للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اعْتِبَارَ بِهِ إذْ لَمْ يَنْوِ التَّجْدِيدَ، بَلْ نَوَى رَفْعَ الْحَدَثِ وَلَيْسَ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ مُحْدِثًا فَلَا يَصِحُّ، لِعَدَمِ جَزْمِ نِيَّتِهِ.

وَيَظْهَرُ تَصْوِيرُهُ فِيمَا إذَا قَالَ نَوَيْت رَفْعَ " الْحَدَثِ إنْ " كَانَ عَلَيَّ حَدَثٌ، فَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ حَدَثٌ ارْتَفَعَ، وَإِنْ لَمْ يَتَبَيَّنْ فَصَلَاتُهُ صَحِيحَةٌ، وَيُغْتَفَرُ التَّعْلِيقُ هُنَا، كَالْمُسَافِرِ إذَا نَوَى خَلْفَ مَنْ شَكَّ فِي " نِيَّةِ " الْقَصْرِ، فَقَالَ، إنْ قَصَرَ قَصَرْت.

الثَّالِثَةُ: إذَا نَسِيَ صَلَاةً مِنْ الْخَمْسِ وَلَمْ يَعْرِفْ عَيْنَهَا، فَإِنَّهُ يُصَلِّي الْخَمْسَ وَيَبْرَأُ مِمَّا عَلَيْهِ مَعَ الشَّكِّ فِي كُلِّ صَلَاةٍ، لِأَنَّهُ أَتَى بِهَا عَلَى وَجْهِ الِاحْتِيَاطِ.

قُلْت: فَلَوْ تَذَكَّرَ الْمَنْسِيَّةَ بَعْدَ ذَلِكَ فَقَالَ النَّوَوِيُّ لَمْ أَرَ فِيهَا نَقْلًا وَيَنْبَغِي أَنْ " يَتَخَرَّجَ " عَلَى الْوَجْهَيْنِ فِي وُضُوءِ الِاحْتِيَاطِ. انْتَهَى.

وَالظَّاهِرُ الْقَطْعُ بِعَدَمِ وُجُوبِ الْإِعَادَةِ وَبِهِ جَزَمَ صَاحِبُ الْبَحْرِ، وَالْفَرْقُ " بَيْنَهَا " وَبَيْنَ مَسْأَلَةِ الْحَدَثِ تَحَقُّقُ شَغْلِ الذِّمَّةِ، فَهُوَ جَازِمٌ " بِهِ " بِقَصْدِ الْبَرَاءَةِ، وَلَا طَرِيقَ إلَى مَعْرِفَةِ الْيَقِينِ حِينَئِذٍ، بِخِلَافِ صُورَةِ الشَّكِّ فِي الْحَدَثِ، فَإِنَّهُ لَيْسَ جَازِمًا بِالشَّغْلِ فَافْتَرَقَا.

وَقَوْلُنَا " وَلَا " لِامْتِثَالِ الْأَمْرِ " احْتِرَازًا " مِمَّا إذَا اجْتَهَدَ وَغَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ بِالِاجْتِهَادِ شَيْءٌ، فَإِنَّهُ يَجُوزُ تَعَاطِيهِ، وَإِنْ كَانَ " الشَّكُّ " بَعْدُ قَائِمًا لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِالْعَمَلِ بِمَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ.

نَعَمْ، إذَا تَيَقَّنَ الْخَطَأَ بَعْدَ ذَلِكَ وَجَبَ عَلَيْهِ التَّدَارُكُ وَمَتَى تَجَرَّدَ فِعْلُ الْعِبَادَةِ مَعَ الشَّكِّ " مِنْ " هَذَيْنِ الْقَيْدَيْنِ كَانَ غَيْرَ مُجْزِئٍ، كَمَا فِي الصُّوَرِ السَّابِقَةِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>