هَذَا التَّقْيِيدِ فِي هَذَا الزَّمَانِ، وَالْفَتْوَى الْيَوْمَ بِوُجُوبِ الضَّمَانِ عَلَى السَّاعِي مُطْلَقًا كَمَا حَكَيْنَا عَنْهُ وَإِنْ كَانَ الْمَذْكُورُ فِي النَّوَازِلِ عَنْ أَبِي الْقَاسِمِ الصَّفَّارِ أَنْ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّمَا عَلَيْهِ وِزْرٌ فِي الْعُقْبَى اهـ. جَوَاهِرُ الْفَتَاوَى فِي أَوَّلِ كِتَابِ الْغَصْبِ إذَا سَعَى إلَى السُّلْطَانِ بِغَيْرِ حَقٍّ لَا ضَمَانَ عَلَى السَّاعِي فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ، وَالْفَتْوَى عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ فِي زَمَانِنَا زَجْرًا لَهُمْ وَصِيَانَةً لِأَمْوَالِ النَّاسِ ذَخِيرَةٌ مِنْ الْفَصْلِ الثَّامِنِ فِي الْغَصْبِ سَعَى إلَى سُلْطَانٍ بِمَنْ يُؤْذِيهِ وَلَا يَدْفَعُ بِلَا رَفْعٍ إلَى السُّلْطَانِ أَوْ بِمَنْ يُبَاشِرُ الْفِسْقَ وَلَا يَمْتَنِعُ بِنَهْيِهِ أَوْ قَالَ السُّلْطَانُ: قَدْ يَغْرَمُ وَقَدْ لَا يَغْرَمُ أَنَّهُ وَجَدَ كَنْزًا فَغَرَّمَهُ شَيْئًا لَا يَضْمَنُ وَلَوْ غَرَّمَ السُّلْطَانُ أَلْبَتَّةَ بِمِثْلِ هَذِهِ السِّعَايَةِ ضَمِنَ وَكَذَا يَضْمَنُ لَوْ سَعَى بِغَيْرِ حَقٍّ عِنْدَ مُحَمَّدٍ زَجْرًا لَهُ أَيْ لِلسَّاعِي.
وَبِهِ يُفْتَى وَفِي الْخَانِيَّةِ وَلَوْ سَعَى رَجُلٌ إلَى سُلْطَانٍ ظَالِمٍ وَقَالَ: إنَّ لِفُلَانِ مَالًا كَثِيرًا أَوْ إنَّهُ وَجَدَ مَالًا أَوْ أَصَابَ مِيرَاثًا أَوْ قَالَ عِنْدَهُ " مَالُ فُلَانٍ الْغَائِبِ أَوْ أَنَّهُ يُرِيدُ الْفُجُورَ بِأَهْلِي فَإِنْ كَانَ السُّلْطَانُ مِمَّنْ يَأْخُذُ الْمَالَ لِهَذِهِ الْأَسْبَابِ كَانَ ذَلِكَ سَعْيًا مُوجِبًا لِلضَّمَانِ إذَا كَانَ كَاذِبًا فِيمَا قَالَ وَإِنْ كَانَ صَادِقًا فِيمَا قَالَ إلَّا إنَّهُ لَا يَكُونُ مُتَظَلِّمًا وَلَا مُحْتَسِبًا فِي ذَلِكَ فَكَذَلِكَ وَلَوْ قَالَ: إنَّهُ ضَرَبَنِي أَوْ ظَلَمَنِي وَهُوَ كَاذِبٌ فِي ذَلِكَ كَانَ ضَامِنًا اهـ وَفِي الْعُدَّةِ مَنْ قَالَ عِنْدَ السُّلْطَانِ أَنَّ لِفُلَانِ فَرَسًا جَيِّدًا أَوْ جَارِيَةً جَمِيلَةً، وَالسُّلْطَانُ يَأْخُذُ فَأَخَذَ ضَمِنَ وَلَوْ كَانَ السَّاعِي عَبْدًا يُطَالَبُ بَعْدَ الْعِتْقِ وَلَوْ أَخْبَرَ السَّاعِي عَبْدَ السُّلْطَانِ أَوْ عَبْدَ غَيْرِهِ إذَا كَانَ ذَلِكَ الْغَيْرُ بِحَالِ الْقُدْرَةِ عَلَى أَخْذِ الْمَالِ مِنْهُ وَلَا يُمْكِنُهُ دَفْعُهُ ضَمِنَ السَّاعِي مِنَحُ الْغَفَّارِ وَفِي فَتَاوَى ابْنِ نُجَيْمٍ سُئِلَ عَمَّنْ أَخْبَرَ الْمُكَاسُ الَّذِي يَأْخُذُ الْمَكْسَ مِنْ التُّجَّارِ وَغَيْرِهِمْ بِأَنَّ شَخْصًا اشْتَرَى الشَّيْءَ الْفُلَانِيَّ أَوْ أَخْفَى الشَّيْءَ الْفُلَانِيَّ فَحَضَرَ إلَيْهِ وَأَخَذَ مِنْهُ الْمَكْسَ هَلْ يَضْمَنُ مَا أَخَذَهُ الْمُكَاسُ أَوْ لَا، الْجَوَابُ نَعَمْ يَضْمَنُ نَظِيرَ مَا أَخَذَهُ الْمُكَاسُ حَيْثُ أَخَذَهُ بِإِخْبَارِهِ وَفِيهَا سُئِلَ عَنْ الْحَاكِمِ السِّيَاسِيِّ إذَا أَمْسَكَ رَجُلًا وَعَاقَبَهُ بِالضَّرْبِ الْأَلِيمِ بِشِكَايَةِ آخَرَ لَهُ عَلَى سَرِقَةٍ اتَّهَمَهُ بِهَا الشَّاكِي وَمَاتَ مِنْ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ ثُبُوتٍ عَلَيْهِ بِطَرِيقٍ شَرْعِيٍّ هَلْ دِيَتُهُ عَلَى مَنْ شَكَاهُ أَوْ عَلَى الْحَاكِمِ، فَأَجَابَ: دِيَتُهُ عَلَى الْحَاكِمِ اهـ.
قَالَ فِي الْمِنَحِ وَفِي الْقُنْيَةِ رَاقِمًا لِنَجْمِ الْأَئِمَّةِ الْبُخَارِيِّ وَقَالَ: شَكَا عِنْدَ الْوَالِي بِغَيْرِ حَقٍّ فَأَتَى بِقَائِدٍ فَضَرَبَ الْمَشْكُوَّ عَلَيْهِ فَكَسَرَ سِنَّهُ أَوْ يَدَهُ يَضْمَنُ الشَّاكِي أَرْشَهُ كَالْمَالِ، وَقِيلَ: إنَّ مَنْ حُبِسَ بِسِعَايَةٍ فَهَرَبَ وَتَسَوَّرَ جِدَارَ السِّجْنِ فَأَصَابَ بَدَنَهُ تَلَفٌ يَضْمَنُ السَّاعِي فَكَيْفَ هُنَا قِيلَ أَتُفْتِي بِالضَّمَانِ فِي مَسْأَلَةِ الْهَرَبِ قَالَ: لَا وَلَوْ مَاتَ الْمَشْكُوُّ عَلَيْهِ بِضَرْبِ الْقَائِدِ لَا يَضْمَنُ السَّاعِي لِأَنَّ الْمَوْتَ فِيهِ نَادِرٌ فَسِعَايَتُهُ لَا تُفْضِي إلَيْهِ غَالِبًا اهـ وَهَذَا مَا اعْتَمَدَ عَلَيْهِ شَيْخُنَا يَعْنِي ابْنَ نُجَيْمٍ فِي فَتَاوِيهِ وَهُوَ جَدِيرٌ بِالِاعْتِمَادِ فَإِنَّ الْقَوْلَ بِتَضْمِينِ السُّعَاةِ فِي الْأَمْوَالِ خِلَافُ أُصُولِ أَصْحَابِنَا. . . إلَخْ اهـ.
(فَائِدَةٌ)
فِي الْحَاوِي قَوَّمَ الدَّلَّالُ الْمَتَاعَ لِلْخِزَانَةِ السُّلْطَانِيَّةِ أَوْ لِلْأَمْرِ بِمَا لَا يَتَغَابَنُ فِيهِ فَيَأْخُذُ مِنْهُ بِذَلِكَ الْقَدْرِ يَضْمَنُ الدَّلَّالُ تَمَامَ قِيمَتِهِ مِنْ حَاشِيَةِ الْخَيْرِ الرَّمْلِيِّ عَلَى جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ مِنْ الْفَصْلِ ٣٦ وَفِيهَا عَنْ غَصْبِ الْوَلْوَالِجِيَّةِ رَجُلٌ انْتَقَدَ دَرَاهِمَ رَجُلٍ وَلَمْ يُحْسِنْ الِانْتِقَادَ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَلَا أَجْرَ لَهُ أَمَّا عَدَمُ الضَّمَانِ فَلِأَنَّهُ مُجْتَهِدٌ أَخْطَأَ فِي اجْتِهَادِهِ وَأَمَّا عَدَمُ الْأَجْرِ فَلِأَنَّهُ لَمْ يَعْمَلْ مَا أُمِرَ اهـ.
[كِتَابُ الشُّفْعَةِ]
(كِتَابُ الشُّفْعَةِ) (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ دَارٌ جَارِيَةٌ فِي مِلْكِهِ أَرْضًا وَبِنَاءً وَهِيَ مُلَاصِقَةٌ لِدَارِ هِنْدٍ وَتُرِيدُ هِنْدٌ بَيْعَ دَارِهَا فَإِذَا بَاعَتْهَا هَلْ يَسُوغُ لِزَيْدٍ أَخْذُهَا بِشُفْعَةِ الْجِوَارِ بِطَرِيقِهِ الشَّرْعِيِّ؟
(الْجَوَابُ) : نَعَمْ.
(سُئِلَ) فِي دَارٍ مُشْتَرَكَةٍ بَيْنَ زَيْدٍ وَعَمْرٍو أَرْضًا وَبِنَاءً فَاشْتَرَى بَكْرٌ مِنْ زَيْدٍ حِصَّتَهُ الْمَعْلُومَةَ مِنْهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute