للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَهُوَ مَا يُجْبِرُ الْقَاضِي فِيهِ الْآبِيَ عَلَى الْقِسْمَةِ عِنْدَ طَلَبِ الشَّرِيكِ لَهَا لَا تُفِيدُ الْمِلْكَ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ فِي الْمُخْتَارِ مُطْلَقًا شَرِيكًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ ابْنًا أَوْ غَيْرَهُ فَلَوْ بَاعَهُ الْوَاهِبُ صَحَّ؛ لِأَنَّ هِبَةَ الْمُشَاعِ بَاطِلَةٌ وَهُوَ الصَّحِيحُ كَمَا فِي مُشْتَمَلِ الْأَحْكَامِ نَقْلًا عَنْ تَتِمَّةِ الْفَتَاوَى وَالْهِبَةُ الْفَاسِدَةُ لَا تُفِيدُ الْمِلْكَ عَلَى مَا فِي الدُّرَرِ وَغَيْرِهَا وَالْمَسْأَلَةُ مَسْطُورَةٌ فِي التَّنْوِيرِ أَيْضًا

(أَقُولُ) ذَكَرَ ذَلِكَ فِي التَّنْوِيرِ لَكِنْ قَالَ شَارِحُهُ مُسْتَدْرِكًا عَلَيْهِ بِمَا فِي الْفُصُولَيْنِ مِنْ أَنَّ الْهِبَةَ الْفَاسِدَةَ تُفِيدُ الْمِلْكَ بِالْقَبْضِ وَبِهِ يُفْتَى ثُمَّ قَالَ إنَّ لَفْظَ الْفَتْوَى آكَدُ مِنْ لَفْظِ الصَّحِيحِ يَعْنِي أَنَّ لَفْظَ وَبِهِ يُفْتَى أَيْ بِالْقَوْلِ بِإِفَادَتِهَا الْمِلْكَ بِالْقَبْضِ آكَدُ مِنْ لَفْظِ الصَّحِيحِ أَيْ فِي قَوْلِ مَنْ قَالَ الصَّحِيحُ أَنَّهَا لَا تُفِيدُهُ فَالْحَاصِلُ أَنَّهُمَا قَوْلَانِ مُصَحَّحَانِ لَكِنَّ الْأَوَّلَ أَصَحُّ؛ لِأَنَّهُ مُعَنْوَنٌ بِلَفْظِ الْفَتْوَى الَّذِي هُوَ آكَدُ أَلْفَاظِ التَّصْحِيحِ؛ لِأَنَّ الْقَوْلَ الصَّحِيحَ قَدْ لَا يُفْتَى بِهِ لِوُجُودِ مَا هُوَ أَصَحُّ مِنْهُ أَوْ لِتَغَيُّرِ عُرْفٍ أَوْ زَمَانٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا يَقْتَضِي الْإِفْتَاءَ بِخِلَافِهِ عَلَى حَسَبِ مَا يَظْهَرُ لِأَهْلِ التَّرْجِيحِ بِخِلَافِ لَفْظِ بِهِ يُفْتَى فَإِنَّهُ صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْعَمَلَ عَلَيْهِ وَأَنَّهُ لَا يُفْتَى بِخِلَافِهِ فَلِذَا كَانَ آكَدَ.

لَكِنْ كَتَبْت فِيمَا عَلَّقْته عَلَى الدُّرِّ الْمُخْتَارِ فِي هَذَا الْمَحَلِّ مَا صُورَتُهُ قَالَ فِي الْفَتَاوَى الْخَيْرِيَّةِ وَلَا تُفِيدُ الْمِلْكَ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ قَالَ الزَّيْلَعِيُّ وَسَلَّمَهُ شَائِعًا لَا يَمْلِكُهُ حَتَّى لَا يَنْفُذَ تَصَرُّفُهُ فِيهِ فَيَكُونَ مَضْمُونًا عَلَيْهِ وَيَنْفُذَ فِيهِ تَصَرُّفُ الْوَاهِبِ ذَكَرَهُ الطَّحَاوِيُّ وَقَاضِي خَانْ وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ رُسْتُمَ مِثْلُهُ وَذَكَرَ عِصَامٌ أَنَّهَا تُفِيدُ الْمِلْكَ وَبِهِ أَخَذَ بَعْضُ الْمَشَايِخِ اهـ وَمَعَ إفَادَتِهَا لِلْمِلْكِ عِنْدَ هَذَا الْبَعْضِ أَجْمَعَ الْكُلُّ عَلَى أَنَّ لِلْوَاهِبِ اسْتِرْدَادَهَا مِنْ الْمَوْهُوبِ لَهُ وَلَوْ كَانَ ذَا رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْ الْوَاهِبِ قَالَ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ رَامِزًا لِفَتَاوَى الْفَضْلِيِّ ثُمَّ إذَا هَلَكَتْ أَفْتَيْت بِالرُّجُوعِ لِلْوَاهِبِ هِبَةً فَاسِدَةً لِذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْهُ إذْ الْفَاسِدَةُ مَضْمُونَةٌ عَلَى مَا مَرَّ فَإِذَا كَانَتْ مَضْمُونَةً بِالْقِيمَةِ بَعْدَ الْهَلَاكِ كَانَتْ مُسْتَحَقَّةَ الرَّدِّ قَبْلَ الْهَلَاكِ اهـ وَكَمَا يَكُونُ لِلْوَاهِبِ الرُّجُوعُ فِيهَا يَكُونُ لِوَارِثِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ لِكَوْنِهَا مُسْتَحَقَّةَ الرَّدِّ وَتُضْمَنُ بَعْدَ الْهَلَاكِ كَالْبَيْعِ الْفَاسِدِ إذَا مَاتَ أَحَدُ الْمُتَبَايِعَيْنِ فَلِوَرَثَتِهِ نَقْضُهُ؛ لِأَنَّهُ مُسْتَحَقُّ الرَّدِّ وَمَضْمُونٌ بِالْهَلَاكِ ثُمَّ إنَّ مِنْ الْمُقَرَّرِ أَنَّ الْقَضَاءَ يُتَخَصَّصُ فَإِذَا وَلَّى السُّلْطَانُ قَاضِيًا لِيَقْضِيَ بِمَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ لَا يَنْفُذُ قَضَاؤُهُ بِمَذْهَبِ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ مَعْزُولٌ عَنْهُ بِتَخْصِيصِهِ فَالْتَحَقَ فِيهِ بِالرَّعِيَّةِ نَصَّ عَلَى ذَلِكَ عُلَمَاؤُنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى. اهـ.

مَا فِي الْخَيْرِيَّةُ وَبِهِ أَفْتَى فِي الْحَامِدِيَّةِ أَيْضًا وَالتَّاجِيَّةِ وَبِهِ جَزَمَ فِي الْجَوَاهِرِ وَالْبَحْرِ وَنَقَلَ فِيهِ عَنْ الْمُبْتَغَى بِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ أَنَّهُ لَوْ بَاعَهُ الْمَوْهُوبُ لَهُ لَا يَصِحُّ وَفِي نُورِ الْعَيْنِ عَنْ الْوَجِيزِ الْهِبَةُ الْفَاسِدَةُ مَضْمُونَةٌ بِالْقَبْضِ وَلَا يَثْبُتُ الْمِلْكُ فِيهَا إلَّا عِنْدَ أَدَاءِ الْعِوَضِ نَصَّ عَلَيْهِ مُحَمَّدٌ فِي الْمَبْسُوطِ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ إذْ الْهِبَةُ تَنْقَلِبُ عَقْدَ مُعَاوَضَةٍ. اهـ. وَذَكَرَ قَبْلَهُ أَنَّ هِبَةَ الْمُشَاعِ فِيمَا يُقْسَمُ لَا تُفِيدُ الْمِلْكَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ اهـ وَفِي الْقُهُسْتَانِيِّ لَا تُفِيدُ الْمِلْكَ وَهُوَ الْمُخْتَارُ كَمَا فِي الْمُضْمَرَاتِ وَهَذَا مَرْوِيٌّ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَهُوَ الصَّحِيحُ اهـ فَحَيْثُ عَلِمْت أَنَّهُ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ وَأَنَّهُ نَصَّ عَلَيْهِ مُحَمَّدٌ وَأَنَّهُ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ ظَهَرَ أَنَّهُ الَّذِي عَلَيْهِ الْعَمَلُ وَإِنْ صَرَّحَ بِأَنَّ الْمُفْتَى بِهِ خِلَافُهُ؛ لِأَنَّهُ إذَا اخْتَلَفَ التَّصْحِيحُ لَا يُعْدَلُ عَنْ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ عَلَى أَنَّهُ عَلَى الْقَوْلِ الْآخَرِ يَكُونُ مِلْكًا خَبِيثًا كَمَا صَرَّحُوا بِهِ وَيَكُونُ مَضْمُونًا عَلَيْهِ كَمَا مَرَّ فَلَمْ يَجِدْ نَفْعًا لِلْمَوْهُوبِ لَهُ فَاغْتَنِمْ ذَلِكَ وَإِنَّمَا أَكْثَرْت النَّقْلَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ لِكَثْرَةِ وُقُوعِهَا وَعَدَمِ تَنَبُّهِ أَكْثَرِ النَّاسِ لِلُزُومِ الضَّمَانِ عَلَى قَوْلِ الْكُلِّ وَرَجَاءً لِدَعْوَةٍ نَافِعَةٍ فِي الْغَيْبِ. اهـ. مَا ذَكَرْته فِيمَا عَلَّقْته عَلَى الدُّرِّ الْمُخْتَارِ ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ الشُّيُوعَ إنَّمَا يَمْنَعُ وَقْتَ الْقَبْضِ لَا وَقْتَ الْعَقْدِ فَلَوْ وَهَبَ مُشَاعًا ثُمَّ قَسَمَ وَقْتَ الْقَبْضِ وَسَلَّمَ جَازَ حَتَّى لَوْ وَهَبَ نِصْفَ دَارٍ شَائِعًا وَلَمْ يُسَلِّمْ حَتَّى وَهَبَ النِّصْفَ الْآخَرَ وَسَلَّمَ الْكُلَّ جَازَ كَمَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ وَغَيْرِهِ.

(سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ حِصَّةٌ مَعْلُومَةٌ فِي طَاحُونَةٍ وَلَهُ عِدَّةُ مَوَاشٍ وَحَمِيرٌ وَآلَاتُ

<<  <  ج: ص:  >  >>