبعد أن سقطت كل حججهم، وتبين لهم كم كانوا على ضلال ورأوا العذاب، فتمنوا لو أنهم كانوا مهتدين مع من اهتدى.

{وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ مَاذَا أَجَبْتُمْ الْمُرْسَلِينَ} . قال القرطبي: " أي: يقول الله لهم ما كان جوابكم لمن أرسل إليكم من النبيين لما بلغوكم رسالاتي " ((١)) .

{فَعَمِيَتْ عَلَيْهِمْ الأَنْبَاءُ} . قال الماوردي: فيها وجهان:

" الوجه الأول ـ الحجج، قاله مجاهد.

الوجه الثاني ـ الأخبار، قاله السدي " ((٢)) .

وقال ابن الجوزي: " سميت أنباء لأنها أخبار يخبرها " ((٣)) .

{فَهُمْ لاَ يَتَسَاءَلُونَ} نقل القرطبي عدة آراء للعلماء في معناها:

قال الضحاك: لا يسأل بعضهم بعضاً عن الحجج، لأن الله أدحض حججهم.

وقال ابن عباس ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَما ـ: {لاَ يَتَسَاءَلُونَ} لا ينطقون بحجة.

وقيل: {لاَ يَتَسَاءَلُونَ} في تلك الساعة ولا يدرون ما يجيبون من هول تلك الساعة.

وقال مجاهد لا يتساءلون بالأنساب.

وحكى عيسى أنه لا يسأل بعضهم بعضاً أن يحمل من ذنوبه شيئاً (٤) .

والذي أراه في ذلك هو رأي ابْن عَبَّاس لصوابه ودلالته على الحجة.


(١) الجَامِع لأِحْكَام القُرْآن: ٦ /٥٠٢٠.
(٢) النُّكَت والعُيون: ٣/ ٢٣٥.
(٣) زَاد المَسِيْر: ٦/ ٢٣٦.
(٤) الجَامِع لأِحْكَام القُرْآن: ٦ /٥٠٢٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>