للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

خَبَّازٌ أَوْ كَاتِبٌ فَكَانَ بِخِلَافِهِ أَخَذَهُ بِكُلِّ الثَّمَنِ أَوْ تَرَكَ؛ لِأَنَّ هَذَا وَصْفٌ مَرْغُوبٌ فِيهِ مُسْتَحَقٌّ بِالشَّرْطِ فِي الْعَقْدِ ثُمَّ فَوَاتُهُ يُوجِبُ التَّخْيِيرَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَرْضَ بِهِ دُونَهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ بَاعَ شَاةً عَلَى أَنَّهَا حَامِلٌ أَوْ تَحْلُبُ كَذَا وَكَذَا رِطْلًا حَيْثُ يَفْسُدُ الْبَيْعُ لَا؛ لِأَنَّهُ مِنْ قَبِيلِ الْوَصْفِ وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ قَبِيلِ الشَّرْطِ الْفَاسِدِ إذْ لَا يُعْرَفُ ذَلِكَ حَقِيقَةً؛ لِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنَّهُ لَبَنٌ أَوْ انْتِفَاخٌ حَتَّى لَوْ اشْتَرَطَ أَنَّهَا حَلُوبٌ أَوْ لَبُونٌ لَا يَفْسُدُ؛ لِأَنَّهُ وَصْفٌ وَلَوْ قَالَ يَخْبِزُ كَذَا صَاعًا أَوْ كَذَا قَدْرًا يَفْسُدُ لِمَا ذَكَرْنَا اهـ وَفِي الْبَحْرِ وَلَوْ اشْتَرَى ثَوْبًا عَلَى أَنَّهُ هَرَوِيٌّ فَإِذَا هُوَ بَلْخِيٌّ فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ عِنْدَنَا وَمِثْلُهُ فِي خِزَانَةِ الْفَتَاوَى.

(أَقُولُ) وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّ الْهَرَوِيَّ وَالْبَلْخِيَّ جِنْسَانِ مُخْتَلِفَانِ فَإِذَا وَقَعَ الْبَيْعُ عَلَى الْهَرَوِيِّ فَظَهَرَ أَنَّهُ بَلْخِيٌّ فَسَدَ الْبَيْعُ لِعَدَمِ وُجُودِ حَقِيقَةِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ بِخِلَافِ بَيْعِ الْعَبْدِ عَلَى أَنَّهُ خَبَّازٌ فَإِذَا هُوَ غَيْرُ خَبَّازٍ فَإِنَّهُ صَحِيحٌ لِوُجُودِ الْحَقِيقَةِ وَيَتَخَيَّرُ لِفَوَاتِ الْوَصْفِ وَكَذَا الْفَرَسُ فِي مَسْأَلَتِنَا وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ مَا فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ مِنْ الْبَحْرِ عِنْدَ قَوْلِ الْكَنْزِ فِيمَا لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ وَأَمَةٌ تَبَيَّنَ أَنَّهُ عَبْدٌ وَكَذَا عَكْسُهُ بِخِلَافِ مَا إذَا بَاعَ كَبْشًا فَإِذَا هُوَ نَعْجَةٌ حَيْثُ يَنْعَقِدُ الْبَيْعُ وَيَتَخَيَّرُ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْإِشَارَةَ مَعَ التَّسْمِيَةِ إذَا اجْتَمَعَا فَفِي مُخْتَلِفِي الْجِنْسِ يَتَعَلَّقُ الْعَقْدُ بِالْمُسَمَّى وَيَبْطُلُ لِانْعِدَامِهِ وَفِي مُتَّحِدِي الْجِنْسِ يَتَعَلَّقُ بِالْمُشَارِ إلَيْهِ وَيَنْعَقِدُ لِوُجُودِهِ وَيَتَخَيَّرُ لِفَوَاتِ الْوَصْفِ كَمَنْ اشْتَرَى عَبْدًا عَلَى أَنَّهُ خَبَّازٌ فَإِذَا هُوَ كَاتِبٌ وَالذَّكَرُ وَالْأُنْثَى مِنْ بَنِي آدَمَ جِنْسَانِ لِلتَّفَاوُتِ فِي الْأَغْرَاضِ وَفِي الْحَيَوَانِ جِنْسٌ وَاحِدٌ لِلتَّقَارُبِ فِيهَا وَهُوَ الْمُعْتَبَرُ دُونَ الْأَصْلِ كَالْخَلِّ وَالدِّبْسِ جِنْسَانِ وَالْوَدَارِيِّ وَالزَّنْدِيجِيِّ عَلَى مَا قَالُوا جِنْسَانِ مَعَ اتِّحَادِ أَصْلِهِمَا كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْبَيْعُ فِي مَسْأَلَةِ الْكِتَابِ أَيْ الْكَنْزِ بَاطِلٌ لِعَدَمِ الْمَبِيعِ وَالْجِنْسُ فِي الْفِقْهِ الْمَقُولِ عَلَى كَثِيرِينَ لَا يَتَفَاوَتُ الْغَرَضُ مِنْهَا فَاحِشًا فَالْجِنْسَانِ مَا يَتَفَاوَتُ الْغَرَضُ مِنْهُمَا فَاحِشًا بِلَا نَظَرٍ إلَى الذَّاتِيِّ.

قَالَ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَمِنْ الْمُخْتَلِفِي الْجِنْسِ مَا إذَا بَاعَ فَصًّا عَلَى أَنَّهُ يَاقُوتٌ فَإِذَا هُوَ زُجَاجٌ فَالْبَيْعُ بَاطِلٌ وَلَوْ بَاعَهُ لَيْلًا عَلَى أَنَّهُ يَاقُوتٌ أَحْمَرُ فَظَهَرَ أَصْفَرَ صَحَّ وَيُخَيَّرُ كَمَا إذَا بَاعَ عَبْدًا عَلَى أَنَّهُ خَبَّازٌ فَإِذَا هُوَ كَاتِبٌ اهـ مَا فِي الْبَحْرِ مُلَخَّصًا وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَاعْلَمْ أَنَّهُ إذَا شَرَطَ فِي الْمَبِيعِ مَا يَجُوزُ اشْتِرَاطُهُ فَوَجَدَهُ بِخِلَافِهِ فَتَارَةً يَكُونُ الْبَيْعُ فَاسِدًا وَتَارَةً يَسْتَمِرُّ عَلَى الصِّحَّةِ وَيَثْبُتُ لِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ وَتَارَةً يَسْتَمِرُّ صَحِيحًا وَلَا خِيَارَ لِلْمُشْتَرِي وَهُوَ مَا إذَا وَجَدَهُ خَيْرًا مِمَّا شَرَطَهُ وَضَابِطُهُ إنْ كَانَ الْمَبِيعُ مِنْ جِنْسِ الْمُسَمَّى فَفِيهِ الْخِيَارُ وَالثِّيَابُ أَجْنَاسٌ أَعْنِي الْهَرَوِيَّ وَالْإِسْكَنْدَرِيّ وَالْمَرْوِيَّ وَالْكَتَّانَ وَالْقُطْنَ وَالذَّكَرُ مَعَ الْأُنْثَى فِي بَنِي آدَمَ جِنْسَانِ وَفِي سَائِرِ الْحَيَوَانَاتِ جِنْسٌ وَاحِدٌ وَالضَّابِطُ فُحْشُ التَّفَاوُتِ فِي الْأَغْرَاضِ وَعَدَمِهِ اهـ ثُمَّ ذَكَرَ بَقِيَّةَ الْفُرُوعِ.

(سُئِلَ) فِيمَا إذَا اشْتَرَى زَيْدٌ مِنْ عَمْرٍو عِدَّةَ أَثْوَابٍ مِنْ الثِّيَابِ الْقُطْنِيِّ عَلَى أَنَّهُ هِنْدِيٌّ فَظَهَرَ أَنَّهُ عَجَمِيٌّ وَبَيْنَهُمَا تَفَاوُتٌ فَاحِشٌ وَيُرِيدُ زَيْدٌ رَدَّهَا عَلَى الْبَائِعِ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟

(الْجَوَابُ) : نَعَمْ (أَقُولُ) مُقْتَضَى مَا قَرَّرْنَاهُ آنِفًا أَنَّ الْبَيْعَ بَاطِلٌ لَا صَحِيحٌ مَعَ التَّخْيِيرِ تَأَمَّلْ.

(سُئِلَ) فِيمَا إذَا اشْتَرَى زَيْدٌ مِنْ عَمْرٍو جَارِيَةً عَلَى أَنَّهَا حَبَشِيَّةٌ فَظَهَرَ أَنَّهَا زِنْجِيَّةٌ وَبَيْنَهُمَا تَفَاوُتٌ فَاحِشٌ مِنْ حَيْثُ الثَّمَنُ وَيُرِيدُ رَدَّهَا عَلَى الْبَائِعِ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟

(الْجَوَابُ) : نَعَمْ إذَا اشْتَرَاهَا بِنَاءً عَلَى مَا وُصِفَ لَهُ بِثَمَنٍ لَوْ لَمْ يَصِفْهَا بِهَذِهِ الصِّفَةِ لَا تُشْتَرَى بِذَلِكَ الثَّمَنِ وَالتَّفَاوُتُ بَيْنَ الثَّمَنَيْنِ فَاحِشٌ وَهِيَ لَا تُسَاوِي مَا اشْتَرَاهَا بِهِ لَهُ الرَّدُّ إذَا تَبَيَّنَ بِخِلَافِ ذَلِكَ.

(سُئِلَ) فِي رَجُلٍ اشْتَرَى مِنْ آخَرَ خَمْسَةَ جُلُودِ جَامُوسٍ صَفْقَةً وَاحِدَةً بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ وَتَسَلَّمَ الْجُلُودَ ثُمَّ وَجَدَ بِوَاحِدٍ عَيْبًا وَيُرِيدُ رَدَّ الْمَعِيبِ فَقَطْ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ سَالِمًا بَعْدَ الثُّبُوتِ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟

(الْجَوَابُ) : نَعَمْ إذَا اشْتَرَى الْجُلُودَ الْمَذْكُورَةَ صَفْقَةً وَاحِدَةً وَقَبَضَهَا جَمِيعَهَا ثُمَّ ظَهَرَ بِوَاحِدٍ مِنْهَا عَيْبٌ لَهُ رَدُّ الْمَعِيبِ فَقَطْ قَالَ فِي الدُّرَرِ مِنْ خِيَارِ الْعَيْبِ وَلَوْ اشْتَرَى عَبْدَيْنِ

<<  <  ج: ص:  >  >>