للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لِلْمُسْتَعِيرِ أَنْ يُودِعَ عِنْدَ مَشَايِخِ الطُّرُقِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُودِعَ وَبِالْأَوَّلِ أَخَذَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ وَالشَّيْخُ الْإِمَامُ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ مِنْ وَاقِعَاتِ اللَّامِشِيِّ وَلِلْمُسْتَعِيرِ أَنْ يُودِعَ عَلَى الْمُفْتَى بِهِ وَهُوَ الْمُخْتَارُ وَصَحَّحَ بَعْضُهُمْ عَدَمَهُ وَيَتَفَرَّعُ عَلَيْهِ مَا لَوْ أَرْسَلَهَا عَلَى يَدِ أَجْنَبِيٍّ فَهَلَكَتْ يَضْمَنُ عَلَى الثَّانِي لَا الْأَوَّلِ بَحْرٌ مِنْ الْعَارِيَّةِ فِي شَرْحِ قَوْلِهِ وَلَا يَرْهَنُ وَلَوْ رَدَّ الْعَارِيَّةَ مَعَ أَجْنَبِيٍّ يَضْمَنُ جَامِعُ الْفُصُولَيْنِ فِي ٣٣ أَنْقِرْوِيٌّ مِنْ أَوَّلِ الْعَارِيَّةِ وَقَالَ فِي هَامِشِهِ مِنْ هَذَا الْمَحَلِّ وَفِي الْعِمَادِيَّةِ وَبِالْأَوَّلِ أَخَذَ أَبُو اللَّيْثِ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى وَمِثْلُهُ فِي التَّبْيِينِ وَغَايَةِ الْبَيَانِ وَفِي الْمُحِيطِ وَهُوَ الْمُخْتَارُ وَفِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ وَهُوَ الصَّحِيحُ.

وَهَذَا الِاخْتِلَافُ فِيمَا يَمْلِكُ الْإِعَارَةَ وَأَمَّا فِيمَا لَا يَمْلِكُ الْإِعَارَةَ لَا يَمْلِكُ الْإِيدَاعَ (أَقُولُ) لِلْمُسْتَعِيرِ الْإِعَارَةُ فِي مَوْضِعَيْنِ الْأَوَّلُ إذَا اسْتَعَارَ مُطْلَقًا بِأَنْ لَمْ يُعَيِّنْ الْمُعِيرَ مُنْتَفَعًا سَوَاءٌ كَانَ مِمَّا يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْمُسْتَعْمِلِ كَاللُّبْسِ وَالرُّكُوبِ أَوْ لَا كَالْحَمْلِ عَلَى الدَّابَّةِ وَالِاسْتِخْدَامِ وَالسُّكْنَى وَالثَّانِي فِيمَا إذَا عَيَّنَ مُنْتَفَعًا وَكَانَتْ مِمَّا لَا يَخْتَلِفُ وَهَذَا عِنْدَ عَدَمِ النَّهْيِ فَلَوْ قَالَ لَا تَدْفَعْ لِغَيْرِك فَدَفَعَ فَهَلَكَ ضَمِنَ مُطْلَقًا كَمَا مَرَّ وَهَذَا أَيْضًا إذَا لَمْ يَسْتَعْمِلْهُ وَكَانَ مِمَّا يَخْتَلِفُ فَلَوْ اسْتَعْمَلَهُ فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُعِيرَ وَلَوْ اسْتِعَارَةً مُطْلَقَةً لِتَعَيُّنِهِ وَكَذَا لَوْ فَرَغَ مِنْ الْعَمَلِ الَّذِي اسْتَعَارَهَا لَهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ الْإِعَارَةُ مُطْلَقًا لِبَقَائِهِ مُودَعًا وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يَمْلِكُ الْإِعَارَةَ فِيمَا لَا يَخْتَلِفُ فِي الْمُطْلَقَةِ وَالْمُقَيَّدَةِ وَأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ الْإِعَارَةُ إذَا فَرَغَ فِيمَا يَخْتَلِفُ وَغَيْرُهُ وَكَذَا لَيْسَ لَهُ الْإِعَارَةُ فِيمَا يَخْتَلِفُ وَكَانَتْ مُقَيَّدَةً وَكَذَا لَوْ اسْتَعْمَلَ مَا يَخْتَلِفُ وَلَوْ فِي الْمُطْلَقَةِ وَكَذَا لَوْ نَهَاهُ عَنْ الدَّفْعِ إلَى غَيْرِهِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ فَفِي هَذِهِ الْمَوَاضِعِ الَّتِي لَا يَمْلِكُ فِيهَا الْإِعَارَةَ لَا يَمْلِكُ الْإِيدَاعَ بِلَا خِلَافٍ وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِيمَا يَمْلِكُ الْإِعَارَةَ هَلْ يَمْلِكُ الْإِيدَاعَ قِيلَ نَعَمْ؛ لِأَنَّ الْوَدِيعَةَ أَدْنَى حَالًا مِنْ الْإِعَارَةِ؛ لِأَنَّهَا حِفْظٌ بِدُونِ انْتِفَاعٍ فَإِذَا مَلَكَ الْأَعْلَى مَلَكَ الْأَدْنَى وَقِيلَ لَا؛ لِأَنَّهُ أَمَانَةٌ وَلَيْسَ لِلْأَمِينِ أَنْ يُودِعَ ابْتِدَاءً وَإِنَّمَا مَلَكَ الْإِعَارَةَ؛ لِأَنَّهُ مَأْذُونٌ بِذَلِكَ لِإِطْلَاقِ الْإِذْنِ بِالِانْتِفَاعِ مِنْ الْمُعِيرِ وَصَحَّحَ هَذَا الْقَوْلَ فِي النِّهَايَةِ كَمَا نَقَلَهُ فِي التَّتَارْخَانِيَّةِ ثُمَّ هَذَا كُلُّهُ إذَا هَلَكَ الْمُسْتَعَارُ قَبْلَ تَسْلِيمِهِ إلَى مَالِكِهِ سَلِيمًا أَمَّا لَوْ هَلَكَ بَعْدَهُ فَلَا كَلَامَ فِي عَدَمِ الضَّمَانِ وَمِثْلُهُ مَا فِي السُّؤَالِ فَإِنَّهُ قَدْ يُسَلِّمُ الدَّابَّةَ إلَى عَبْدِ الْمَالِكِ الْمَأْذُونِ لَهُ بِذَلِكَ فَلَا حَاجَةَ إلَى بِنَاءِ عَدَمِ الضَّمَانِ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الْمُسْتَعِيرَ لَهُ أَنْ يُودِعَ كَمَا لَا يَخْفَى فَافْهَمْ.

(سُئِلَ) فِي الْمُعِيرِ إذَا طَلَبَ الْعَارِيَّةَ مِنْ الْمُسْتَعِيرِ مِرَارًا فَفَرَّطَ حَتَّى هَلَكَتْ فِي يَدِهِ وَلَمْ يَكُنْ عَاجِزًا عَنْ الدَّفْعِ بَعْدَ الطَّلَبِ فَهَلْ يَضْمَنُهَا؟

(الْجَوَابُ) : نَعَمْ يَضْمَنُ حَيْثُ الْحَالُ مَا ذُكِرَ

[كِتَابُ الْهِبَةِ]

(كِتَابُ الْهِبَةِ) (سُئِلَ) فِيمَا إذَا دَفَعَتْ هِنْدٌ لِزَيْدٍ مَبْلَغًا مَعْلُومًا مِنْ الدَّرَاهِمِ عَلَى سَبِيلِ الْقَرْضِ فَطَالَبَتْهُ بِالْمَبْلَغِ الْمَزْبُورِ فَقَالَ إنَّك دَفَعْته لِي هِبَةً وَقَالَتْ بَلْ قَرْضًا فَهَلْ يَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَهَا بِيَمِينِهَا فِي ذَلِكَ وَعَلَيْهِ رَدُّ مِثْلِ الْقَرْضِ الْمَزْبُورِ؟

(الْجَوَابُ) : نَعَمْ دَفَعَ لِآخَرَ عَيْنًا ثُمَّ اخْتَلَفَا فَقَالَ الدَّافِعُ قَرْضٌ وَقَالَ الْآخَرُ هَدِيَّةٌ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الدَّافِعِ كَذَا فِي الْقَوْلِ لِمَنْ عَنْ الْبَزَّازِيَّةُ وَمِثْلُهُ فِي الْخَانِيَّةِ دَفَعَ إلَيْهِ دَرَاهِمَ فَقَالَ أَنْفِقْهَا فَفَعَلَ فَهُوَ قَرْضٌ كَمَا لَوْ قَالَ اصْرِفْهَا إلَى حَوَائِجِك وَلَوْ دَفَعَ إلَيْهِ ثَوْبًا وَقَالَ اكْتَسِ بِهِ فَفَعَلَ يَكُونُ هِبَةً؛ لِأَنَّ قَرْضَ الثَّوْبِ بَاطِلٌ لِسَانُ الْحُكَّامِ مِنْ الْهِبَةِ.

(سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ ثُلُثُ بُسْتَانٍ مَعْلُومٍ جَارٍ فِي مِلْكِهِ عَلَى سَبِيلِ الشُّيُوعِ أَرْضًا وَغِرَاسًا فَوَهَبَهُ مِنْ أَوْلَادِهِ الثَّلَاثَةِ الْقَاصِرِينَ مِنْ غَيْرِ قِسْمَةٍ وَالْبُسْتَانُ يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ ثُمَّ بَاعَ زَيْدٌ مَعَ بَقِيَّةِ شُرَكَائِهِ جَمِيعَ الْبُسْتَانِ مِنْ رَجُلٍ فَهَلْ تَكُونُ الْهِبَةُ فَاسِدَةً وَالْبَيْعُ نَافِذًا؟

(الْجَوَابُ) : هِبَةُ الْمُشَاعِ فِيمَا يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ

<<  <  ج: ص:  >  >>