للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله تعالى: {تِلْكَ الدَّارُ الآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لاَ يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الأَرْضِ وَلاَ فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ} ((١)) . أوتيها قوم موسى فنبذوها وأوتيها أصحاب مُحَمَّد - صلى الله عليه وسلم - فحافظوا عليهما فجعلت الأرض لهم ديناً ودنيا على مر حضارتهم الزاهرة العظيمة في الماضي والحاضر والمستقبل.

أما قوله تعالى: {وَمَا كُنتَ تَرْجُو أَن يُلْقَى إِلَيْكَ الْكِتَابُ إِلاَّ رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ} ((٢)) فإنهما في خطابهما لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - دالة على صدقه فلو كان هذا القرآن من عنده - صلى الله عليه وسلم - لما خاطب نفسه هذه المخاطبة وهذا كذلك من الدلائل على المناسبة بين

الرسالتين.

ولا ريب في أننا واجدون من خلال القراءة التحليلية لسورة القصص إن هنالك أوجهاً عجيبة من الشبه النبوي بين سيدنا موسى - عليه السلام - وسيدنا مُحَمَّد - صلى الله عليه وسلم - من خلال تقصينا لحياتهما قبل النبوة وبعد النبوة وهو الأمر الذي تعده بعض التقديرات الإلهية انطلاقاُ من قوله تعالى (والله أعلم حيث يجعل رسالته) فالاصطفاء الإلهي هو بين الحالتين وهذا عين ما عبرت عنه سورة القصص في فاتحتها بقوله تعالى: {تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ} ((٣)) فالإشارة العامة للكتاب (أي كتاب إلهي كان) تجعل أفاق المقارنة والمشابهة مفتوحة من خلال التقصي لسيرتي النبيين الكريمين.


(١) سُوْرَة الْقَصَصِ: الآية ٨٣.
(٢) سُوْرَة الْقَصَصِ: الآية ٨٦.
(٣) سُوْرَة الْقَصَصِ: الآية ٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>