للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِلْمَحْكُومِ عَلَيْهِ فِي الْأَظْهَرِ؛ لِحُصُولِ الْحَيْلُولَةِ بِشَهَادَتِهِمْ وَالثَّانِي لَا لِأَنَّ الضَّمَانَ بِالْيَدِ أَوْ (بِالْإِتْلَافِ) ، وَلَمْ يُوجَدْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا، وَإِنْ أَتَوْا بِمَا يَقْتَضِي الْفَوَاتَ، كَمَنْ حَبَسَ الْمَالِكَ عَنْ مَاشِيَتِهِ حَتَّى ضَاعَتْ وَمَسَائِلُ الْحَيْلُولَةِ سَبَقَتْ فِي حَرْفِ الْحَاءِ.

وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الصَّيْرَفِيُّ فِي كِتَابِ الدَّلَائِلِ وَالْأَعْلَامِ: الْمَضْمُونَاتُ ضَرْبَانِ: أَحَدُهُمَا: بِالتَّعَدِّي وَمِنْهُ الْجِنَايَاتُ وَالْإِتْلَافَاتُ، وَالثَّانِي: بِالْمُرَاضَاةِ كَالْبُيُوعِ وَالضَّمَانِ.

وَالْأَوَّلُ يَسْتَوِي فِي إيجَابِ الضَّمَانِ فِيهِ الْعَمْدُ وَالْخَطَأُ؛ لِأَنَّ النِّسْيَانَ إنَّمَا يَسْقُطُ عَنْ الْإِنْسَانِ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِنَفْسِهِ لَا فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِغَيْرِهِ فَلَيْسَ عَلَى غَيْرِهِ نِسْيَانُهُ وَخَطَؤُهُ، وَلَوْلَا ذَلِكَ لَتَدَاعَى النَّاسُ (النِّسْيَانَ) وَتَسَاقَطَتْ الْحُقُوقُ إلَّا أَنَّ الْعَامِدَ يَغْرَمُ الْبَدَلَ، وَعَلَيْهِ الْإِثْمُ وَالْمُخْطِئُ لَا إثْمَ عَلَيْهِ، وَكَانَتْ حُرْمَةُ النُّفُوسِ فِي ذَلِكَ أَقْوَى مِنْ الْأَمْوَالِ فَوَجَبَ عَلَى الْقَاتِلِ خَطَأً الْكَفَّارَةُ، وَمَا تَحْمِلُهُ الْعَاقِلَةُ عَنْهُ لِأَوْلِيَاءِ الْمَقْتُولِ مِنْ الدِّيَةِ، وَعَلَى الْقَاتِلِ الْمُكَافِئِ (عَمْدًا) الْقِصَاصُ؛ لِيَكُفَّ عَنْ الْقَتْلِ وَيَقَعَ التَّحَفُّظُ (بِهِ) .

قَالَ (وَأَمَّا) الْقُرُوضُ وَالْعَوَارِيّ فَإِنَّمَا صَارَتْ مَضْمُونَةً، وَإِنْ سَمَحَ (بِهَا) صَاحِبُهَا، وَأَذِنَ فِيهَا؛ لِأَنَّ الْآخِذَ أَخَذَهُ لِمَنْفَعَةِ نَفْسِهِ بِغَيْرِ عِوَضٍ، وَالشَّيْءُ الَّذِي أُبِيحَ لَهُ هُوَ الْمَنْفَعَةُ فَلَمْ يَرْتَفِعْ ضَمَانُ الْعَيْنِ مِنْ أَجْلِ إبَاحَةِ الْمَنْفَعَةِ، قَالَ: وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْوَدِيعَةِ وَالْعَارِيَّةِ: أَنَّ الْمُودَعَ إنَّمَا يَدُهُ يَدُ الْمُودِعِ فَكَانَ حُكْمُهُ فِي الْيَدِ أَقْوَى مِنْ حُكْمِ الْوَكِيلِ الَّذِي يَأْخُذُ الْجُعْلَ عَلَى الْعَمَلِ بِأَمْرِ الْوَكِيلِ، وَمَتَى كَانَتْ الْيَدُ تَخْلُفُ يَدَ الْمَالِكِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، إلَّا أَنْ يَتَعَدَّى وَفَارَقَ الْمُسْتَأْجِرَ فِي ضَمَانِ الْعَيْنِ؛ لِأَخْذِهِ الْعِوَضَ عَلَى الْمَنْفَعَةِ، وَلَا سَبِيلَ لَهُ إلَى الِانْتِفَاعِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>