للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فِي مَسْأَلَةٍ لَمْ يُرَجَّحْ فِيهَا قَوْلُ غَيْرِهِ وَرَجَّحُوا فِيهَا دَلِيلَ أَبِي حَنِيفَةَ عَلَى دَلِيلِهِ فَإِنْ حَكَمَ فِيهَا فَحُكْمُهُ غَيْرُ مَاضٍ لَيْسَ لَهُ غَيْرُ الِانْتِقَاضِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ فَتَاوَى الشَّلَبِيِّ فِي فُصُولِ الْعِمَادِيِّ مِنْ فَصْلِ التَّنَاقُضِ رَوَى ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى أَنَّ الْقَاضِيَ لَا يَقْضِي بِعِلْمِهِ وَإِنْ اسْتَفَادَ الْعِلْمَ فِي حَالَةِ الْقَضَاءِ حَتَّى يَشْهَدَ مَعَهُ شَاهِدٌ وَاحِدٌ قَالَ لَعَلَّ الْقَاضِيَ غَالِطٌ فِيمَا يَقُولُ فَيُشْتَرَطُ مَعَ عِلْمِهِ شَاهِدٌ آخَرُ حَتَّى يَصِيرَ عِلْمُهُ مَعَ شَهَادَةِ شَاهِدٍ آخَرَ بِمَعْنَى شَاهِدَيْنِ اهـ.

[بَابُ الْحَبْسِ]

[مَسَائِلُ شَتَّى]

(بَابُ الْحَبْسِ) (سُئِلَ) فِيمَا إذَا ثَبَتَ دَيْنٌ لِزَيْدٍ عَلَى عَمْرٍو بِإِقْرَارِهِ لَدَى الْقَاضِي وَطَلَبَ زَيْدٌ حَبْسَهُ وَلَمْ يَأْمُرْهُ الْقَاضِي بِالْأَدَاءِ فَهَلْ لَا يُعَجِّلُ حَبْسَهُ وَيَسْتَوِي فِي ذَلِكَ الْأَصِيلُ وَالْكَفِيلُ؟

(الْجَوَابُ) : نَعَمْ لَا يُعَجَّلُ حَبْسُهُ إذَا ثَبَتَ الدَّيْنُ بِإِقْرَارِهِ بَلْ يَأْمُرُهُ الْقَاضِي بِالْأَدَاءِ فَإِنْ أَبَى حَبَسَهُ وَهَذَا مُخْتَارُ الْهِدَايَةِ وَالْوِقَايَةِ وَالْمَجْمَعِ قَالَ فِي الْبَحْرِ وَهُوَ الْمَذْهَبُ عِنْدَنَا وَيَسْتَوِي فِي ذَلِكَ الْأَصِيلُ وَالْكَفِيلُ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهَا فَفِيهَا أَيْ فِي الْهِدَايَةِ فَإِنْ امْتَنَعَ حَبْسُهُ فِي كُلِّ دَيْنٍ لَزِمَهُ بَدَلًا عَنْ مَالٍ حَصَلَ فِي يَدِهِ كَثَمَنِ الْمَبِيعِ أَوْ الْتَزَمَهُ بِعَقْدٍ كَالْمَهْرِ وَالْكَفَالَةِ اهـ قَوْلُهُ فَإِنْ امْتَنَعَ يَعْنِي الْغَرِيمُ بَعْدَ ثُبُوتِ الْحَقِّ عَلَيْهِ بِإِقْرَارِهِ وَأَمْرِهِ بِالدَّفْعِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ عِبَارَتِهَا فَعَلَى هَذَا إذَا لَمْ يَمْتَنِعْ لَا يَحْبِسُهُ وَقَالَ الْأَنْقِرَوِيُّ عَنْ الْخَانِيَّةِ وَمُنْيَةِ الْمُفْتِي إذَا أَقَرَّ الْكَفِيلُ بِالنَّفْسِ عِنْدَ الْقَاضِي فَإِنَّ الْقَاضِيَ لَا يَحْبِسُهُ حَتَّى يُسَلِّمَ نَفْسَ الْمَكْفُولِ بِهِ اهـ وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ إذَا امْتَنَعَ فَحَبَسَهُ الْقَاضِي وَكَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ لِآخَرَ أَكْثَرَ مِنْ دَيْنِ زَيْدٍ هَلْ لَهُ أَنْ يُخْرِجَهُ الْجَوَابُ مُقْتَضَى مَا فِي الْحَاوِي لَهُ ذَلِكَ فَإِنَّهُ قَالَ قع بِمَ عَلَيْهِ دُيُونٌ لِجَمَاعَةٍ لِوَاحِدٍ ثَمَانِيَةٌ وَلِآخَرَ عَشَرَةٌ وَلِآخَرَ عِشْرُونَ فَحَبَسَهُ صَاحِبُ الثَّمَانِيَةِ فِي الْمُلْزَمِ خَمْسَةَ أَيَّامٍ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْبَاقِيَيْنِ أَنْ يُخْرِجَهُ مِنْ الْمُلْزَمِ لِيَكْتَسِبَ بِقَدْرِ نَصِيبِهِ اهـ.

لَكِنْ فِي الْبَزَّازِيَّةِ مَا يُخَالِفُهُ فَإِنْ قَالَ لَهُمَا عَلَى رَجُلٍ دَيْنٌ لِأَحَدِهِمَا أَقَلُّ وَلِلْآخَرِ أَكْثَرُ لِصَاحِبِ الْأَقَلِّ حَبْسُهُ وَلَيْسَ لِصَاحِبِ الْأَكْثَرِ إطْلَاقُهُ بِلَا رِضَاهُ فَإِنْ أَرَادَ أَحَدُهُمَا إطْلَاقَهُ بَعْدَمَا رَضِيَا بِحَبْسِهِ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ اهـ. .

(سُئِلَ) فِي رَجُلٍ أُلْزِمَ بِدَيْنٍ شَرْعِيٍّ وَمَكَثَ فِي الْحَبْسِ مُدَّةً نَحْوَ خَمْسَةِ أَشْهُرٍ وَظَهَرَ لِلْقَاضِي أَنَّهُ لَا مَالَ لَهُ وَأَنَّهُ فَقِيرٌ مُفْلِسٌ بَعْدَمَا سَأَلَ عَنْهُ جِيرَانَهُ وَأَصْدِقَاءَهُ مِنْ الثِّقَاتِ فَأَخْبَرُوهُ بِذَلِكَ وَخَصْمُهُ غَائِبٌ وَيُرِيدُ الْقَاضِي أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ كَفِيلًا بِالنَّفْسِ وَيُخَلِّيَ سَبِيلَهُ فَهَلْ لِلْقَاضِي ذَلِكَ؟

(الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَقَدْ أَفْتَى الْعَلَّامَةُ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ بِمِثْلِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عَلَى ثَلَاثِ فَتَاوَى إحْدَاهَا فِي رَجُلٍ أُلْزِمَ بِدَيْنٍ شَرْعِيٍّ وَمَكَثَ فِي الْحَبْسِ مُدَّةً وَظَهَرَ لِلْقَاضِي أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ شَيْئًا هَلْ لِلْقَاضِي أَنْ يُقَسِّطَ عَلَيْهِ مَا أُلْزِمَ بِهِ بِغَيْرِ حُضُورِ خَصْمِهِ أَمْ لَا أَجَابَ حَيْثُ ظَهَرَ لِلْقَاضِي أَنَّهُ لَا مَالَ لَهُ يُخَلِّي سَبِيلَهُ بِغَيْرِ حُضُورِ خَصْمِهِ.

قَالَ فِي الْخَانِيَّةِ وَإِذَا سَأَلَ الْقَاضِي عَنْ الْمَحْبُوسِ بَعْدَ مُدَّةٍ فَأُخْبِرَ أَنَّهُ مُفْلِسٌ وَصَاحِبُ الدَّيْنِ غَائِبٌ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَأْخُذُ مِنْهُ كَفِيلًا بِنَفْسِهِ وَيُخْرِجُهُ مِنْ الْحَبْسِ وَفِي أَنْفَعِ الْوَسَائِلِ لِلْقَاضِي أَنْ لَا يَسْأَلَ أَحَدًا أَصْلًا وَيَنْفَرِدَ بِالْإِفْرَاجِ عَنْهُ وَقَالُوا هَذَا إذَا لَمْ تَكُنْ الْحَالُ حَالَ مُنَازَعَةٍ أَمَّا إذَا كَانَتْ بَيْنَ الطَّالِبِ وَالْمَحْبُوسِ بِأَنْ قَالَ الطَّالِبُ إنَّهُ مُوسِرٌ وَقَالَ الْمَحْبُوسُ إنَّهُ مُعْسِرٌ لَا بُدَّ مِنْ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ وَأَمَّا مَسْأَلَةُ التَّقْسِيطِ إذَا طَلَبَهُ الْخَصْمُ وَكَانَ مُعْتَمِلًا وَيَفْضُلُ عَنْهُ وَعَنْ نَفَقَةِ عِيَالِهِ شَيْءٌ يَصْرِفُهُ إلَى دَيْنِهِ فَحَاصِلُهَا أَنَّ الْغَرِيمَ يَأْخُذُ فَضْلَ كَسْبِهِ.

وَسُئِلَ فِي الْمَحْبُوسِ بِدَيْنٍ هُوَ ثَمَنُ مَبِيعٍ إذَا سَأَلَ عَنْهُ الْقَاضِي فَأَخْبَرَ أَهْلُ الْمَعْرِفَةِ بِهِ أَنَّهُ مُعْسِرٌ هَلْ لِلْقَاضِي إطْلَاقُهُ وَإِذَا أَطْلَقَهُ هَلْ يَحْتَاجُ إلَى كَفِيلٍ أَمْ لَا حَيْثُ لَمْ يَكُنْ رَبُّ الدَّيْنِ يَتِيمًا وَلَا غَائِبًا وَلَمْ يَكُنْ الدَّيْنُ مَالَ وَقْفٍ أَجَابَ نَعَمْ لِلْقَاضِي

<<  <  ج: ص:  >  >>