بِشَيْءٍ مِنْ الْمَالِ؛ لِأَنَّهُ أَعْطَى بِاخْتِيَارِهِ إلَى مَنْ لَا حَقَّ لَهُ فِيهِ فَيَضْمَنُهُ كَمَا لَوْ أَتْلَفَهُ أَوْ أَعْطَى الْأَجْنَبِيَّ قَالَ مَشَايِخُنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى فِي زَمَانِنَا لَا ضَمَانَ عَلَى الْمُضَارِبِ فِيمَا يُعْطِي مِنْ مَالِ الْمُضَارَبَةِ إلَى سُلْطَانٍ طَمِعَ فِي أَخْذِهِ غَصْبًا وَكَذَا الْوَصِيُّ؛ لِأَنَّهُمَا قَصَدَا الْإِصْلَاحَ إذْ إعْطَاءُ الْبَعْضِ لِتَخْلِيصِ الْكُلِّ جَائِزٌ وَأَصْلُهُ قَلْعُ الْخَضِرِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لَوْحَ السَّفِينَةِ مَخَافَةَ ظَالِمٍ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ صَالِحَةٍ غَصْبًا فَأَشْبَهَ مَا لَوْ وَقَعَ فِي بَيْتِهِ حَرِيقٌ فَنَاوَلَ الْوَدِيعَةَ إلَى أَجْنَبِيٍّ لَا يَضْمَنُ بَزَّازِيَّةٌ وَصِيٌّ مَرَّ بِمَالِ الْيَتِيمِ عَلَى جَائِرٍ وَهُوَ يَخَافُ أَنَّهُ إنْ لَمْ يَبِرَّهُ يَنْزِعْ الْمَالَ مِنْ يَدِهِ فَبَرَّهُ بِمَالِ الْيَتِيمِ قَالَ بَعْضُهُمْ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَكَذَا الْمُضَارِبُ إذَا مَرَّ بِالْمَالِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ الْإِسْكَافُ لَيْسَ هَذَا قَوْلَ أَصْحَابِنَا وَإِنَّمَا هُوَ قَوْلُ مُحَمَّدِ بْنِ سَلَمَةَ وَهُوَ اسْتِحْسَانٌ وَعَنْ الْفَقِيهِ أَبِي اللَّيْثِ أَنَّهُ كَانَ يُجَوِّزُ لِلْأَوْصِيَاءِ الْمُصَانَعَةَ فِي أَمْوَالِ الْيَتَامَى وَاخْتِيَارُ ابْنِ سَلَمَةَ مُوَافِقٌ لِقَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَبِهِ يُفْتَى وَإِلَيْهِ الْإِشَارَةُ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى أَمَّا السَّفِينَةُ إلَخْ خَانِيَّةٌ مِنْ فَصْلِ تَصَرُّفَاتِ الْوَصِيِّ فِي مَالِ الْيَتِيمِ وَأَكْثَرُ الْمَشَايِخِ أَخَذُوا بِهَذَا الْقَوْلِ خُلَاصَةٌ فِي الْفَصْلِ الثَّامِنِ مِنْ كِتَابِ الْوَصَايَا
[كِتَابُ الْوَدِيعَةِ]
(كِتَابُ الْوَدِيعَةِ) (سُئِلَ) فِيمَا إذَا أَوْدَعَ زَيْدٌ عِنْدَ عَمْرٍو الْجَمَّالِ أَمْتِعَةً مَعْلُومَةً وَهُمَا فِي طَرِيقِ الْحَجِّ الشَّرِيفِ وَوَصَلَا إلَى دِمَشْقَ فَطَلَبَهَا مِنْهُ فَأَقَرَّ بِهَا ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهَا ضَاعَتْ قَبْلَ الْإِقْرَارِ فَهَلْ يَكُونُ ضَامِنًا لِلتَّنَاقُضِ؟
(الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَفِي الْعُيُونِ إذَا طَلَبَ الْمَالِكُ الْوَدِيعَةَ فَقَالَ اُطْلُبْهَا غَدًا فَجَاءَ صَاحِبُهَا غَدًا فَقَالَ الْمُودَعُ ضَاعَتْ الْوَدِيعَةُ يُسْأَلُ الْمُودَعُ مَتَى ضَاعَتْ؟ قَبْلَ إقْرَارِك أَوْ بَعْدَهُ فَإِنْ قَالَ قَبْلَ إقْرَارِي يَلْزَمُهُ الضَّمَانُ لِلتَّنَاقُضِ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ اُطْلُبْهَا غَدًا إقْرَارٌ مِنْهُ أَنَّهَا مَا ضَاعَتْ فَإِذَا قَالَ ضَاعَتْ كَانَ تَنَاقُضًا وَإِنْ قَالَ ضَاعَتْ بَعْدَ الْإِقْرَارِ لَا يَضْمَنُ؛ لِأَنَّهُ لَا تَنَاقُضَ خُلَاصَةٌ مِنْ الْفَصْلِ الرَّابِعِ وَمِثْلُهُ فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَأَفْتَى بِمِثْلِهِ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ.
(سُئِلَ) فِي ذِمِّيَّةٍ حِرْفَتُهَا كَبُّ الْحَرِيرِ دَارُهَا خَارِجَ الْمَدِينَةِ فِي مَحَلَّةٍ غَيْرِ أَمِينَةٍ دَفَعَ لَهَا زَيْدٌ حَرِيرًا لِتَكُبَّهُ عَلَى أَنْ لَا تَكُبَّهُ فِي دَارِهَا بَلْ تَكُبَّهُ فِي دَارِ ابْنَتِهَا الْكَائِنَةِ فِي مَحَلَّةٍ أَمِينَةٍ دَاخِلَ الْمَدِينَةِ أَحْفَظَ مِنْ دَارِهَا فَخَالَفَتْ أَمْرَهُ وَكَبَّتْهُ فِي دَارِهَا مَعَ عَدَمِ الْمَانِعِ مِنْ ذَلِكَ فَسُرِقَ مِنْ دَارِهَا فَهَلْ حَيْثُ كَانَ الْأَمْرُ كَمَا ذُكِرَ يَكُونُ التَّقْيِيدُ مُفِيدًا فَتَضْمَنُ قِيمَةَ الْحَرِيرِ لِزَيْدٍ؟
(الْجَوَابُ) : نَعَمْ قَالَ فِي الْمُلْتَقَى وَإِنْ أَمَرَ بِحِفْظِهَا فِي دَارٍ فَحَفِظَ فِي غَيْرِهَا ضَمِنَ. اهـ. وَفِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ الْمَلَكِيِّ أَمَرَهُ أَيْ الْمَالِكُ الْمُودَعَ بِالْحِفْظِ فِي بَيْتٍ مِنْ دَارِهِ فَحَفِظَ فِي بَيْتٍ آخَرَ مِنْهَا مُسَاوٍ لَهُ لَمْ يَضْمَنْ بِخِلَافِ الْمُخَالَفَةِ فِي الدَّارِ يَعْنِي لَوْ أَمَرَهُ بِالْحِفْظِ فِي دَارٍ وَحَفِظَهُمَا فِي دَارٍ أُخْرَى يَضْمَنُ؛ لِأَنَّهُمَا يَخْتَلِفَانِ فِي الْحِرْزِ غَالِبًا فَيُفِيدُ التَّقْيِيدَ. اهـ. وَالْمَسْأَلَةُ فِي التَّنْوِيرِ وَغَيْرِهِ أَيْضًا.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا دَفَعَ زَيْدٌ لِعَمْرٍو الْمُسَافِرِ بَحْرًا وَدِيعَةً لِيَدْفَعَهَا لِشَرِيكِهِ فُلَانٍ بِبَلْدَةِ كَذَا فَوَضَعَهَا عَمْرٌو دَاخِلَ سَبَتٍ فِيهِ أَمْتِعَةٌ لَهُ وَسَارَ فِي سَفِينَةٍ حَصِينَةٍ فَانْخَرَقَتْ السَّفِينَةُ وَشَعَرَ رُكَّابُهَا بِمُعَايَنَةِ الْهَلَاكِ فَأَرْمَوْا بِأَنْفُسِهِمْ إلَى الْقَوَارِبِ وَكَذَلِكَ عَمْرٌو لَمْ يَسْعَهُ غَيْرُ ذَلِكَ وَلَمْ يُمْكِنْهُ أَخْذُ الْوَدِيعَةِ مَعَهُ وَلَا نَقْلُهَا لِسَفِينَةٍ أُخْرَى فَهَلَكَتْ مَعَ السَّبَتِ وَمَا فِيهِ مِنْ غَيْرِ تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ فِي الْحِفْظِ فَهَلْ حَيْثُ كَانَ الْأَمْرُ كَمَا ذُكِرَ لَا ضَمَانَ عَلَى عَمْرٍو لِلْوَدِيعَةِ؟
(الْجَوَابُ) : نَعَمْ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ بِخِلَافِ مَا إذَا تَمَكَّنَ مِنْ الْحِفْظِ بِنَقْلِهَا مِنْهُ إلَى مَكَان آخَرَ فَتَرَكَهَا فَإِنَّهُ يَصِيرُ ضَامِنًا كَمَا فِي الْعِمَادِيَّةِ وَالذَّخِيرَةِ الْبُرْهَانِيَّةِ وَجَامِعِ الْفَتَاوَى نَدَّتْ بَقَرَةٌ مِنْ الْبَاقُورَةِ وَتَرَكَ الرَّاعِي اتِّبَاعَهَا فَهُوَ فِي سَعَةٍ مِنْ ذَلِكَ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِيمَا نَدَّتْ بِالْإِجْمَاعِ إنْ كَانَ الرَّاعِي خَاصًّا وَإِنْ كَانَ مُشْتَرَكًا فَكَذَلِكَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute