بِدُيُونِهِمْ عَلَى أَحَدٍ وَلَمْ يَعْتَاضُوا مِنْهُ عَلَى شَيْءٍ ثُمَّ يَقْبِضُهُمْ مِنْ التَّرِكَةِ.
وَسُئِلَ أَيْضًا إذَا ادَّعَى شَخْصٌ عَلَى آخَرَ بِحَقٍّ فَأَنْكَرَ فَأَقَامَ عَلَيْهِ بَيِّنَةً شَهِدَتْ لَهُ فَتُسْحَبُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَبْلَ الْقَضَاءِ فَطَلَبَ الْمُدَّعِي مِنْ الْحَاكِمِ الْحُكْمَ عَلَيْهِ لِيَذْهَبَ خَلْفَهُ فَأَجَابَ الْمَذْهَبُ أَنَّهُ لَا يُجَابُ إلَى ذَلِكَ وَإِنْ طَلَبَ أَنْ يَكْتُبَ لَهُ كِتَابًا إلَى قَاضِي الْبَلْدَةِ الَّتِي بِهَا الْغَرِيمُ بِصُورَةِ الدَّعْوَى وَالشَّهَادَةِ يَكْتُبُ لَهُ الْقَاضِي بِشُرُوطِهِ الْمَذْكُورَةِ فِي كِتَابِ الْقَاضِي إلَى الْقَاضِي.
وَسُئِلَ أَيْضًا إذَا تَحَاكَمَ مُسْلِمٌ وَذِمِّيٌّ بَيْنَ يَدَيْ قَاضٍ هَلْ يُسَوِّي بَيْنَهُمَا قِيَامًا وَجُلُوسًا فَأَجَابَ نَعَمْ.
وَسُئِلَ أَيْضًا عَنْ الْحَاكِمِ إذَا قَالَ ثَبَتَ عِنْدِي ذَلِكَ هَلْ هُوَ حُكْمٌ فَأَجَابَ الصَّحِيحُ أَنَّ قَوْلَ الْقَاضِي ثَبَتَ عِنْدِي حُكْمٌ مِنْهُ.
وَسُئِلَ أَيْضًا عَنْ رَجُلٍ سَأَلَ مِنْ الْحَاكِمِ أَنْ يُحَلِّفَ غَرِيمَهُ أَنْ لَا يَشْكُوَهُ إلَّا مِنْ الشَّرْعِ فَأَبَى الْغَرِيمُ الْحَلِفَ فَأَجَابَ لَيْسَ لِلْقَاضِي أَنْ يُجْبِرَهُ عَلَى الْحَلِفِ وَإِنَّمَا يَنْهَاهُ عَنْ التَّعَرُّضِ لَهُ مِنْ غَيْرِ الشَّرْعِ فَإِذَا نَهَاهُ ثُمَّ شَكَاهُ مِنْ غَيْرِ الشَّرْعِ أَدَّبَهُ وَغَرَّمَهُ جَمِيعَ مَا غَرِمَ بِسَبَبِ الشِّكَايَةِ.
وَسُئِلَ أَيْضًا هَلْ يُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ حُكْمِ الْحَاكِمِ بِوَقْفٍ أَوْ بَيْعٍ أَوْ إجَارَةٍ ثُبُوتُ مِلْكِ الْوَاقِفِ أَوْ الْبَائِعِ أَوْ الْمُؤَجِّرِ وَحِيَازَتِهِ أَمْ لَا فَأَجَابَ إنَّمَا يُحْكَمُ بِالصِّحَّةِ إذَا ثَبَتَ أَنَّهُ مَالِكٌ لِمَا وَقَفَهُ أَوْ أَنَّ لَهُ وِلَايَةَ الْإِيجَارِ أَوْ الْبَيْعِ لِمَا بَاعَهُ إمَّا بِمِلْكٍ أَوْ نِيَابَةٍ وَكَذَا فِي الْوَقْفِ وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ لَا يَحْكُمُ بِالصِّحَّةِ بَلْ بِنَفْسِ الْوَقْفِ وَالْإِجَارَةِ وَالْبَيْعِ.
وَسُئِلَ أَيْضًا إذَا أَخْبَرَ حَاكِمٌ حَاكِمًا بِقَضِيَّةٍ هَلْ يَكْفِي إخْبَارُهُ وَيَسُوغُ لِلْحَاكِمِ الْعَمَلُ بِهَا أَمْ لَا فَأَجَابَ لَا يَكْفِي إخْبَارُهُ بَلْ لَا بُدَّ مَعَهُ مِنْ شَاهِدٍ آخَرَ.
وَسُئِلَ أَيْضًا عَنْ حَنَفِيٍّ تَحَمَّلَ شَهَادَةً فِي شَيْءٍ لَا تَصِحُّ عَلَى مَذْهَبِهِ كَالسَّلَمِ الْحَالِّ مَثَلًا وَكَتَبَ بِهَا مَسْطُورًا وَكَانَ قَاضِيًا تَحَاكَمَا إلَيْهِ فَهَلْ يَسُوغُ لَهُ الْحُكْمُ بِإِبْطَالِ تِلْكَ الْقَضِيَّةِ أَمْ لَا فَأَجَابَ إذَا عَلِمَ مَا لَا يَجُوزُ عَلَى مَذْهَبِهِ وَكَانَ قَاضِيًا وَطُلِبَ مِنْهُ الْحُكْمُ فِيهِ لَهُ أَنْ يَنْقُضَهُ إنْ لَمْ يَرَهُ لَا مَانِعَ مِنْ ذَلِكَ.
وَسُئِلَ أَيْضًا إذَا ادَّعَى شَخْصٌ عَلَى شَخْصٍ عِنْدَ حَاكِمٍ بِدَعْوَى وَأَحْضَرَ بَعْضٌ بَيِّنَةً شَهِدَتْ ثُمَّ عَلِمَ الْمُدَّعِي أَنْ لَيْسَ لَهُ خَلَاصٌ عِنْدَ مَذْهَبِ هَذَا الْقَاضِي فَقَالَ الْمُدَّعِي أَنَا رَفَعْت طَلَبِي عَنْ خَصْمِي فِي هَذَا الْوَقْتِ يَقْصِدُ بِذَلِكَ الذَّهَابَ إلَى قَاضٍ آخَرَ هَلْ يُجِيبُهُ الْقَاضِي إلَى ذَلِكَ وَيَدْفَعُهُ عَنْهُ إلَى قَاضٍ آخَرَ فَأَجَابَ نَعَمْ مَا لَمْ يَطْلُبْ مِنْ الْقَاضِي الْحُكْمَ لَهُ فَلَهُ أَنْ يُؤَخِّرَ حَقَّهُ وَيُمَكِّنَهُ الْقَاضِي مِنْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمُدَّعِيَ إذَا تَرَكَ يُتْرَكُ.
وَسُئِلَ أَيْضًا هَلْ يُشْتَرَطُ لِقَاضِي الشَّرْعِ الْإِعْذَارُ لِلْخَصْمِ وَإِنْ أُعْذِرَ إلَيْهِ فَسَوَّفَ مِنْ وَقْتٍ إلَى وَقْتٍ آخَرَ مَا الْحُكْمُ فِيهِ فَأَجَابَ إذَا شَهِدَ الشُّهُودُ بِحَقٍّ وَزُكُّوا وَالْخَصْمُ لَمْ يُبْدِ دَافِعًا شَرْعِيًّا حَكَمَ الْقَاضِي وَإِنْ طَلَبَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ أَنْ يُؤَخِّرَ الْحُكْمَ لِيَجِيءَ بِالدَّافِعِ يُمْهَلُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَإِنْ لَمْ يَجِئْ بِالدَّافِعِ قَضَى عَلَيْهِ.
[فُرُوعٌ تَتَعَلَّقُ بِالْقَضَاءِ]
(فُرُوعٌ)
رَجُلٌ حَلَفَ بِطَلَاقِ امْرَأَةٍ إنْ تَزَوَّجَهَا فَتَزَوَّجَهَا وَحَكَّمَا رَجُلًا لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمَا فِي الطَّلَاقِ الْمُضَافِ فَحَكَمَ بِبُطْلَانِ الْيَمِينِ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ ذَكَرَ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ أَنَّهُ لَا يَنْفُذُ حُكْمُ الْمُحَكَّمِ فِيهَا وَذَكَرَ فِي صُلْحِ الْأَصْلِ وَغَيْرِهِ مِنْ الرِّوَايَاتِ أَنَّ حُكْمَ الْمُحَكَّمِ فِيمَا بَيْنَ الْمُتَحَاكِمَيْنِ فِي الْمُجْتَهَدَاتِ بِمَنْزِلَةِ حُكْمِ الْقَاضِي حَتَّى لَا يَكُونَ لِأَحَدِهِمَا أَنْ يَرْجِعَ عَنْ حُكْمِهِ وَذَكَرَ الْخَصَّافُ أَنَّ حُكْمَ الْمُحَكَّمِ فِي الْمُجْتَهَدَاتِ جَائِزٌ إلَّا فِي الْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ وَذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ أَنَّ حُكْمَ الْمُحَكَّمِ فِي الْمُجْتَهَدَاتِ نَحْوُ الْكِنَايَاتِ وَالطَّلَاقِ الْمُضَافِ جَائِزٌ فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ عَنْ أَصْحَابِنَا قَالَ إلَّا أَنَّ هَذَا مِمَّا يُعَلَّمُ وَلَا يُفْتَى بِهِ كَيْ لَا يَتَجَاسَرَ الْجُهَّالُ إلَى مِثْلِ هَذَا.
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَصْحَابِنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى مَا هُوَ أَوْسَعُ مِنْ هَذَا وَذَلِكَ أَنَّهُ رُوِيَ عَنْهُمْ أَنَّهُ لَوْ اسْتَفْتَى صَاحِبُ الْحَادِثَةِ عَنْ هَذَا فَقِيهًا فَأَفْتَاهُ بِبُطْلَانِ الْيَمِينِ وَسَعَةِ أَنْ يُمْسِكَهَا فَإِنْ تَزَوَّجَ أُخْرَى بَعْدَهَا وَقَدْ كَانَ حَلَفَ بِلَفْظِ كُلِّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا فَاسْتَفْتَى فَقِيهًا مِثْلَ الْأَوَّلِ فَأَفْتَاهُ بِصِحَّةِ الْيَمِينِ وَوُقُوعِ الطَّلَاقِ الْمُضَافِ عَلَيْهَا فَإِنَّهُ يُفَارِقُ الثَّانِيَةَ وَيُمْسِكُ الْأُولَى؛ لِأَنَّ فَتْوَى الْفَقِيهِ لِلْجَاهِلِ بِمَنْزِلَةِ حُكْمِ الْقَاضِي