للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بِنَفْسِ الْعَقْدِ إذْ هُوَ بَدَلُ الْبُضْعِ وَقَدْ مَلَكَهُ فَيُطَالَبُ بِهِ وَإِذْ كَانَ كَذَلِكَ فَيُحْبَسُ فِيهِ حَتَّى يُوَفِّيَهُ أَوْ يَظْهَرَ إعْسَارُهُ لِقَاضِيهِ هَذَا أَصَحُّ مَا قِيلَ فِيهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ اهـ. .

(سُئِلَ) فِي الْأَبِ إذَا أَبَى الْإِنْفَاقَ عَلَى وَلَدِهِ الصَّغِيرِ هَلْ يُحْبَسُ أَمْ لَا؟

(الْجَوَابُ) : لَا يُحْبَسُ الْأَبُ بِدَيْنِ وَلَدِهِ إلَّا إنْ أَبَى مِنْ الْإِنْفَاقِ عَلَيْهِ كَذَا فِي الْمُلْتَقَى وَغَيْرِهِ.

(سُئِلَ) هَلْ يُحْبَسُ الْوَالِدُ فِي دَيْنِ وَلَدِهِ أَمْ لَا؟

(الْجَوَابُ) : لَا يُحْبَسُ وَالِدٌ فِي دَيْنِ وَلَدِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْمُلْتَقَى وَغَيْرِهِ مِنْ الْكُتُبِ الْمُعْتَبَرَةِ وَنُكِّرَ الْوَالِدُ لِيَدْخُلَ جَمِيعُ الْأُصُولِ فَلَا يُحْبَسُ أَصْلٌ فِي دَيْنِ فَرْعِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ الْعُقُوبَةَ بِسَبَبِ وَلَدِهِ وَكَذَا لَا قِصَاصَ عَلَيْهِ بِقَتْلِهِ وَلَا بِقَتْلِ مُوَرِّثِهِ وَلَا يُحَدُّ بِقَذْفِهِ وَلَا بِقَذْفِ أُمِّهِ الْمَيِّتَةِ كَمَا فِي الْبَحْرِ مِنْ الْحَبْسِ وَقَالَ فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ مِنْ آخِرِ كِتَابِ أَدَبِ الْقَضَاءِ لَا يُحْبَسُ أَحَدُ الْأَبَوَيْنِ وَالْجَدَّيْنِ وَالْجَدَّتَيْنِ إلَّا فِي النَّفَقَةِ لِوَلَدِهِمَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا} [لقمان: ١٥] وَلَيْسَ الْحَبْسُ مِنْ الْمَعْرُوفِ وَلِأَنَّ فِي الْحَبْسِ نَوْعَ عُقُوبَةٍ تَجِبُ ابْتِدَاءً لِلْوَلَدِ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُعَاقِبَ ابْتِدَاءً بِتَفْوِيتِ حَقٍّ عَلَى الْوَلَدِ كَالْقِصَاصِ اهـ.

(أَقُولُ) بَقِيَ مَا إذَا كَانَ لِلِابْنِ عَلَى أَبِيهِ دَيْنٌ بِكَفَالَةِ أَجْنَبِيٍّ عَنْهُ بِإِذْنِهِ فَحَبَسَ الِابْنُ الْكَفِيلَ فَهَلْ لِلْكَفِيلِ حَبْسُ الْأَبِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِمْ إذَا حُبِسَ الْكَفِيلُ فَلَهُ حَبْسُ الْمَكْفُولِ فَذَكَرَ الْعَلَّامَةُ الشُّرُنْبُلَالِيُّ فِي حَاشِيَةِ الدُّرَرِ أَنَّهُ لَا يُحْبَسُ لِمَا يَلْزَمُ مِنْ حَبْسِهِ حَبْسُ الْأَصِيلِ وَهُوَ مُمْتَنِعٌ وَقَدْ أَلَفَّ رِسَالَةً فِي خُصُوصِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَنَقَلَ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ أَنَّ بَعْضَ الْمَوَالِي أَفْتَى بِذَلِكَ أَخْذًا مِمَّا فِي الْقُهُسْتَانِيِّ ثُمَّ رَدَّ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ وَلَا يَغْتَرُّ بِهِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا حُبِسَ لِحَقِّ الْكَفِيلِ وَلِذَلِكَ يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِمَا أَدَّى فَهُوَ مَحْبُوسٌ بِدَيْنِهِ الَّذِي ثَبَتَ عَلَيْهِ أَوْ سَيَثْبُتُ عَلَى قَوْلِ مَنْ يَجْعَلُهَا ضَمًّا فِي الدَّيْنِ وَعَلَى قَوْلِ مَنْ يَجْعَلُهَا ضَمَّا فِي الْمُطَالَبَةِ فَلَمْ يَدْخُلْ تَحْتَ قَوْلِهِمْ لَا يُحْبَسُ أَصْلٌ فِي دَيْنِ فَرْعِهِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا حَبَسَهُ أَجْنَبِيٌّ فِيمَا ثَبَتَ لَهُ عَلَيْهِ تَأَمَّلْ اهـ كَلَامُ الْخَيْرِ الرَّمْلِيِّ.

وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ مُتَّجَهٌ عَلَى أَنَّ نَصَّ مَا فِي الْقُهُسْتَانِيِّ فِي كِتَابِ الْكَفَالَةِ هَكَذَا وَإِنْ حُبِسَ حُبِسَ هُوَ الْمَكْفُولُ عَنْهُ إلَّا إذَا كَانَ كَفِيلًا عَنْ أَحَدِ الْأَبَوَيْنِ أَوْ الْجَدَّيْنِ فَإِنَّهُ إنْ حُبِسَ لَمْ يَحْبِسْهُ. بِهِ يُشْعِرُ قَضَاءُ الْخُلَاصَةِ اهـ وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ مَا فِي الْقُهُسْتَانِيِّ مَسْأَلَةٌ أُخْرَى غَيْرَ مَا نَحْنُ فِيهِ؛ لِأَنَّ مَا نَحْنُ فِيهِ هُوَ مَا إذَا كَانَ الْكَفِيلُ أَجْنَبِيًّا وَالْمَكْفُولُ أَصْلًا لِلدَّائِنِ وَمَا فِي الْقُهُسْتَانِيِّ فِيمَا إذَا كَانَ الدَّائِنُ أَجْنَبِيًّا وَالْمَكْفُولُ أَصْلًا لِلْكَفِيلِ كَمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ الْأَجْنَبِيِّ بِذِمَّةِ عَمْرٍو دَيْنٌ وَقَدْ كَفَلَ ابْنُ عَمْرٍو أَبَاهُ بِذَلِكَ الدَّيْنِ فَإِذَا أَرَادَ زَيْدٌ الْأَجْنَبِيُّ أَنْ يَحْبِسَ الْكَفِيلَ وَهُوَ ابْنُ عَمْرٍو فَلَيْسَ لِلْكَفِيلِ أَنْ يَحْبِسَ أَبَاهُ بِدَيْنِ الْكَفَالَةِ لِمَا يَلْزَمُ عَلَيْهِ مِنْ حَبْسِ الْأَصْلِ بِدَيْنِ فَرْعِهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَقَدْ خَفِيَ الْفَرْقُ بَيْنَ هَاتَيْنِ الْمَسْأَلَتَيْنِ عَلَى كَثِيرِينَ حَتَّى عَلَى الشُّرُنْبُلَالِيِّ فِي رِسَالَتِهِ وَقَدْ مَنَّ الْمَوْلَى تَعَالَى عَلَيَّ بِإِظْهَارِ الْفَرْقِ الْمَذْكُورِ وَأَوْضَحْته فِيمَا عَلَّقْته عَلَى الْبَحْرِ فِي كِتَابِ الْكَفَالَةِ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ.

(سُئِلَ) فِي مَدْيُونٍ مَحْبُوسٍ ثَبَتَ لَدَى الْقَاضِي يَسَارُهُ بِبَيِّنَةٍ شَرْعِيَّةٍ فَهَلْ يُؤَيِّدُ حَبْسَهُ؟

(الْجَوَابُ) : نَعَمْ يُؤَيِّدُ حَبْسَ الْمُوسِرِ حَتَّى يُوَفِّيَ دَيْنَهُ جَزَاءً لِظُلْمِهِ وَهَذَا عَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى يُبَاعُ مَالُهُ لِدَيْنِهِ وَبِقَوْلِهِمَا يُفْتَى كَمَا صُرِّحَ بِهِ فِي الِاخْتِيَارِ وَالتَّنْوِيرِ وَغَيْرِهِمَا فِي كِتَابِ الْحَجْرِ.

(سُئِلَ) فِي بَيِّنَةِ الْيَسَارِ هَلْ تُقَدَّمُ عَلَى بَيِّنَةِ الْإِعْسَارِ وَإِذَا شَهِدَتْ بَيِّنَةُ الْيَسَارِ عَلَى أَنَّهُ مُوسِرٌ قَادِرٌ عَلَى وَفَاءٍ الدَّيْنِ جَازَ وَكَفَى وَلَا يُشْتَرَطُ تَعْيِينُ الْمَالِ؟

(الْجَوَابُ) : بَيِّنَةُ الْيَسَارِ مُقَدَّمَةٌ وَيَكْفِي مَا ذُكِرَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَلَوْ أَقَامَ الْمَدْيُونُ بَيِّنَةً عَلَى الْإِعْسَارِ وَصَاحِبُ الدَّيْنِ عَلَى الْيَسَارِ كَانَتْ بَيِّنَةُ الْيَسَارِ أَوْلَى فَإِنْ شَهِدُوا أَنَّهُ مُوسِرٌ قَادِرٌ عَلَى أَدَاءِ الدَّيْنِ جَازَ ذَلِكَ وَكَفَى وَلَا يُشْتَرَطُ تَعْيِينُ الْمَالِ خَانِيَّةٌ وَقَالَ فِي الْمِنَحِ وَبَيِّنَةُ يَسَارِهِ أَحَقُّ مِنْ بَيِّنَةِ إعْسَارِهِ بِالْقَبُولِ عِنْدَ التَّعَارُضِ؛ لِأَنَّ الْيَسَارَ عَارِضٌ وَالْبَيِّنَةَ لِلْإِثْبَاتِ. . . إلَخْ

(أَقُولُ) فَلَوْ ثَبَتَ أَنَّهُ مُوسِرٌ ثُمَّ ادَّعَى

<<  <  ج: ص:  >  >>