للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَوْمَ تَقَعُ الْقِسْمَةُ فَقَسَّمْنَا الْغَلَّةَ بَيْنَهُمْ وَأَسْقَطْنَا مِنْهُمْ الْمَيِّتَ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمَيِّتُ مَاتَ مِنْهُمْ بَعْدَ مَا طَلَعَتْ الْغَلَّةُ قَبْلَ وَقْتِ الْقِسْمَةِ فَيَكُونُ سَهْمُهُ ذَلِكَ لِوَرَثَتِهِ اهـ.

كَلَامُ الْخَصَّافِ فَقَدْ صَرَّحَ بِخَطَأِ ذَلِكَ الْمُجِيبِ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ مُعْتَمِدًا عَلَى عَدَمِ بَيَانِ نَصِيبِ الْمَيِّتِ لِمَنْ يُصْرَفُ فِي نَصِّ الْوَاقِفِ فَلَا وَجْهَ لِتَخْصِيصِهِ بِنَصِيبِ الْمَيِّتِ أَحَدًا مِنْ الْمُسْتَحِقِّينَ وَإِنْ كَانَ مُعْتَمِدًا عَلَى بَيَانِ نَقْلٍ فَلَا وُجُودَ لَهُ وَأَمَّا خَطَؤُهُ عَقْلًا فَإِنَّهُ لَا يَتَوَهَّمُ أَحَدٌ أَنَّ الْعَمَلَ بِالتَّرْتِيبِ الْمُسْتَفَادِ مِنْ لَفْظَةِ ثُمَّ لَا يُوجِبُ اخْتِصَاصَ الْأَعْلَى مِنْ الْمُسْتَحِقِّينَ الْمُتَفَاوِتِينَ دَرَجَةً عُلْوِيَّةً وَسُفْلِيَّةً بِنَصِيبِ الْمَيِّتِ الَّذِي لَا فَرْعَ لَهُ دُونَ الْأَدْنَى دَرَجَةً لِأَنَّ التَّرْتِيبَ الْحَاصِلَ فِي نَصِّ هَذَا الْوَاقِفِ هُوَ مَنْعُ الْفَرْعِ الْمَحْجُوبِ بِأَصْلِهِ لَا غَيْرِهِ وَلَا قَائِلَ بِحِرْمَانِ مُسْتَحِقٍّ هُوَ أَسْفَلُ دَرَجَةً بِوُجُودِ مُسْتَحِقٍّ هُوَ أَعْلَى دَرَجَةً مِنْ نَصِيبِ مَيِّتٍ لَمْ يَشْتَرِطْ الْوَاقِفُ حَالَ نَصِيبِهِ لِأَنَّهُ يَرْجِعُ إلَى أَصْلِ الْغَلَّةِ وَالْأَسْفَلُ وَالْأَعْلَى فِيهَا سَوَاءٌ فِي الِاسْتِحْقَاقِ وَإِنْ تَفَاوَتَتْ الْأَنْصِبَاءُ وَقَدْ نَصَّ الْوَاقِفُ عَلَى إبْطَالِ التَّرْتِيبِ بِنَصِّهِ عَلَى صَرْفِ نَصِيبِ مَنْ مَاتَ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ لِلْأَقْرَبِ فَالْأَقْرَبِ إلَى الْمُتَوَفَّى وَلَعَلَّك تَقُولُ إنَّ الْأَقْرَبَ إلَى الْمُتَوَفَّى مَشْرُوطُ انْتِقَالِ نَصِيبِهِ إلَيْهِ بِوُجُودِ مُسَاوٍ لَهُ فِي طَبَقَتِهِ كَأَخٍ وَابْنِ عَمٍّ فَيَنْتَفِي الْمَشْرُوطُ بِانْتِفَاءِ شَرْطِهِ وَيَكُونُ مِنْ قَبِيلِ الِانْقِطَاعِ فَرَجَعْت إلَى الْعَمَلِ بِثُمَّ وَأَجْرَيْت التَّرْتِيبَ الَّذِي ذَكَرْته فَنَقُولُ فِي رَدِّهِ الطَّبَقَةَ تَكُونُ طَبَقَةَ اسْتِحْقَاقٍ جَعْلِيَّةً لَا طَبَقَةَ إرْثٍ نِسْبِيَّةً وَهُنَا كَذَلِكَ قَدْ اشْتَرَطَ الْوَاقِفُ تَقْدِيمَ الْأَقْرَبِ فَالْأَقْرَبِ إلَى الْمُتَوَفَّى وَالْأَقْرَبُ الْخَالُ لِابْنِ أُخْتِهِ وَالْعَمُّ وَالْعَمَّةُ لِابْنِ الْأَخِ هَذَا حَاصِلُ مَا ذَكَرَهُ الْعَلَّامَةُ الشُّرُنْبُلَالِيُّ وَمُلَخَّصُهُ أَنَّ الْوَاقِفَ حَيْثُ رَتَّبَ وَقْفَهُ بَيْنَ الطَّبَقَاتِ بِثُمَّ وَشَرَطَ عَوْدَ نَصِيبِ مَنْ مَاتَ عَقِيمًا إلَى مَنْ مَعَهُ مِنْ أَهْلِ دَرَجَتِهِ الْأَقْرَبِ فَالْأَقْرَبِ مِنْهُمْ وَلَمْ يُوجَدْ فِي دَرَجَةِ الْمُتَوَفَّى أَحَدٌ يَنْتَقِلُ نَصِيبُهُ إلَى الْأَقْرَبِ إلَيْهِ مِنْ أَيِّ دَرَجَةٍ كَانَتْ وَلَا يُلْغَى اشْتِرَاطُهُ الْأَقْرَبِيَّةَ وَإِنْ فُقِدَتْ الدَّرَجَةُ.

وَهَذَا مُوَافِقٌ لِمَا مَرَّ عَنْ الْخَلِيلِيِّ عَنْ ابْنِ حَجَرٍ وَمُخَالِفٌ لِمَا نَقَلَهُ الْمُؤَلِّفُ عَنْ الْجَمَاعَةِ الْمَذْكُورِينَ مِنْ أَهْلِ الْإِفْتَاءِ بِدِمَشْقَ الشَّامِ وَأَقُولُ أَيْضًا التَّحْقِيقُ خِلَافُ مَا أَطْلَقَهُ كُلٌّ مِنْ الْفَرِيقَيْنِ

فَأَلْقِ نَحْوَ مَا أَقُولُ السَّمْعَا ... وَاجْمَعْ حَوَاشِيَ الْكَلِمَاتِ جَمْعَا.

وَاعْلَمْ أَنَّ الْوَاقِفَ إذَا رَتَّبَ بَيْنَ الطَّبَقَاتِ الِاسْتِحْقَاقِيَّةِ وَجَعَلَ كُلَّ طَبَقَةٍ حَاجِبَةً لِلَّتِي تَلِيهَا ثُمَّ شَرَطَ أَنَّ مَنْ مَاتَ عَنْ وَلَدٍ فَنَصِيبُهُ لِوَلَدِهِ وَمَنْ مَاتَ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ فَنَصِيبُهُ لِمَنْ فِي دَرَجَتِهِ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ فِي ذَلِكَ فَقَدْ نَسَخَ بِهَذَا الشَّرْطِ عُمُومَ تَرْتِيبِهِ السَّابِقَ وَكَانَ هَذَا الشَّرْطُ بِمَنْزِلَةِ الِاسْتِثْنَاءِ فَكَأَنَّهُ قَالَ إنَّ الْوَقْفَ مُخْتَصٌّ بِالطَّبَقَةِ الْعُلْيَا ثُمَّ بِاَلَّتِي تَلِيهَا وَهَكَذَا إلَّا إذَا مَاتَ أَحَدٌ عَنْ وَلَدٍ فَنَصِيبُهُ لِوَلَدِهِ أَوْ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ فَنَصِيبُهُ لِمَنْ فِي دَرَجَتِهِ فَقَدْ أَدْخَلَ وَلَدَ الْمُتَوَفَّى أَوْ أَهْلَ دَرَجَتِهِ مَعَ الطَّبَقَةِ الْعُلْيَا فِي الِاسْتِحْقَاقِ نَاسِخًا عُمُومَ تَرْتِيبِهِ السَّابِقَ بِاسْتِثْنَائِهِ اللَّاحِقِ وَنَظِيرُهُ قَوْله تَعَالَى {فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلأُمِّهِ السُّدُسُ} [النساء: ١١] إذْ الْمَعْنَى وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ إلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ إخْوَةٌ فَإِذَا انْتَفَى أَنْ يَكُونَ لَهُ إخْوَةٌ كَانَ لَهَا الثُّلُثُ الْمَفْرُوضُ لَهَا عِنْدَ عَدَمِ فَرْعِ الْمَيِّتِ.

فَفِي مَسْأَلَتِنَا إذَا مَاتَ مَيِّتٌ لَا عَنْ وَلَدٍ وَلَيْسَ فِي دَرَجَتِهِ أَحَدٌ لَمْ يَكُنْ فِي كَلَامِ الْوَاقِفِ مَا يُخَالِفُ شَرْطَهُ السَّابِقَ فَيَبْقَى مَا شَرَطَهُ عَلَى حَالِهِ وَيُدْفَعُ نَصِيبُ الْمُتَوَفَّى الْمَذْكُورِ لِأَهْلِ الطَّبَقَةِ الْعُلْيَا وَمَنْ دَخَلَ مَعَهُمْ بِشَرْطِ الْوَاقِفِ وَيُقَسَّمُ كَبَاقِي غَلَّةِ الْوَقْفِ وَلَا يَخْتَصُّ بِذَلِكَ النَّصِيبِ الْأَقْرَبُ إلَى الْمُتَوَفَّى مِنْ الدَّرَجَةِ الْعُلْيَا أَوْ غَيْرِهَا حَيْثُ قُيِّدَ الْوَاقِفُ الْأَقْرَبُ بِكَوْنِهِ مِنْ أَهْلِ دَرَجَةِ الْمُتَوَفَّى لِأَنَّ الْوَاقِفَ لَمْ يُعْطِ نَصِيبَ الْمُتَوَفَّى لِمُطْلَقِ الْأَقْرَبِ بَلْ لِأَقْرَبَ خَاصٍّ فَإِعْطَاؤُهُ لِلْأَقْرَبِ مِنْ غَيْرِ دَرَجَتِهِ تَخْصِيصٌ لِكَلَامِ الْوَاقِفِ بِمَا لَيْسَ فِيهِ فَتَعَيَّنَ إلْغَاءُ الْأَقْرَبِيَّةِ حَيْثُ فُقِدَتْ الدَّرَجَةُ خِلَافًا لِمَا قَالَهُ الشُّرُنْبُلَالِيُّ ثُمَّ حَيْثُ لَغَتْ

<<  <  ج: ص:  >  >>