جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ عِبَارَةً طَوِيلَةً عَنْ زَوَاهِرِ الْجَوَاهِرِ عَلَى الْأَشْبَاهِ وَالنَّظَائِرِ حَاصِلُهَا أَنَّهُ هَلْ الْمُرَادُ بِذَلِكَ الْأَصْلِ أَنْ يَكُونَ الْعَقْدُ قَابِلًا لِلْإِجَازَةِ شَرْعًا حَتَّى لَوْ زَوَّجَتْ الصَّغِيرَةُ نَفْسَهَا وَلَا وَلِيَّ لَهَا مِنْ كُفْءٍ وَبِمَهْرِ الْمِثْلِ يَتَوَقَّفُ عَلَى إجَازَتِهَا بَعْدَ بُلُوغِهَا أَوْ الْمُرَادُ وُجُودُ وَلِيٍّ يَمْلِكُ الْإِجَازَةَ وَقْتَ الْعَقْدِ، وَقَعَ كَلَامٌ بَيْنَ بَعْضِ الْأَفَاضِلِ الْحَنَفِيَّةِ فِي ذَلِكَ فِي عَصْرِنَا فَذَهَبَ بَعْضٌ إلَى الْأَوَّلِ وَبَعْضٌ إلَى الثَّانِي ثُمَّ اسْتَشْهَدَ لِكُلٍّ مِنْ الْفَرِيقَيْنِ ثُمَّ نَقَلَ عِبَارَةً عَنْ الْخَانِيَّةِ.
وَقَالَ: إنَّهَا تُفِيدُ أَنَّ الْمُرَادَ مَا هُوَ أَعَمُّ مِنْهَا وَلَمْ يُحَرِّرْ الْمَقَامَ وَقَدْ عَلِمْت تَحْرِيرَهُ بِعَوْنِ الْمَلِكِ الْعَلَّامِ وَأَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ الْأَوَّلَ لِأَنَّ كَوْنَ الْعَقْدِ قَابِلًا لِلْإِجَازَةِ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ شَرْطٍ آخَرَ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ لَهُ مُجِيزٌ وَقْتَ صُدُورِهِ مِنْ وَلِيٍّ خَاصٍّ أَوْ عَامٍّ كَالْقَاضِي حَتَّى لَوْ لَمْ يَكُنْ فِي وَلَايَةِ قَاضٍ كَمَا لَوْ زَوَّجَ الصَّغِيرُ نَفْسَهُ فِي دَارِ الْحَرْبِ مَثَلًا بِمَهْرِ الْمِثْلِ لَمْ يَتَوَقَّفْ عَلَى إجَازَتِهِ لِأَنَّ هَذَا الْعَقْدَ وَإِنْ كَانَ قَابِلًا لِلْإِجَازَةِ لَكِنَّهُ لَا مُجِيزَ لَهُ وَقْتَ صُدُورِهِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ الثَّانِيَ أَيْضًا إنْ كَانَ مُرَادُهُ الْوَلِيَّ الْخَاصَّ كَمَا يَتَبَادَرُ مِنْ عِبَارَةِ زَوَاهِرِ الْجَوَاهِرِ بَلْ الْمُرَادُ بِالْوَلِيِّ مَا يَشْمَلُ الْقَاضِيَ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ الْعَقْدُ قَابِلًا لِلْإِجَازَةِ كَمَا عَلِمْتَ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَيْضًا مَا هُوَ أَعَمُّ مِنْ الِاحْتِمَالَيْنِ وَلَيْسَ فِي كَلَامِ الْخَانِيَّةِ مَا يُفِيدُهُ بَلْ فِيهِ مَا يَدُلُّ عَلَى مَا قَرَّرْنَاهُ وَعِبَارَةُ الْخَانِيَّةِ هَكَذَا صَبِيٌّ تَزَوَّجَ بَالِغَةً ثُمَّ غَابَ فَلَمَّا حَضَرَ تَزَوَّجَتْ الْمَرْأَةُ بِآخَرَ وَقَدْ كَانَ الصَّبِيُّ أَجَازَ بَعْدَ بُلُوغِهِ النِّكَاحَ الَّذِي بَاشَرَهُ فِي الصِّغَرِ فَإِنْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ تَزَوَّجَتْ آخَرَ قَبْلَ إجَازَةِ الصَّبِيِّ جَازَ الثَّانِي لِأَنَّهَا تَمْلِكُ الْفَسْخَ قَبْلَ إجَازَةِ الصَّغِيرِ وَإِنْ كَانَ النِّكَاحُ الثَّانِيَ بَعْدَ إجَازَةِ الصَّغِيرِ يُنْظَرُ إنْ كَانَ النِّكَاحُ فِي الصِّغَرِ بِمَهْرِ الْمِثْلِ أَوْ بِمَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِي مِثْلِهِ يَجُوزُ النِّكَاحُ لِأَنَّهُ كَانَ مَوْقُوفًا فَيَنْفُذُ بِإِجَازَةِ الصَّبِيِّ بَعْدَ الْبُلُوغِ وَإِنْ كَانَ بِمَهْرٍ كَثِيرٍ لَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِيهِ وَلِلصَّغِيرِ أَبٌ أَوْ جَدٌّ.
فَكَذَلِكَ لِأَنَّهُمَا يَمْلِكَانِ النِّكَاحَ عَلَيْهِ بِمَهْرٍ كَثِيرٍ فَيَتَوَقَّفُ عَقْدُ الصَّغِيرِ عَلَى إجَازَتِهِمَا فَيَنْفُذُ بِالْإِجَازَةِ بَعْدَ الْبُلُوغِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلصَّغِيرِ أَبٌ أَوْ جَدٌّ جَازَ النِّكَاحُ الثَّانِي مِنْ الْمَرْأَةِ لِأَنَّ عَقْدَ الصَّغِيرِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ لَمْ يَتَوَقَّفْ فَلَا تَلْحَقُهُ الْإِجَازَةُ اهـ. وَقَوْلُهُ لَمْ يَتَوَقَّفْ أَيْ وَإِنْ كَانَ تَحْتَ وَلَايَةِ قَاضٍ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ تَزْوِيجَ الصَّغِيرِ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ إلَّا الْأَبُ وَالْجَدُّ فَلَا يَمْلِكُهُ الْقَاضِي فَيَكُونُ لَا مُجِيزَ لَهُ فَلَا يَتَوَقَّفُ فَيَجُوزُ النِّكَاحُ الثَّانِي مِنْ الْمَرْأَةِ، وَنُقِلَ فِي زَوَاهِرِ الْجَوَاهِرِ عَنْ فَتْحِ الْقَدِيرِ مَا نَصُّهُ " فَعَلَى هَذَا قَوْلُهُ: وَلَا مُجِيزَ لَهُ أَيْ مَا لَيْسَ لَهُ مَنْ يَقْدِرُ عَلَى الْإِجَازَةِ يَبْطُلُ كَمَا إذَا كَانَ تَحْتَهُ أَيْ تَحْتَ رَجُلٍ حُرَّةٌ وَزَوَّجَهُ الْفُضُولِيُّ أَمَةً أَوْ أُخْتَ امْرَأَتِهِ أَوْ خَامِسَةً أَوْ مُعْتَدَّةً أَوْ مَجْنُونَةً أَوْ صَغِيرَةً يَتِيمَةً فِي دَارِ الْحَرْبِ إذَا لَمْ يَكُنْ سُلْطَانٌ وَلَا قَاضٍ لَا يَتَوَقَّفُ لِعَدَمِ الْمُجِيزِ الَّذِي يَقْدِرُ عَلَى الْإِمْضَاءِ حَالَةَ الْعَقْدِ لِأَنَّ دَارَ الْحَرْبِ لَيْسَ بِهَا مُسْلِمٌ لَهُ وَلَايَةُ حُكْمٍ لِيُمْكِنَ تَزْوِيجُهُ الْيَتِيمَةَ فَكَانَ كَالْمَكَانِ الَّذِي فِي دَارِ الْإِسْلَامِ لَيْسَ لَهُ حَاكِمٌ وَلَا سُلْطَانٌ فَإِنَّهُ أَيْضًا يَتَعَذَّرُ تَزْوِيجُ الصِّغَارِ فِيهِ اللَّاتِي لَا عَاصِبَ لَهُنَّ فَوَقَعَ بَاطِلًا حَتَّى لَوْ زَالَ الْمَانِعُ بِمَوْتِ امْرَأَتِهِ السَّابِقَةِ وَانْقِضَاءِ عِدَّةِ الْمُعْتَدَّةِ فَأَجَازَ لَا يَنْفُذُ أَمَّا إذَا كَانَ فَيَجِبُ أَنْ يَتَوَقَّفَ لِوُجُودِ مَنْ يَقْدِرُ عَلَى الْإِمْضَاءِ اهـ ".
وَقَوْلُهُ: أَمَّا إذَا كَانَ أَيْ وُجِدَ سُلْطَانٌ أَوْ قَاضٍ صَرِيحٌ أَيْضًا فِيمَا قُلْنَاهُ مِنْ أَنَّ مُرَادَهُمْ بِالْمُجِيزِ مَنْ لَهُ وَلَايَةُ إمْضَاءِ ذَلِكَ الْعَقْدِ مَعَ قَبُولِ ذَلِكَ الْعَقْدِ لِلْإِمْضَاءِ فِي نَفْسِهِ فَاغْتَنِمْ هَذَا التَّحْرِيرَ الْعَدِيمَ النَّظِيرِ فَإِنَّك لَا تَكَادُ فِي غَيْرِ هَذَا الْكِتَابِ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.
[كِتَابُ الْغَصْبِ]
ِ (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ غَصَبَ فَرَسًا وَبَاعَهَا مِنْ آخَرَ وَمَاتَتْ عِنْدَ الْمُشْتَرِي وَلَمْ يُجِزْ الْمَالِكُ الْبَيْعَ وَيُرِيدُ الرُّجُوعَ عَلَى الْغَاصِبِ بِقَدْرِ ثَمَنِهَا الَّذِي كَانَ اشْتَرَاهَا بِهِ زَاعِمًا أَنَّ لَهُ ذَلِكَ وَيُرِيدُ الْغَاصِبُ دَفْعَ قِيمَتِهَا لَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute