بِهَا وَيَجْمَعُهَا كُلَّهَا حُدُودٌ أَرْبَعٌ وَذَكَرَهَا، ثُمَّ إنَّ الْفَلَّاحِينَ سُكَّانَ الْقَرْيَةِ غَرَسُوا أَشْجَارًا وَكُرُومًا وَعَمَّرُوا بُيُوتًا بِلَا إذْنٍ مِنْ الْمُسْتَحِقِّينَ فَهَلْ لَهُمْ ذَلِكَ وَهَلْ الدِّمْنَةُ دَاخِلَةٌ فِي الْوَقْفِ مَعَ جَمِيعِ مَا حَوَتْهُ الْحُدُودُ الْأَرْبَعَةُ مِنْ جَبَلٍ وَسَهْلٍ وَوَعْرٍ وَهَلْ يَلْزَمُ الْفَلَّاحِينَ أُجْرَةُ السُّكْنَى وَهَلْ لَهُمْ أَنْ يُعَمِّرُوا قَدْرًا زَائِدًا عَلَى سَكَنِهِمْ وَيَلْزَمُهُمْ أُجْرَتُهُ أَوْ يَكُونُ قَوْلُ الْوَاقِفِ دِمْنَةٍ بِرَسْمِ سُكْنَى فَلَّاحِيهَا إذْنًا لَهُمْ فِي السَّكَنِ بِلَا أُجْرَةٍ وَإِذَا كَانُوا يَدْفَعُونَ كُلَّ سَنَةٍ قَدْرًا يَسِيرًا يَزْعُمُونَ أَنَّهُ خَرَاجٌ عَنْ الْكُرُومِ وَالْأَشْجَارِ فَهَلْ يَكُونُ قَبْضُ الْمُسْتَحِقِّينَ لِذَلِكَ رِضًا مِنْهُمْ عَنْ أُجْرَةِ الْأَرْضِ الْحَامِلَةِ لِهَذَا الْغِرَاسِ أَمْ لَهُمْ مُطَالَبَتُهُمْ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ عَنْ الْمُدَّةِ الْمَاضِيَةِ وَمُحَاسَبَتُهُمْ بِمَا قَبَضُوا؟
(الْجَوَابُ) : لَيْسَ لِلْفَلَّاحِينَ بِالْقَرْيَةِ الْمَذْكُورَةِ أَنْ يَغْرِسُوا أَوْ يَبْنُوا فِيهَا مِنْ غَيْرِ إذْنٍ شَرْعِيٍّ فَإِنْ فَعَلُوا فَمَنْ لَهُ وِلَايَةُ الْإِذْنِ شَرْعًا مُخَيَّرٌ إنْ شَاءَ أَبْقَى مَا فَعَلُوا بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ حَيْثُ كَانَ ذَلِكَ أَصْلَحَ لِجِهَةِ الْوَقْفِ وَإِنْ شَاءَ قَلَعَهُ مَجَّانًا وَمَا كَانَ دَاخِلًا فِي حُدُودِ الْقَرْيَةِ الْمَذْكُورَةِ حَتَّى الدِّمْنَةُ فَهُوَ دَاخِلٌ فِي الْوَقْفِ وَجَارٍ عَلَيْهِ حُكْمُهُ فَلَيْسَ لِأَحَدٍ سُكْنَاهُ وَلَا إحْدَاثُ عِمَارَةٍ بِهِ بِغَيْرِ طَرِيقٍ شَرْعِيٍّ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ قَوْلَ الْوَاقِفِ فِي الدِّمْنَةِ الْمَذْكُورَةِ إنَّهَا بِرَسْمِ سُكْنَى فَلَّاحِيهَا إنَّمَا هُوَ وَصْفٌ لَهَا لَا شَرْطٌ وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَعَلَيْهِمْ أُجْرَةُ السُّكْنَى لِجِهَةِ الْوَقْفِ وَأُجْرَةُ مِثْلِ مَا أَشْغَلُوهُ بِالْعِمَارَةِ بِغَيْرِ طَرِيقٍ شَرْعِيٍّ وَلَا تَسْقُطُ الْأُجْرَةُ عَنْهُمْ بِمَا يَدْفَعُونَهُ مِمَّا يُسَمُّونَهُ خَرَاجًا بَلْ عَلَيْهِمْ أُجْرَةُ الْمِثْلِ وَلَا يَمْنَعُ مِنْ مُطَالَبَتِهِمْ بِهِ قَبْضُ الْقَدْرِ الْمُسَمَّى بِالْخَرَاجِ بَلْ يُقَامُ هَذَا عَلَيْهِمْ مِنْ أُجْرَةِ الْمِثْلِ وَيُسْتَوْفَى الْمَاضِي مِنْهَا كَتَبَهُ عُمَرُ بْنُ الصَّيْرَفِيِّ الشَّافِعِيُّ ثُمَّ ذَكَرَ الْمُؤَلِّفُ جَوَابًا نَحْوَهُ وَفِي آخِرِهِ كَتَبَهُ أَبُو الْفَضْلِ الشَّافِعِيُّ الْإِمَامُ ثُمَّ ذَكَرَ نَحْوَهُ أَيْضًا وَفِيهِ وَأَمَّا الدِّمْنَةُ فَإِنَّهَا مِنْ جُمْلَةِ الْوَقْفِ وَلَيْسَ قَوْلُهُ بِرَسْمِ سُكْنَى فَلَّاحِيهَا إذْنًا لَهُمْ وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ أَنْ يُعَمَّرَ عَلَى قَدْرِ سَكَنِهِ أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ وَفِي آخِرِهِ كَتَبَهُ مُحَمَّدُ بْنُ حَمْزَةَ الْحُسَيْنِيُّ ثُمَّ ذَكَرَ نَحْوَهُ أَيْضًا وَفِيهِ وَالدِّمْنَةُ دَاخِلَةٌ فِي الْوَقْفِ وَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يُعَمِّرَ قَدْرًا زَائِدًا عَلَى مَسْكَنِهِ وَفِي آخِرِهِ كَتَبَهُ مُحَمَّدُ بْنُ النَّاسِخِ الْمَالِكِيُّ.
ثُمَّ ذَكَرَ نَحْوَ الْأَوَّلِ وَفِيهِ وَالْوَقْفُ شَامِلٌ لِكُلِّ مَا ثَبَتَ فِيهِ الْمِلْكُ لِلْوَاقِفِ قَبْلَ وَقْفِهِ مِمَّا هُوَ دَاخِلٌ فِي الْحُدُودِ فَيَسْتَحِقُّهُ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِمْ كَتَبَهُ إبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي شَرِيفٍ الشَّافِعِيُّ ثُمَّ ذَكَرَ جَوَابًا آخَرَ: لِلنَّاظِرِ عَلَى ذَلِكَ بَلْ عَلَيْهِ مُطَالَبَتُهُمْ بِأُجْرَةِ مِثْلِ الْأَرْضِ وَمَنْعُهُمْ مِنْ أَنْ يَغْرِسُوا شَيْئًا فِيهَا إلَّا بِطَرِيقٍ شَرْعِيٍّ وَلَهُ أَنْ يَقْلَعَ مَا غُرِسَ بِغَيْرِ طَرِيقٍ شَرْعِيٍّ مَجَّانًا وَلَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يَحْمِيَ الْغَارِسَ وَلَا يُعِينَهُ عَلَى مَا يُخَالِفُ الشَّرْعَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ كَتَبَهُ زَكَرِيَّا بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَنْصَارِيُّ الشَّافِعِيُّ جَوَابِي كَمَا أَفَادَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ وَاضِعُ خَطِّهِ أَعْلَاهُ، قَالَ ذَلِكَ وَكَتَبَهُ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الطَّرَابُلُسِيُّ الْحَنَفِيُّ ثُمَّ ذَكَرَ أَجْوِبَةً أُخَرَ قَرِيبَةً مِنْ ذَلِكَ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِهِنْدٍ غِرَاسٌ قَائِمٌ بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ فِي أَرْضِ وَقْفٍ مُحْتَكَرَةٍ وَهِيَ وَاضِعَةٌ يَدَهَا عَلَيْهِ بِطَرِيقِ الْإِرْثِ مِنْ أَقَارِبِهَا الْمُتَصَرِّفِينَ قَبْلَهَا مِنْ مُدَّةٍ تَزِيدُ عَلَى خَمْسِينَ سَنَةً وَيَدْفَعُونَ الْحِكْرَ الْمُرَتَّبَ عَلَى الْأَرْضِ لِجِهَةِ الْوَقْفِ بِلَا مُعَارِضٍ ثُمَّ بَاعَتْ حِصَّةً مِنْ الْغِرَاسِ مِنْ زَيْدٍ وَتُرِيدُ بَيْعَ الْبَاقِي وَيُعَارِضُهَا نَاظِرُ الْوَقْفِ فِي ذَلِكَ يُرِيدُ أَخْذَ شَيْءٍ مِنْ ثَمَنِ الْمَبِيعِ وَيَزْعُمُ أَنَّ الْبَيْعَ يَتَوَقَّفُ صِحَّتُهُ عَلَى إذْنِهِ وَيُكَلِّفُهَا إلَى إظْهَارِ كِتَابِ احْتِرَامٍ يَشْهَدُ لَهَا وَلِمَنْ قَبْلَهَا بِالْمِلْكِيَّةِ فَهَلْ الْبَيْعُ الْمَزْبُورُ صَحِيحٌ وَلَا يَتَوَقَّفُ صِحَّتُهُ عَلَى إذْنِهِ وَلَيْسَ لَهُ تَكْلِيفُهَا؟
(الْجَوَابُ) : نَعَمْ.
(سُئِلَ) فِي قَرْيَةٍ جَارِيَةٍ فِي أَوْقَافِ بِرٍّ مُتَعَدِّدَةٍ وَلَهَا زُرَّاعٌ يَزْرَعُونَهَا وَيَدْفَعُونَ أَجْرَ مِثْلِهَا لِجِهَةِ الْأَوْقَافِ فِي كُلِّ سَنَةٍ بِمُوجَبِ مُسْتَنَدَاتٍ شَرْعِيَّةٍ وَالْآنَ يَمْتَنِعُونَ مِنْ دَفْعِ ذَلِكَ مُتَمَسِّكِينَ بِحُجَّةٍ بِأَيْدِيهِمْ مُتَضَمِّنَةٍ أَنَّهُمْ تَرَافَعُوا لَدَى قَاضٍ شَرْعِيٍّ مَعَ أَحَدِ الْمُتَوَلِّينَ عَلَى الْأَوْقَافِ وَذَكَرُوا أَنَّهُمْ يَدْفَعُونَ كَذَا مِنْ الدَّرَاهِمِ فِي الْقَدِيمِ وَأَنَّ الْقَاضِيَ الْمُتَرَافَعَ إلَيْهِ عَرَفَ أَنَّ الْقَدِيمَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute