لَا تُسْمَعُ دَعْوَى الْمُشْتَرِي إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ ارْتِفَاعَ الْحَيْضِ بِالْحَبَلِ أَوْ بِسَبَبِ الدَّاءِ فَإِنْ ادَّعَى بِسَبَبِ الْحَبَلِ يُرِيهَا الْقَاضِي لِلنِّسَاءِ إنْ قُلْنَ هِيَ حُبْلَى يَحْلِفُ الْبَائِعُ أَنَّ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ وَإِنْ قُلْنَ لَيْسَتْ بِحُبْلَى فَلَا يَمِينَ اهـ.
(أَقُولُ) وَتَقَدَّمَ فِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ تَمَامُ عِبَارَةِ الْخَانِيَّةِ وَأَنَّ الْحَبَلَ يَثْبُتُ بِقَوْلِ النِّسَاءِ فِي حَقِّ الْخُصُومَةِ وَلَا تُرَدُّ بِشَهَادَتِهِنَّ وَأَمَّا فِي نَحْوِ الْقَرْنِ وَالرَّتَقِ فَإِنَّهُ تُرَدُّ بِشَهَادَتِهِنَّ إنْ كَانَ قَبْلَ الْقَبْضِ وَأَنَّ الْمَرْأَةَ وَالْمَرْأَتَيْنِ فِيهِ سَوَاءٌ وَأَنَّهُ فِي دَعْوَى الدَّاءِ تُرَدُّ بِشَهَادَةِ رَجُلَيْنِ وَقَوْلُهُ إنْ كَانَ قَبْلَ الْقَبْضِ احْتِرَازٌ عَمَّا لَوْ كَانَ بَعْدَهُ فَإِنَّهُ لَا يُرَدُّ بِقَوْلِهِنَّ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ تَحْلِيفِ الْبَائِعِ كَمَا فِي الزَّيْلَعِيِّ وَالْمِنَحِ وَجَامِعِ الْفُصُولَيْنِ وَالْخُلَاصَةِ وَفِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِقَاضِي خَانْ إنْ كَانَ بَعْدَ الْقَبْضِ لَا تُرَدُّ بِشَهَادَةِ النِّسَاءِ بِالِاتِّفَاقِ لَكِنْ يَحْلِفُ الْبَائِعُ فَإِنْ حَلَفَ لَا تُرَدُّ وَإِنْ نَكَلَ تُرَدُّ عَلَيْهِ بِنُكُولِهِ وَإِنْ كَانَ قَبْلَ الْقَبْضِ ذَكَرَ الْخَصَّافُ أَنَّ عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ تُرَدُّ مِنْ غَيْرِ يَمِينِ الْبَائِعِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ لَا تُرَدُّ حَتَّى يَحْلِفَ الْبَائِعُ وَعَنْ مُحَمَّدٍ فِي النَّوَادِرِ شَهَادَةُ النِّسَاءِ فِيمَا لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ الرِّجَالُ تَصْلُحُ حُجَّةً لِلرَّدِّ وَإِنْ كَانَ بَعْدَ الْقَبْضِ اهـ وَرَأَيْت فِي مَجْمُوعَةِ صَمْتِيٍّ أَفَنْدِي عَنْ نَقْدِ الْفَتَاوَى مَا لَا يَنْظُرُ إلَيْهِ الرِّجَالُ كَالْقَرْنِ وَالرَّتَقِ إذَا أَخْبَرَتْ امْرَأَةٌ وَاحِدَةٌ بِهِ يَثْبُتُ الْعَيْبُ فِي حَقِّ الْخُصُومَةِ لَا فِي الرَّدِّ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ اهـ.
وَبِهَذَا ظَهَرَ أَنَّ مَا فِي الْبَحْرِ عَنْ فَتْحِ الْقَدِيرِ وَمِثْلُهُ فِي النَّهْرِ مِنْ أَنَّهُ يَثْبُتُ الرَّدُّ بِقَوْلِ الْمَرْأَةِ الْوَاحِدَةِ عِنْدَهُمَا مَفْرُوضٌ فِيمَا إذَا كَانَ ذَلِكَ قَبْلَ الْقَبْضِ لِمَا عَلِمْت مِنْ حِكَايَةِ الِاتِّفَاقِ عَلَى عَدَمِ الرَّدِّ بَعْدَهُ وَعَلَى هَذَا فَقَوْلُهُمْ فِي كِتَابِ الشَّهَادَةِ إنَّ نِصَابَهَا فِيمَا لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ إلَّا النِّسَاءُ امْرَأَةٌ وَاحِدَةٌ مَحْمُولٌ عَلَى مَا قَبْلَ الْقَبْضِ أَوْ يَكُونُ الْمُرَادُ أَنَّهُ تُقْبَلُ شَهَادَتُهَا فِي حَقِّ تَوَجُّهِ الْخُصُومَةِ عَلَى الْبَائِعِ لَا فِي حَقِّ الرَّدِّ كَذَا حَرَّرْته فِيمَا عَلَّقْته عَلَى الْبَحْرِ وَبِهَذَا ظَهَرَ جَوَابُ حَادِثَةِ الْفَتْوَى فِيمَنْ اشْتَرَى جَارِيَةً رُومِيَّةً لِلتَّسَرِّي فَبَاشَرَهَا مِرَارًا فَوَجَدَهَا رَتْقَاءَ وَأَخْبَرَتْ النِّسَاءُ أَنَّهَا رَتْقَاءُ فَأَجَبْت بِأَنَّهَا لَا تُرَدُّ وَلَكِنْ يَحْلِفُ الْبَائِعُ فَإِنْ نَكَلَ رَجَعَ الْمُشْتَرِي عَلَيْهِ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ؛ لِأَنَّ مُبَاشَرَتَهَا مَانِعَةٌ مِنْ الرَّدِّ قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ وَفِي الْأَصْلِ رَجُلٌ اشْتَرَى جَارِيَةً وَلَمْ يَبْرَأْ مِنْ عُيُوبِهَا فَوَطِئَهَا ثُمَّ وَجَدَ بِهَا عَيْبًا لَا يَمْلِكُ رَدَّهَا سَوَاءٌ كَانَتْ بِكْرًا أَوْ لَا نَقَصَهَا الْوَطْءُ أَوْ لَا بِخِلَافِ الِاسْتِخْدَامِ وَكَذَا لَوْ قَبَّلَهَا أَوْ لَمَسَهَا بِشَهْوَةٍ وَيَرْجِعُ بِالنُّقْصَانِ إلَّا أَنْ يَقُولَ الْبَائِعُ أَنَا أُقَبِّلُهَا اهـ وَنَحْوُهُ فِي الْخَانِيَّةِ.
وَكَذَا فِي الْبَحْرِ عَنْ الظَّهِيرِيَّةِ وَفِي الْقُنْيَةِ قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ اشْتَرَاهَا عَلَى أَنَّهَا بِكْرٌ فَلَمَّا أَخَذَ فِي وَطْئِهَا عَلِمَ أَنَّهَا ثَيِّبٌ فَإِنْ زَايَلَهَا بِلَا لُبْثٍ فَلَهُ الرَّدُّ وَإِلَّا لَزِمَتْهُ ثُمَّ رَمَزَ وَقَالَ الْوَطْءُ يَمْنَعُ الرَّدَّ وَهُوَ الْمَذْهَبُ اهـ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْعُيُوبَ أَرْبَعَةُ أَقْسَامٍ الْأَوَّلُ مَا هُوَ ظَاهِرٌ يَعْرِفُهُ كُلُّ أَحَدٍ فَإِنْ كَانَ لَا يَحْدُثُ مِثْلُهُ كَإِصْبَعٍ زَائِدَةٍ يَقْضِي الْقَاضِي بِالرَّدِّ بِلَا تَحْلِيفٍ إلَّا إذَا ادَّعَى الْبَائِعُ رِضَا الْمُشْتَرِي أَوْ الْإِبْرَاءَ عَنْهُ فَيَحْلِفُ الْمُشْتَرِي بِاَللَّهِ مَا رَضِيَ بِهِ وَكَذَلِكَ فِي عَيْبٍ يَحْدُثُ وَلَكِنْ لَا يَحْدُثُ مِثْلُهُ فِي مِثْلِ تِلْكَ الْمُدَّةِ وَلَوْ يَحْدُثُ فِي مِثْلِهَا فَأَنْكَرَ الْبَائِعُ كَوْنَهُ عِنْدَهُ يَحْلِفُ الْبَائِعُ بِاَللَّهِ مَا لَهُ حَقُّ الرَّدِّ عَلَيْك بِهَذَا الْعَيْبِ الَّذِي يَدَّعِيهِ الْقِسْمُ الثَّانِي مَا لَا يَعْرِفُهُ إلَّا الْأَطِبَّاءُ كَدِقٍّ وَسُلٍّ وَحُمَّى قَدِيمَةٍ يُقْبَلُ فِي قِيَامِ الْعَيْبِ لِلْحَالِ وَتَوَجُّهِ الْخُصُومَةِ قَوْلٌ وَاحِدٌ مِنْهُمْ ثُمَّ لَا بُدَّ مِنْ عَدْلَيْنِ لِإِثْبَاتِهِ عِنْدَ الْبَائِعِ فَيُرَدُّ عَلَيْهِ إذَا لَمْ يَدَّعِ الرِّضَا بِهِ كَمَا فِي الزَّيْلَعِيِّ وَقَاضِي خَانْ الْقِسْمُ الثَّالِثُ مَا لَا يَعْرِفُهُ إلَّا النِّسَاءُ وَقَدْ عَلِمْت حُكْمَهُ.
الْقِسْمُ الرَّابِعُ مَا لَا يَعْرِفُهُ إلَّا أَهْلُ الْخِبْرَةِ كَإِبَاقٍ وَسَرِقَةٍ وَبَوْلٍ فِي الْفِرَاشِ وَجُنُونٍ فَإِنْ أَنْكَرَ الْبَائِعُ الْعَيْبَ لَا تُسْمَعُ خُصُومَةُ الْمُشْتَرِي مَا لَمْ يُبَرْهِنْ عَلَى وُجُودِ الْعَيْبِ عِنْدَهُ فَإِنْ بَرْهَنَ وَلَا بَيِّنَةَ عَلَى وُجُودِهِ عِنْدَ الْبَائِعِ يُحَلِّفُهُ عَلَى أَنَّهُ مَا سَرَقَ أَوْ مَا أَبَقَ أَوْ مَا جُنَّ أَوْ مَا بَالَ عِنْدَهُ بَعْدَ الْبُلُوغِ فَإِنْ نَكَلَ رُدَّ وَإِلَّا فَلَا وَلَوْلَا بَيِّنَةٍ لِلْمُشْتَرِي عَلَى عَيْبٍ فِي يَدِهِ فَعِنْدَهُمَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute