فِيهَا غِرَاسًا عَلَى أَنَّ مَا يَحْصُلُ مِنْ الْأَغْرَاسِ وَالثِّمَارِ يَكُونُ بَيْنَهُمَا جَازَ. اهـ. وَمِثْلُهُ فِي كَثِيرٍ مِنْ الْكُتُبِ فَتَصْرِيحُهُمْ بِضَرْبِ الْمُدَّةِ صَرِيحٌ فِي فَسَادِهَا بِعَدَمِهِ وَوَجْهُ فَسَادِهَا بِذَلِكَ أَنَّهُ لَيْسَ لِإِدْرَاكِ الثِّمَارِ وَالْحَالَةُ هَذِهِ مُدَّةٌ مَعْلُومَةٌ إلَخْ خَيْرِيَّةٌ مِنْ الْوَقْفِ (أَقُولُ) وَسَيَأْتِي تَمَامُ الْكَلَامِ عَلَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي آخِرِ الْمُسَاقَاةِ.
[كِتَابُ الْمُسَاقَاةِ]
(كِتَابُ الْمُسَاقَاةِ) (سُئِلَ) فِي غِرَاسِ بُسْتَانٍ جَارٍ ثُلُثُهُ فِي مِلْكِ جَمَاعَةٍ فَعَمِلَ رَجُلٌ مِنْهُمْ فِي الثُّلُثِ الْمَزْبُورِ حَتَّى أَثْمَرَ وَيُرِيدُ مُطَالَبَةَ بَقِيَّةِ الْجَمَاعَةِ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَرَةِ نَظِيرَ عَمَلِهِ أَوْ يَدْفَعُوا لَهُ أَجْرَ مِثْلِ عَمَلِهِ فَهَلْ لَا شَيْءَ لَهُ مِنْ ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ) : نَعَمْ أَمَّا عَدَمُ اسْتِحْقَاقِهِ الْأُجْرَةَ فَلِأَنَّهُ عَمِلَ فِي الْمُشْتَرَكِ قَالَ فِي التَّنْوِيرِ وَشَرْحِهِ الْمِنَحِ مِنْ الْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ وَلَوْ اسْتَأْجَرَهُ لِحَمْلِ طَعَامٍ بَيْنَهُمَا فَلَا أَجْرَ لَهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَعْمَلُ شَيْئًا لِشَرِيكِهِ إلَّا وَيَقَعُ بَعْضُهُ لِنَفْسِهِ فَلَا يَسْتَحِقُّ الْأَجْرَ. اهـ. وَأَمَّا عَدَمُ اسْتِحْقَاقِهِ حِصَّةً مِنْ الثَّمَرَةِ فَلِأَنَّهُ يَكُونُ مِنْ بَابِ مُسَاقَاةِ الشَّرِيكِ وَمُسَاقَاةُ الشَّرِيكِ غَيْرُ جَائِزَةٍ كَمَا فِي الْمِنَحِ عَنْ الْمُجْتَبَى وَأَفْتَى بِهِ الرَّمْلِيُّ (أَقُولُ) وَهَذَا كُلُّهُ حَيْثُ جَرَى عَقْدُ مُسَاقَاةٍ أَوْ إجَارَةٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ شُرَكَائِهِ وَإِلَّا فَالْأَمْرُ أَظْهَرُ.
(سُئِلَ) فِي غِرَاسِ كَرْمٍ جَارٍ فِي وَقْفٍ عَلَى هِنْدٍ النَّاظِرَةِ عَلَيْهِ قَائِمٍ بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ فِي أَرْضٍ جَارِيَةٍ فِي وَقْفٍ آخَرَ فَدَفَعَتْهُ لِزَيْدٍ مُسَاقَاةً عَلَى أَنْ يَعْمَلَ عَلَيْهِ فِي مُدَّةِ كَذَا بِسَهْمٍ مِنْ مِائَةِ سَهْمٍ لِجِهَةِ الْوَقْفِ وَالْبَاقِي لَهُ نَظِيرَ عَمَلِهِ وَلَيْسَ فِي ذَلِكَ حَظٌّ وَلَا مَصْلَحَةٌ لِلْوَقْفِ بَلْ فِي ذَلِكَ غَبْنٌ فَاحِشٌ عَلَى الْوَقْفِ فَهَلْ تَكُونُ الْمُسَاقَاةُ غَيْرَ صَحِيحَةٍ؟
(الْجَوَابُ) : نَعَمْ قَالَ فِي الدُّرِّ الْمُخْتَارِ مِنْ كِتَابِ الْإِجَارَةِ مَا نَصُّهُ وَأَفَادَ فَسَادَ مَا يَقَعُ كَثِيرًا مِنْ أَخْذِ كَرْمِ الْوَقْفِ أَوْ الْيَتِيمِ مُسَاقَاةً فَيَسْتَأْجِرُ أَرْضَهُ الْخَالِيَةَ مِنْ الْأَشْجَارِ بِمَبْلَغٍ كَثِيرٍ وَيُسَاقِي عَلَى أَشْجَارِهِ بِسَهْمٍ مِنْ أَلْفِ سَهْمٍ فَالْحَظُّ ظَاهِرٌ فِي الْإِجَارَةِ لَا فِي الْمُسَاقَاةِ فَمُفَادُهُ فَسَادُ الْمُسَاقَاةِ بِالْأَوْلَى؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا عَقْدٌ عَلَى حِدَةٍ. اهـ.
(سُئِلَ) فِي بُسْتَانٍ مُشْتَمِلٍ عَلَى غِرَاسٍ مُتَنَوِّعٍ مِنْ جُمْلَتِهِ غِرَاسُ تُوتٍ لَا يُنْتَفَعُ بِسِوَى وَرَقِهِ لِأَجْلِ طَعَامِ الدُّودِ جَارٍ ثُلُثُ جَمِيعِ الْغِرَاسِ فِي مِلْكِ زَيْدٍ وَثُلُثَاهُ مَعَ جَمِيعِ أَرْضِ الْبُسْتَانِ فِي وَقْفٍ أَهْلِيٍّ وَفِي تَوَاجُرِ وَمُسَاقَاةِ زَيْدٍ الْمَزْبُورِ مِنْ نَاظِرِ الْوَقْفِ فَقَطَعَ زَيْدٌ قُضْبَانَ التُّوتِ وَأَخَذَ وَرَقَهَا وَأَطْعَمَهُ لِدُودِهِ وَيُرِيدُ أَنْ يَأْخُذَ جَمِيعَ الْقُضْبَانِ وَيَتَصَرَّفَ بِهَا لِنَفْسِهِ بِدُونِ وَجْهٍ شَرْعِيٍّ زَاعِمًا أَنَّهَا تَكُونُ لَهُ لِكَوْنِ شَجَرِهَا فِي مُسَاقَاتِهِ فَهَلْ تَكُونُ الْقُضْبَانُ لَهُ وَلِجِهَةِ الْوَقْفِ بِحَسَبِ الْحِصَصِ وَلَا عِبْرَةَ بِزَعْمِهِ؟
(الْجَوَابُ) : نَعَمْ؛ لِأَنَّ الْمُسَاقَاةَ دَفْعُ الشَّجَرِ وَالْكَرْمِ إلَى مَنْ يُصْلِحُهُ بِجُزْءٍ مَعْلُومٍ مِنْ ثَمَرِهِ كَمَا فِي الْمُلْتَقَى وَغَيْرِهِ وَالْقُضْبَانُ لَيْسَتْ بِثَمَرَةٍ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَبِمِثْلِهِ أَفْتَى مُفْتِي الشَّافِعِيَّةِ الشَّيْخُ أَحْمَدُ الْغَزِّيُّ
(أَقُولُ) الْمُرَادُ مِنْ الثَّمَرَةِ مَا يَتَوَلَّدُ مِنْ الشَّجَرِ فَيَتَنَاوَلُ الرَّطْبَةَ وَغَيْرَهَا كَمَا فِي الْقُهُسْتَانِيِّ وَلِذَا كَانَ الْمُرَادُ بِالشَّجَرِ مَا يَعُمُّ الْمُثْمِرَ وَغَيْرَهُ كَالْحَوَرِ وَالصَّفْصَافِ، وَإِنْ قَالَ فِي الدُّرِّ الْمُخْتَارِ لَمْ أَرَهُ فَقَدْ رَأَيْتُهُ مَنْقُولًا فَفِي الْبَزَّازِيَّةِ يَجُوزُ دَفْعُ شَجَرِ الْحَوَرِ مُعَامَلَةً لِاحْتِيَاجِهِ إلَى السَّقْيِ وَالْحِفْظِ حَتَّى لَوْ لَمْ يَحْتَجْ لَا يَجُوزُ. اهـ.
وَفِيهَا أَيْضًا مُعَامَلَةُ الْغَيْطَةِ لِأَجْلِ السَّعَفِ وَالْحَطَبِ جَائِزَةٌ كَمُعَامَلَةِ أَشْجَارِ الْخِلَافِ. اهـ. وَالْخِلَافُ بِالْكَسْرِ وَالتَّخْفِيفِ ضِدُّ الْوِفَاقِ وَنَوْعٌ مِنْ الصَّفْصَافِ فَهَذَا صَرِيحٌ فِي صِحَّةِ الْمُسَاقَاةِ عَلَى أَجْزَاءِ الشَّجَرِ لَكِنْ هَذَا حَيْثُ كَانَتْ هِيَ الْمَقْصُودَةَ مِنْ عَقْدِ الْمُسَاقَاةِ أَمَّا لَوْ كَانَ الْمَقْصُودُ غَيْرَهَا كَالثَّمَرِ أَوْ الْوَرَقِ فَلَا يَجُوزُ لَهُ أَخْذُ شَيْءٍ مِنْ أَجْزَاءِ الشَّجَرَةِ لِمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ أَيْضًا وَلَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَكْسِرَ شَيْئًا مِنْ الْأَغْصَانِ وَالْقُضْبَانِ وَالدَّعَائِمِ وَالْعَرِيشِ لِطَبْخِ الْقِدْرِ