للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لَا يَكُونُ لَهُ حَقُّ الرُّجُوعِ عَلَيْهِ عِمَادِيَّةٌ مِنْ الْفَصْلِ ٢٨ وَمِنْهَا فِي أَحْكَامِ السُّفْلِ وَالْعُلْوِ: الْمُتَبَرِّعُ لَا يَرْجِعُ عَلَى غَيْرِهِ كَمَا لَوْ قَضَى دَيْنَ غَيْرِهِ بِغَيْرِ أَمْرِهِ اهـ.

(سُئِلَ) فِي رَجُلٍ أَدَانَ رَجُلَيْنِ مَبْلَغًا مَعْلُومًا مُؤَجَّلًا إلَى سَنَةٍ وَضَمِنَهُمَا عِنْدَهُ رَجُلٌ آخَرُ ثُمَّ اُسْتُحِقَّ الْأَجَلُ فَأَدَّى أَحَدُهُمَا مَا عَلَيْهِ بِالتَّمَامِ وَأَدَّى الْآخَرُ الْبَعْضَ وَبَقِيَ عَلَيْهِ مِائَةُ قِرْشٍ فَعَامَلَ الدَّائِنَ بِهَا وَزَادَهُ عِشْرِينَ قِرْشًا وَأَجَّلَ ذَلِكَ إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ مِنْ غَيْرِ حُضُورِ الضَّامِنِ الْمَزْبُورِ وَالْآنَ يُرِيدُ أَنْ يَدَّعِيَ عَلَى الضَّامِنِ فِي الْعَقْدِ الْأَوَّلِ بِالْمِائَةِ وَالْعِشْرِينَ الْمَذْكُورَةِ فَكَيْفَ الْحُكْمُ؟

(الْجَوَابُ) : عَقْدُ الضَّمَانِ انْفَسَخَ بِمُضِيِّ الْعَقْدِ الْأَوَّلِ وَلَا يَكُونُ الرَّجُلُ الْمَذْكُورُ ضَامِنًا لِلْمَبْلَغِ الْحَاصِلِ بِالْعَقْدِ الْجَدِيدِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ لَوْ سَقَطَ دَيْنُ الطَّالِبِ عَنْ الْبَائِعِ بِسَبَبٍ مِنْ الْأَسْبَابِ إمَّا بِفَسْخِ الْمُدَايَنَةِ الَّتِي جَرَتْ بَيْنَ الْبَائِعِ وَغَرِيمِهِ أَوْ بِإِبْرَاءِ الْغَرِيمِ عَنْ دَيْنِهِ أَوْ بِقَضَاءِ الْبَائِعِ دَيْنَهُ فَهُنَاكَ يَبْرَأُ الْكَفِيلُ وَتَبْطُلُ الْكَفَالَةُ ذَخِيرَةٌ مِنْ الْفَصْلِ ١١ وَاخْتِلَافُ الصَّكِّ يَكُونُ بِمَنْزِلَةِ اخْتِلَافِ السَّبَبِ خَانِيَّةٌ مِنْ فَصْلِ فِيمَا يَكُونُ إقْرَارًا بِشَيْءٍ أَوْ شَيْئَيْنِ فِي مَسْأَلَةِ إضَافَةِ الْإِقْرَارِ إلَى سَبَبٍ وَبِعَيْنِ هَذَا الْجَوَابِ أَفْتَى الْعَلَّامَةُ الْمُحَقِّقُ الْمَرْحُومُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ أَفَنْدِي الْعِمَادِيُّ وَسُئِلَ فِي الْمَدْيُونِ إذَا أَحَالَ رَبَّ الدَّيْنِ بِدَيْنِهِ عَلَى مَدْيُونٍ لَهُ بِرِضَاهُ وَضَمِنَهُ فِي ذَلِكَ فَأَجَابَ بِأَنَّهُ يَصِحُّ الضَّمَانُ وَيُطَالِبُ أَيًّا شَاءَ قَالَ فِي الْخَانِيَّةِ رَجُلٌ لَهُ عَلَى رَجُلٍ مَالٌ فَقَالَ الطَّالِبُ لِلْمَدْيُونِ أَحِلْنِي بِمَالِي عَلَيْك عَلَى فُلَانٍ عَلَى أَنَّك ضَامِنٌ لِذَلِكَ فَفَعَلَ فَهُوَ جَائِزٌ وَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ الْمَالَ مِنْ أَيِّهِمَا شَاءَ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا شَرَطَ الضَّمَانَ عَلَى الْمُحِيلِ فَقَدْ جَعَلَ الْحَوَالَةَ كَفَالَةً؛ لِأَنَّ الْحَوَالَةَ بِشَرْطِ عَدَمِ بَرَاءَةِ الْمُحِيلِ كَفَالَةٌ اهـ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ.

وَبِمِثْلِهِ أَفْتَى الْعَلَّامَةُ سِرَاجُ الدِّينِ الْمَشْهُورُ بِقَارِئِ الْهِدَايَةِ فِي فَتَاوِيهِ (أَقُولُ) إنَّمَا ذَكَرَ عِبَارَةَ الذَّخِيرَةِ لِيَقِيسَ عَلَيْهَا مَسْأَلَةَ اخْتِلَافِ الصَّكِّ فِي أَنَّهُ يَبْرَأُ الْكَفِيلُ؛ لِأَنَّ اخْتِلَافَ الصَّكِّ بِمَنْزِلَةِ اخْتِلَافِ السَّبَبِ وَقَدْ صَرَّحَ فِي عِبَارَةِ الذَّخِيرَةِ الْمَذْكُورَةِ بِأَنَّهُ لَوْ سَقَطَ الدَّيْنُ بِسَبَبٍ مِنْ الْأَسْبَابِ تَبْطُلُ الْكَفَالَةُ فَكَذَا تَبْطُلُ لَوْ اخْتَلَفَ الصَّكُّ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ اخْتِلَافِ السَّبَبِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْخَانِيَّةِ فَكَذَا فِي الْمَسْأَلَةِ الْمَسْئُولِ عَنْهَا قَدْ اخْتَلَفَ الصَّكُّ فَتَبْطُلُ الْكَفَالَةُ هَذَا مُرَادُ الْمُؤَلِّفِ فِي نَقْلِ عِبَارَةِ الذَّخِيرَةِ وَالْخَانِيَّةِ وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ فَإِنَّ مَسْأَلَةَ الْخَانِيَّةِ إنَّمَا هِيَ فِيمَا إذَا أَقَرَّ رَجُلٌ بِأَلْفٍ عِنْدَ الشُّهُودِ بِصَكٍّ ثُمَّ أَقَرَّ بِأَلْفٍ بِصَكٍّ آخَرَ فَهُمَا أَلْفَانِ؛ لِأَنَّ اخْتِلَافَ الصَّكِّ بِمَنْزِلَةِ اخْتِلَافِ السَّبَبِ فَيَكُونَانِ إقْرَارَيْنِ فَيَلْزَمُهُ كُلٌّ مِنْ الْأَلْفَيْنِ وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ هَذَا لَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ تَغْيِيرَ الصَّكِّ بِكِتَابَةِ صَكٍّ آخَرَ فِي مَسْأَلَتِنَا يُبْطِلُ الْكَفَالَةَ؛ لِأَنَّ الصَّكَّ الْأَوَّلَ لَمْ يَبْطُلْ كَمَا فِي الْإِقْرَارِ وَإِذَا لَمْ يَبْطُلْ فَكَيْفَ تَبْطُلُ الْكَفَالَةُ الَّتِي فِيهِ نَعَمْ لَوْ فَسَخَا الْمُدَايَنَةَ الْأُولَى ثُمَّ جَدَّدَاهَا فِي صَكٍّ آخَرَ تَبْطُلُ الْكَفَالَةُ الْأُولَى كَمَا دَلَّتْ عَلَيْهِ عِبَارَةُ الذَّخِيرَةِ لِسُقُوطِ الدَّيْنِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْمُؤَلِّفُ فِيمَا يَأْتِي قَرِيبًا فَافْهَمْ.

(سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ بِذِمَّةِ عَمْرٍو مَبْلَغُ دَيْنٍ مَعْلُومٍ مِنْ الدَّرَاهِمِ وَكَفَلَهُ بِذَلِكَ بَكْرٌ فَأَحَالَ عَمْرٌو زَيْدًا بِالْمَبْلَغِ الْمَزْبُورِ عَلَى خَالِدٍ حَوَالَةً شَرْعِيَّةً مَقْبُولَةً مِنْ الْجَمِيعِ فَهَلْ يَبْرَأُ الْكَفِيلُ؟

(الْجَوَابُ) : نَعَمْ قَالَ فِي الْبَحْرِ وَفِي قَوْلِهِ بَرِئَ الْمُحِيلُ إشَارَةٌ إلَى بَرَاءَةِ كَفِيلِهِ فَإِذَا أَحَالَ الْأَصِيلُ الطَّالِبَ بَرِئَا كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

(سُئِلَ) فِيمَا إذَا اسْتَدَانَ زَيْدٌ مِنْ عَمْرٍو مَبْلَغًا مَعْلُومًا مِنْ الدَّرَاهِمِ إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ وَكَفَلَهُ بَكْرٌ بِذَلِكَ ثُمَّ حَلَّ الْأَجَلُ فَأَجَّلَهُ عَمْرٌو إلَى أَجَلٍ آخَرَ مَعْلُومٍ وَفَسَخَا عَقْدَ الْمُدَايَنَةِ الْأَوَّلَ مِنْ غَيْرِ حُضُورِ بَكْرٍ وَلَا تَجْدِيدِ كَفَالَةٍ وَالْآنَ يُرِيدُ عَمْرٌو الدَّعْوَى عَلَى بَكْرٍ بِمَا عَاقَدَهُ عَلَيْهِ ثَانِيًا بِالْمَبْلَغِ الْمَزْبُورِ فَهَلْ لَا يَكُونُ بَكْرٌ كَفِيلًا بِالْمَبْلَغِ الْحَاصِلِ بِالْعَقْدِ الْجَدِيدِ؟

(الْجَوَابُ) : حَيْثُ فَسَخَا عَقْدَ الْمُدَايَنَةِ الْأَوَّلِ لَا يَكُونُ كَفِيلًا بِمَا عَقَدَاهُ ثَانِيًا بِدُونِ كَفَالَةٍ وَنَقَلَهَا مَا مَرَّ قَرِيبًا عَنْ الذَّخِيرَةِ.

(أَقُولُ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ بِمُجَرَّدِ مُضِيِّ الْأَجَلِ الْأَوَّلِ وَتَجْدِيدِ أَجَلٍ آخَرَ بِدُونِ فَسْخٍ صَرِيحٍ تَبْقَى

<<  <  ج: ص:  >  >>