للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لَيْسَ قَوْلًا ثَالِثًا بَلْ هُوَ الْقَوْلُ الثَّانِي كَمَا فِي الْبَحْرِ وَأَنَّ قَوْلَ التَّنْوِيرِ وَلَوْ قُضِيَ عَلَى غَائِبٍ إلَخْ مَعْنَاهُ لَوْ قَضَى مَنْ يَرَى جَوَازَهُ فَلَا يُنَافِي قَوْلَهُ قَبْلَهُ لَا يُقْضَى عَلَى غَائِبٍ؛ لِأَنَّهُ فِي الْقَاضِي الْحَنَفِيِّ كَمَا حَرَّرَهُ فِي الْبَحْرِ بِقَوْلِهِ اشْتَبَهَ عَلَى كَثِيرٍ أَنَّ قَوْلَهُمْ الْفَتْوَى عَلَى النَّفَاذِ أَعَمُّ مِنْ كَوْنِ الْقَاضِي شَافِعِيًّا يَرَاهُ أَوْ حَنَفِيًّا لَا يَرَاهُ أَوْ خَاصٌّ بِمَنْ يَرَاهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ فِي حَقِّ مَنْ يَرَاهُ لِإِجْمَاعِ أَصْحَابِنَا عَلَى أَنَّهُ لَا يُقْضَى عَلَى غَائِبٍ كَمَا ذَكَرَهُ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ فِي شَرْحِ أَدَبِ الْقَاضِي إلَى آخِرِ مَا أَطَالَ بِهِ وَهُوَ مُوَافِقٌ لِمَا هُوَ الْمَشْهُورُ فِي الْمَذْهَبِ مِنْ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ الْقَضَاءُ عَلَى الْغَائِبِ لَكِنْ اعْتَرَضَهُ الْعَلَّامَةُ الْمَقْدِسِيُّ فِي شَرْحِ نَظْمِ الْكَنْزِ بِتَصْرِيحِ صَاحِبِ الْقُنْيَةِ بِأَنَّهُ فِي حَقِّ الْحَنَفِيّ وَبِمَا فِي جَامِعِ الْفَتَاوَى وَلَوْ قَضَى نَفَذَ.

وَقَالَ مُحَمَّدٌ لَا يَنْفُذُ وَالْفَتْوَى عَلَى الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُ إذَا رَفَعَ لِآخَرَ لَا يَنْقُضُهُ اهـ وَنَحْوُهُ فِي حَاشِيَةِ الْخَيْرِ الرَّمْلِيِّ وَقَالَ صَاحِبُ جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ مَا حَاصِلُهُ أَقُولُ قَدْ اضْطَرَبَتْ آرَاؤُهُمْ فِي الْحُكْمِ عَلَى الْغَائِبِ وَلَهُ فَيَنْبَغِي عِنْدِي أَنْ يُحْتَاطَ وَيُلَاحَظُ الْحَرَجُ وَالضَّرُورَاتُ فَيُفْتَى بِحَسَبِهَا جَوَازًا أَوْ فَسَادًا صِيَانَةً لِلْحُقُوقِ مَعَ أَنَّهُ مُجْتَهِدٌ فِيهِ ذَهَبَ إلَى جَوَازِهِ الْأَئِمَّةُ الثَّلَاثَةُ وَفِيهِ عِنْدَنَا رِوَايَتَانِ وَالْأَحْوَطُ نَصْبُ وَكِيلٍ عَنْهُ يَعْرِفُ أَنَّهُ يُرَاعِي جَانِبَ الْغَائِبِ وَلَا يُفَرِّطُ فِي حَقِّهِ اهـ مُلَخَّصًا وَارْتَضَاهُ فِي نُورِ الْعَيْنِ فَيَنْبَغِي التَّعْوِيلُ عَلَيْهِ وَقَالَ الْعَلَّامَةُ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ فِي حَاشِيَةِ الْبَحْرِ لَكِنْ إذَا لُوحِظَ الْحَرَجُ وَالضَّرُورَةُ يَجِبُ اعْتِبَارُ عَدَمِ إمْكَانِ مُرَاجَعَةِ الْغَائِبِ وَإِحْضَارِهِ حَتَّى لَوْ أَمْكَنَ لَا يَصِحُّ لِعَدَمِ الضَّرُورَةِ اهـ وَاَللَّهُ تَعَالَى الْمُوَفِّقُ.

(سُئِلَ) فِيمَا إذَا ادَّعَى زَيْدٌ النَّاظِرُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَنْفَارٍ أَنَّهُمْ وَبَقِيَّةُ أَهَالِي قَرْيَةِ كَذَا غَصَبُوا قِطْعَةَ أَرْضٍ مَعَ آخَرِينَ مِنْ مَزْرَعَتِهِ الْجَارِيَةِ تَحْتَ نِظَارَتِهِ بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ وَأَثْبَتَ ذَلِكَ فِي وَجْهِهِمْ وَكَتَبَ بِذَلِكَ حُجَّةً فَهَلْ الْحُكْمُ الْمَذْكُورُ نَافِذٌ وَلَا يَتَعَدَّى إلَى غَيْرِ الْمَحْكُومِ عَلَيْهِمْ؟

(الْجَوَابُ) : الْحُكْمُ الْمَذْكُورُ نَافِذٌ عَلَى الْمَحْكُومِ عَلَيْهِمْ فَقَطْ وَلَا يَتَعَدَّى إلَى غَيْرِهِمْ لِمَا قَالَ فِي الْأَشْبَاهِ مِنْ بَابِ الْقَضَاءِ إنَّ الْقَضَاءَ يَقْتَصِرُ عَلَى الْمَقْضِيِّ عَلَيْهِ وَلَا يَتَعَدَّى إلَى غَيْرِهِ إلَّا فِي خَمْسَةٍ فَفِي أَرْبَعَةٍ يَتَعَدَّى إلَى كَافَّةِ النَّاسِ فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَى أَحَدٍ فِيهِ بَعْدَهُ فِي الْحُرِّيَّةِ الْأَصْلِيَّةِ وَالنَّسَبِ وَوَلَاءِ الْإِعْتَاقِ وَالنِّكَاحِ كَذَا فِي الْفَتَاوَى الصُّغْرَى وَالْقَضَاءُ بِالْوَقْفِ يَقْتَصِرُ وَلَا يَتَعَدَّى إلَى الْكَافَّةِ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ وَقَالَ أَيْضًا لَا يَنْتَصِبُ أَحَدٌ خَصْمًا عَنْ أَحَدٍ قَصْدًا بِغَيْرِ وَكَالَةٍ وَنِيَابَةٍ وَوَلَاءٍ إلَّا فِي مَسْأَلَتَيْنِ أَحَدُ الْوَرَثَةِ يَنْتَصِبُ خَصْمًا عَنْ الْبَاقِي الثَّانِيَةُ أَحَدُ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ يَنْتَصِبُ خَصْمًا عَنْ الْبَاقِي كَذَا حَرَّرَهُ ابْنُ وَهْبَانَ عَنْ الْقُنْيَةِ وَقَالَ فِي نُورِ الْعَيْنِ فِي الْفَصْلِ الْخَامِسِ ادَّعَتْ تَعْلِيقَ طَلَاقِ نَفْسِهَا بِنِكَاحِ غَيْرِهَا وَبَرْهَنَتْ أَنَّهُ تَزَوَّجَ فُلَانَةَ فَفِي قَبُولِ هَذِهِ الْبَيِّنَةِ رِوَايَتَانِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهَا لَا تُقْبَلُ إذْ نِكَاحُ فُلَانَةَ شَرْطُ طَلَاقِهَا فَلَا تَنْتَصِبُ خَصْمًا فِي إثْبَاتِ الشَّرْطِ ثُمَّ قَالَ وَالصَّحِيحُ فِي الْجَوَابِ فِيمَا لَوْ كَانَ ثُبُوتُ الْحُكْمِ عَلَى الْغَائِبِ شَرْطًا لِلْمُدَّعِي بِهِ عَلَى الْحَاضِرِ يُنْظَرُ لَوْ لَمْ يَتَضَرَّرْ بِهِ الْغَائِبُ كَدُخُولِ الدَّارِ وَغَيْرِهِ يَصِيرُ الْحَاضِرُ خَصْمًا عَنْهُ لَا لَوْ دَائِرًا بَيْنَ نَفْعٍ وَضُرٍّ اهـ. .

(سُئِلَ) فِيمَا إذَا تَرَافَعَ زَيْدٌ مَعَ عَمْرٍو عِنْدَ قَاضٍ بِخُصُوصِ دَعْوَى وَكَانَ الْحَقُّ ثَابِتًا بِيَدِ زَيْدٍ فَحَكَمَ الْقَاضِي بِخُصُوصِ الدَّعْوَى الْمَذْكُورَةِ بِثُبُوتِ الْحَقِّ لِعَمْرٍو بِخِلَافِ الشَّرْعِ وَأَعْطَاهُ بِذَلِكَ حُجَّةً فَهَلْ يَكُونُ الْحُكْمُ الْمَذْكُورُ غَيْرَ نَافِذٍ وَالْحُجَّةُ غَيْرَ مُعْتَبَرَةٍ أَمْ لَا؟

(الْجَوَابُ) : إذَا حَكَمَ الْحَاكِمُ بِخِلَافِ الشَّرْعِ الشَّرِيفِ وَأَعْطَى بِذَلِكَ حُجَّةً لَا يَنْفُذُ الْحُكْمُ الْمَذْكُورُ وَلَا يُعْمَلُ بِالْحُجَّةِ الْمَذْكُورَةِ وَالْحَالَةَ هَذِهِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} [المائدة: ٤٥] وَقَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «قَاضٍ فِي الْجَنَّةِ وَقَاضِيَانِ فِي النَّارِ» أَيْ قَاضٍ عَرَفَ الْحَقَّ وَحَكَمَ بِهِ فَهُوَ فِي الْجَنَّةِ وَقَاضٍ عَرَفَ الْحَقَّ وَحَكَمَ بِخِلَافِهِ فَهُوَ فِي النَّارِ وَكَذَا قَاضٍ قَضَى عَلَى جَهْلٍ وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ قَالَ الْحَمَوِيُّ فِي حَاشِيَةِ الْأَشْبَاهِ قَالَ فِي الْعِنَايَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>