الدِّيَةِ، فَإِنَّ الْمُعْتَبَرَ إبِلُ بَلَدِ إقَامَةِ الْجَانِي لَا مَحَلُّ جِنَايَتِهِ.
وَلِهَذَا اعْتَبَرُوا بَلَدَ الْعَاقِلَةِ وَالْعَاقِلَةُ لَا جِنَايَةَ مِنْهُمْ، وَإِنَّمَا الْعِبْرَةُ بِمَحَلِّ إقَامَتِهِمْ، وَلِهَذَا قَالَ فِي الْمَطْلَبِ: إنَّ ذَلِكَ خَرَجَ عَنْ قِيَاسِ الْقَاعِدَةِ.
الرَّابِعَةُ: قَدْ يَكُونُ الْفِعْلُ مُبَاحًا وَهُوَ مَضْمُونٌ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا أُبِيحَ بِشَرْطِ سَلَامَةِ الْعَاقِبَةِ، وَذَلِكَ فِي التَّعْزِيرِ مِنْ الْمُتَيَقَّنِ.
وَمِنْهَا: أَكْلُ الْمُضْطَرِّ طَعَامَ الْغَيْرِ يُبَاحُ لَهُ وَيَضْمَنُ بَدَلَهُ، وَلِلْمُحْرِمِ ذَبْحُ الصَّيْدِ لِلِاضْطِرَارِ وَيَضْمَنُهُ، وَلَوْ نَصَبَ مِيزَابًا فَتَقَصَّفَ مِنْ الْخَارِجِ مِنْهُ شَيْءٌ، وَأَتْلَفَ إنْسَانًا تَجِبُ الدِّيَةُ مَعَ إنَّهُ يُبَاحُ لَهُ نَصْبُهُ.
وَلَوْ أَرْسَلَ سَهْمًا عَلَى حَرْبِيٍّ فَأَسْلَمَ ثُمَّ وَقَعَ السَّهْمُ فَقَتَلَهُ فَإِنَّهُ تَلْزَمُهُ دِيَةُ الْمُسْلِمِ، وَلَوْ سَقَطَتْ عَلَيْهِ جَرَّةٌ مِنْ سَطْحٍ فَكَسَرَهَا ضَمِنَهَا مَعَ أَنَّ لَهُ دَفْعَهَا.
وَقَدْ يَكُونُ الْفِعْلُ حَرَامًا وَلَا ضَمَانَ، كَقَوْلِهِ: اقْطَعْ يَدِي فَقَطَعَهَا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَكَذَا لَوْ قَالَ: اُقْتُلْنِي فَقَتَلَهُ فَلَا قِصَاصَ (وَلَا دِيَةَ) ، وَلَوْ غَصَبَ شَيْئًا مِمَّا يَخْتَصُّ بِهِ كَجِلْدِ مَيْتَةٍ أَوْ سِرْقِينٍ فَتَلِفَ فِي يَدِهِ فَلَا ضَمَانَ مَعَ أَنَّ فِعْلَهُ حَرَامٌ.
وَلَوْ كَانَ الْفِعْلُ سَبَبًا لِلْهَلَاكِ، كَمَا إذَا فَتَحَ زِقًّا فِيهِ مَائِعٌ فَانْصَبَّ مَا فِيهِ بِالرِّيحِ أَوْ (فَتَحَ) قَفَصًا عَنْ طَائِرٍ فَوَقَفَ ثُمَّ طَارَ فَإِنَّ الْفِعْلَ حَرَامٌ، وَلَا ضَمَانَ، وَكَذَلِكَ لَوْ وَضَعَ صَبِيًّا فِي مَسْبَعَةٍ فَأَكَلَهُ سَبُعٌ فَلَا ضَمَانَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute