للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَهَذَا ظَاهِرٌ لَا غُبَارَ عَلَيْهِ وَيَظْهَرُ لِلْفَقِيهِ بِأَدْنَى إمَالَةِ نَظَرٍ إلَيْهِ. اهـ. وَفِيهَا وَقَدْ صَرَّحُوا بِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ تَصَرُّفُ الْوَصِيِّ إلَّا بِعِلْمِ الْمُشْرِفِ فَكَيْفَ الْمُتَوَلِّي اهـ فَإِنْ كَانَ النَّاظِرُ بِمَعْنَى الْمُتَوَلِّي أَوْ بِمَعْنَى الْمُشْرِفِ وَهُمَا إمَّا وَكِيلَانِ عَنْ الْوَاقِفِ أَوْ وَصِيَّانِ فَعَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا لَا يَجُوزُ لِلْمُتَوَلِّي الِانْفِرَادُ بِالتَّصَرُّفِ بِدُونِ عِلْمِ النَّاظِرِ وَاطِّلَاعِهِ عَلَى مَا ظَهَرَ لَنَا مِمَّا ذَكَرْنَاهُ وَأَمَّا إذَا كَانَ النَّاظِرُ مَنْصُوبًا مِنْ قِبَلِ الْمُتَوَلِّي فَيَكُونُ وَكِيلًا عَنْهُ أَوْ مَأْذُونًا مِنْ قِبَلِهِ وَفِعْلُ الْوَكِيلِ وَالْمَأْذُونِ يَنْفُذُ عَلَى الْمُوَكِّلِ وَالْآذِنِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ الْمُوَفِّقُ.

(أَقُولُ) لَا يُخَالِفُ هَذَا مَا نَقَلَهُ الْمُؤَلِّفُ فِي مَحَلٍّ آخَرَ عَنْ فَتَاوَى الشَّلَبِيِّ مِنْ الْوَقْفِ مِنْ الْقِسْمِ الثَّانِي وَنَصُّهُ نَعَمْ لِوَلَدِ زَيْدٍ الْمَذْكُورِ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ وَظِيفَتَيْ الْجِبَايَةِ وَالْمُبَاشَرَةِ بِالْوَقْفِ الْمَذْكُورِ إذَا لَمْ يُوجَدْ فِي شَرْطِ الْوَاقِفِ الْمَنْعُ مِنْ الْجَمْعِ بَيْنَ وَظِيفَتَيْنِ إذْ لَا مُعَارِضَ فِي الْقِيَامِ بِالْوَظِيفَتَيْنِ الْمَذْكُورَتَيْنِ بَلْ قِيَامُ الْجَابِي بِوَظِيفَةِ الْمُبَاشَرَةِ أَشَدُّ ضَبْطًا فَإِنَّ الْغَالِبَ أَنَّ مُبَاشِرَ الْوَقْفِ إنَّمَا يَعْتَمِدُ فِيمَا يَضْبِطُهُ عَلَى إمْلَاءِ الْجَابِي وَاَللَّهُ أَعْلَمُ اهـ؛ لِأَنَّ هَاتَيْنِ وَظِيفَتَانِ مُتَبَايِنَتَانِ بِخِلَافِ النَّظَرِ وَالتَّوْلِيَةِ فَإِنَّهُمَا بِمَعْنًى وَاحِدٍ كَمَا عَلِمْته فَإِذَا شَرَطَ الْوَاقِفُ نَاظِرًا وَمُتَوَلِّيًا فَكَأَنَّهُ شَرَطَ وَظِيفَةَ النَّظَرِ الْمُرَادِفَةِ لِلتَّوْلِيَةِ لِشَخْصَيْنِ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَنْفَرِدَ بِهَا وَاحِدٌ لِمُخَالَفَةِ شَرْطِ الْوَاقِفِ؛ لِأَنَّ مَقْصُودَهُ اجْتِمَاعُ رَأْيِ شَخْصَيْنِ فِي تَعَاطِي أُمُورِ الْوَقْفِ وَلَيْسَ رَأْيُ الْوَاحِدِ كَرَأْيِ الِاثْنَيْنِ فَلَيْسَ مَقْصُودُهُ تَعَدُّدَ الْوَظِيفَةِ بَلْ تَعَدُّدَ صَاحِبِهَا، أَمَّا الْجِبَايَةُ وَالْمُبَاشَرَةُ فَلَمَّا كَانَتَا مُتَبَايِنَتَيْنِ كَانَ مَقْصُودُهُ تَعَدُّدَ الْوَظِيفَتَيْنِ سَوَاءٌ اجْتَمَعَتَا فِي شَخْصٍ وَاحِدٍ أَوْ فِي شَخْصَيْنِ.

كَمَا لَوْ شَرَطَ وَظِيفَةَ إمَامَةٍ وَأَذَانٍ فَقَامَ بِهِمَا وَاحِدٌ لِحُصُولِ مَقْصُودِ الْوَاقِفِ وَقَدْ نُقِلَ فِي الْبَحْرِ أَنَّ لِلْمُتَوَلِّي أَنْ يَسْتَأْجِرَ الْمُؤَذِّنَ لِخِدْمَةِ الْمَسْجِدِ بِأَجْرِ الْمِثْلِ. اهـ. وَسَيَأْتِي قَرِيبًا مَا يُؤَيِّدُهُ أَيْضًا.

(سُئِلَ) فِي نُظَّارِ وَقْفِ بِرٍّ يُعَارِضُونَ مُتَوَلِّيَهُ فِي التَّصَرُّفِ فِي أُمُورِ الْوَقْفِ إلَّا بِإِذْنِهِمْ وَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ نِظَارَتَهُمْ بِشَرْطِ الْوَاقِفِ فَهَلْ لَيْسَ لَهُمْ ذَلِكَ إلَّا أَنْ تَثْبُتَ نِظَارَتَهُمْ بِشَرْطِ الْوَاقِفِ؟

(الْجَوَابُ) : نَعَمْ كَمَا أَفْتَى بِهِ الشَّيْخُ إسْمَاعِيلُ.

(سُئِلَ) فِيمَا إذَا سَكَنَتْ هِنْدٌ فِي دَارٍ مَوْقُوفَةٍ لِلِاسْتِغْلَالِ عِدَّةَ سِنِينَ بِالتَّغَلُّبِ بِلَا إجَارَةٍ ثُمَّ طَالَبَهَا النَّاظِرُ بِالْأُجْرَةِ فَامْتَنَعَتْ بِلَا وَجْهٍ شَرْعِيٍّ فَادَّعَى عَلَيْهَا بِذَلِكَ لَدَى حَاكِمٍ شَرْعِيٍّ وَأَلْزَمَهَا بِالْأُجْرَةِ وَغَرِمَ بِسَبَبِ ذَلِكَ مَبْلَغًا دَفَعَهُ مِنْ مَالِ الْوَقْفِ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ دَفْعِهِ وَيُرِيدُ احْتِسَابَهُ عَلَى الْوَقْفِ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟

(الْجَوَابُ) : نَعَمْ كَمَا فِي الْخَيْرِيَّةِ.

(سُئِلَ) فِي مُتَوَلِّي وَقْفٍ أَهْلِيٍّ عَمَّرَ فِي الْوَقْفِ عِمَارَةً ضَرُورِيَّةً وَصَرَفَ عَلَيْهَا مِنْ مَالِ الْوَقْفِ مَصْرِفَ الْمِثْلِ فَلَمْ يُصَدِّقْهُ الْمُسْتَحِقُّونَ وَشَكَوْا عَلَيْهِ لِلْحَاكِمِ وَالْتَمَسُوا الْكَشْفَ وَالْوُقُوفَ عَلَى صَرْفِهِ الْمَذْكُورِ وَعَلَى أَمَاكِنِ الْوَقْفِ الْمُحْتَاجَةِ لِلتَّعْمِيرِ وَالتَّرْمِيمِ وَالْمُحَاسَبَةِ عَلَى إيرَادِ الْوَقْفِ وَمَصَارِفِهِ فَكَشَفَ عَلَيْهَا كَمَا الْتَمَسُوا فَإِذَا الْعِمَارَةُ الْمَذْكُورَةُ ثَابِتَةٌ فِي مَحَالِّهَا كَمَا قَرَّرَهُ الْمُتَوَلِّي وَثَبَتَ مَا ادَّعَاهُ بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ وَكُتِبَ بِذَلِكَ حُجَّةٌ شَرْعِيَّةٌ وَدَفْتَرٌ مَمْضِيٌّ بِإِمْضَاءِ الْقَاضِي وَغَرِمَ النَّاظِرُ مِنْ مَالِ الْوَقْفِ عَلَى ذَلِكَ مَا لَا بُدَّ مِنْهُ فَهَلْ لَهُ احْتِسَابُهُ عَلَى الْوَقْفِ؟

(الْجَوَابُ) : صَرَّحَ عُلَمَاؤُنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّ يَدَ النَّاظِرِ عَلَى الْوَقْفِ يَدُ أَمَانَةٍ لَا يَدُ عُدْوَانٍ فَحَيْثُ أَخَذَ مِنْهُ الْمَبْلَغَ الْمَذْكُورَ مِنْ مَالِ الْوَقْفِ وَلَمْ يُمْكِنْهُ دَفْعُ الْآخِذِ عَنْ أَخْذِهِ فَلِلنَّاظِرِ احْتِسَابُهُ عَلَى الْوَقْفِ وَفِي الْبَحْرِ وَكَثِيرٍ مِنْ الْكُتُبِ لِلْقَيِّمِ صَرْفُ شَيْءٍ مِنْ مَالِ الْوَقْفِ إلَى كُتُبِ الْفَتْوَى وَمَحَاضِرِ الدَّعْوَى لِاسْتِخْلَاصِ الْوَقْفِ مِنْ أَيْدِي ذَوِي الشَّوْكَةِ خَيْرِيَّةً مِنْ الْوَقْفِ.

وَمِثْلُهُ فِي الْقُنْيَةِ مِنْ بَابِ تَصَرُّفَاتِ الْقَيِّمِ وَفِيهَا أَيْضًا وَقَدْ صَرَّحَ عُلَمَاؤُنَا قَاطِبَةً بِأَنَّ يَدَ النَّاظِرِ عَلَى الْوَقْفِ يَدُ أَمَانَةٍ لَا يَدُ عُدْوَانٍ قَالَ فِي الذَّخِيرَةِ وَإِنْ بَاعَ الْأَرْضَ فَقَبَضَ الثَّمَنَ فَهَلَكَ فِي يَدِهِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَيَكُونُ الثَّمَنُ عِنْدَهُ أَمَانَةً وَأَخْذُ الْقَاضِي وَأَعْوَانِهِ الْمَالَ كَأَخْذِ اللُّصُوصِ وَقَدْ قَالَ كَثِيرٌ مِنْ عُلَمَائِنَا الْمُتَأَخِّرِينَ عَنْ قُضَاةِ زَمَانِهِمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>