للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَمَّا يَمِينُ الْمُدَّعِي فَإِنْ كَانَتْ كَاذِبَةً فَلَا تَحِلُّ لَهُ فَضْلًا عَنْ أَنْ تَجِبَ وَإِنْ كَانَتْ صَادِقَةً فَإِنْ (كَانَ) مِمَّا يُبَاحُ بِالْإِبَاحَةِ فَالْأَوْلَى بِالْمُدَّعِي إذَا نَكَلَ أَنْ يُبِيحَ الْحَقَّ أَوْ يُبَرِّئَ ذِمَّتَهُ مِنْهُ دَفْعًا لِمَفْسَدَةِ أَضْرَارِ خَصْمِهِ بِالْبَاطِلِ.

وَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا يُبَاحُ بِالْإِبَاحَةِ وَيَعْلَمُ الْمُدَّعِي أَنَّ الْحَقَّ يُؤْخَذُ مِنْهُ إذَا نَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ لَزِمَهُ أَنْ يَحْلِفَ حِفْظًا لِمَا يَحْرُمُ قَبُولُهُ.

كَمَا إذَا ادَّعَتْ الزَّوْجَةُ الْبَيْنُونَةَ فَيُعْرَضُ الْيَمِينُ عَلَى الزَّوْجِ فَيُنْكِرُ وَيَنْكُلُ (فَيَلْزَمُهَا) الْحَلِفُ حِفْظًا لِبُضْعِهَا مِنْ الزِّنَى وَتَوَابِعِهِ مِنْ الْخَلْوَةِ وَغَيْرِهَا، وَكَذَلِكَ دَعْوَى الْأَمَةِ الْعِتْقَ وَإِنْكَارُ سَيِّدِهَا وَنُكُولِهِ فَيَلْزَمُهَا الْحَلِفُ وَنَظَائِرُهُ.

قِيلَ: هَلْ يَجُوزُ لِلْمُدَّعِي أَنْ يُطَالِبَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْيَمِينِ مَعَ عِلْمِهِ بِكَذِبِهِ (وَفُجُورِهِ) قُلْنَا: يَجُوزُ وَذَلِكَ مُسْتَثْنًى مِنْ قَاعِدَةِ تَحْرِيمِ طَلَبِ مَا لَا يَحِلُّ الْإِقْدَامُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّا (لَوْ) لَمْ نُجَوِّزْ ذَلِكَ لَبَطَلَتْ فَائِدَةُ الْأَيْمَانِ وَضَاعَ بِذَلِكَ الْحُقُوقُ؛ وَلِأَنَّهُ لَوْ حُرِّمَ لَمَا جَازَ لِلْحَاكِمِ أَنْ يَأْذَنَ لَهُ فِي تَحْلِيفِ خَصْمِهِ؛ لِأَنَّهُ مُعْتَرِفٌ بِأَنَّ خَصْمَهُ كَاذِبٌ فِي إنْكَارِهِ وَيَمِينِهِ

قُلْت: وَمِنْ السَّلَف مَنْ امْتَنَعَ عَنْ الْيَمِينِ الصَّادِقَةِ وَأَوْفَى الْحَقَّ خَشْيَةَ أَنْ يُصَادِفَ قَضَاءً فَيُقَالُ: إنَّهُ بِالْيَمِينِ وَلَمْ يَنْظُرْ إلَى مَفْسَدَةِ الْأَخْذِ بِإِعْطَائِهِ مَا لَا يَحِلُّ لَهُ.

الْخَامِسُ: الْيَمِينُ إذَا تَعَلَّقَتْ بِدَمٍ غُلِّظَتْ بِالْعَدَدِ فَتَكُونُ خَمْسِينَ يَمِينًا (كَمَا) نَصَّ عَلَيْهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>