للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَأَجَابَ عَمْرٌو بِأَنَّهُ ابْتَاعَهَا مِنْ رَجُلٍ سَمَّاهُ وَجَحَدَ دَعْوَى زَيْدٍ فَأَثْبَتَ زَيْدٌ دَعْوَاهُ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ بِالْبَيِّنَةِ الشَّرْعِيَّةِ فِي وَجْهِ عَمْرٍو وَحَكَمَ لَهُ الْقَاضِي بَعْدَمَا حَلَفَ زَيْدٌ بِاَللَّهِ أَنَّ الدَّابَّةَ الْمَذْكُورَةَ لَمْ تَخْرُجْ عَنْ مِلْكِهِ بِبَيْعٍ وَلَا بِهِبَةٍ وَلَا بِوَجْهٍ مِنْ سَائِرِ الْوُجُوهِ الشَّرْعِيَّةِ وَأَنَّهَا بَاقِيَةٌ فِي مِلْكِهِ إلَى يَوْمِ تَارِيخِهِ وَلَمْ يُثْبِتْ عَمْرٌو دَعْوَاهُ فَهَلْ يَكُونُ الْحُكْمُ الْمَذْكُورُ وَاقِعًا مَوْقِعَهُ الشَّرْعِيَّ؟

(الْجَوَابُ) : نَعَمْ.

(سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ بِيَدِ زَيْدٍ عَقَارٌ مُتَصَرِّفٌ فِيهِ تَصَرُّفَ الْمُلَّاكِ مِنْ مُدَّةٍ تَزِيدُ عَلَى أَرْبَعِينَ سَنَةً بِلَا مُعَارِضٍ وَلَا مُنَازِعٍ وَعَمْرٌو مُطَّلِعٌ عَلَى تَصَرُّفِهِ الْمَذْكُورِ وَلَمْ يَدَّعِ بِذَلِكَ عَلَى زَيْدٍ وَلَا مَنَعَهُ مِنْ الدَّعْوَى مَانِعٌ شَرْعِيٌّ فَهَلْ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى زَيْدٍ وَلَا دَعْوَى وَارِثِهِ مِنْ بَعْدِهِ وَيُتْرَكُ فِي يَدِ الْمُتَصَرِّفِ؛ لِأَنَّ الْحَالَ شَاهِدٌ؟

(الْجَوَابُ) : نَعَمْ قَالَ فِي جَامِعِ الْفَتَاوَى وَقَالَ الْمُتَأَخِّرُونَ مِنْ أَهْلِ الْفَتْوَى لَا تُسْمَعُ الدَّعْوَى بَعْدَ سِتٍّ وَثَلَاثِينَ سَنَةً إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُدَّعِي غَائِبًا أَوْ صَبِيًّا أَوْ مَجْنُونًا وَلَيْسَ لَهُمَا وَلِيٌّ أَوْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَمِيرًا جَائِرًا يُخَافُ مِنْهُ كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْعَتَّابِيَّةِ وَقَالَ فِي الْبَحْرِ عَنْ الْمَبْسُوطِ تَرَكَ الدَّعْوَى ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ سَنَةً وَلَمْ يَكُنْ مَانِعٌ مِنْ الدَّعْوَى ثُمَّ ادَّعَى لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ؛ لِأَنَّ تَرْكَ الدَّعْوَى مَعَ التَّمَكُّنِ يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ الْحَقِّ ظَاهِرًا اهـ.

وَفِي الْخُلَاصَةِ رَجُلٌ تَصَرَّفَ فِي أَرْضٍ زَمَانًا وَرَجُلٌ آخَرُ يَرَى تَصَرُّفَهُ فِيهَا ثُمَّ مَاتَ الْمُتَصَرِّفُ وَلَمْ يَدَّعِ الرَّجُلُ حَالَ حَيَاتِهِ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ بَعْدَ وَفَاتِهِ وَذَكَرَ فِي الْفَتَاوَى الْمَعْرُوفَةِ مَنْ لَهُ دَعْوَى فِي دَارِ رَجُلٍ فَلَمْ يُخَاصِمْ ثَلَاثَ سِنِينَ وَهُوَ فِي الْمِصْرِ بَطَلَ حَقُّهُ إلَّا أَنَّ هَذَا مَهْجُورٌ فَلَا يَنْفُذُ فِيهِ قَضَاءُ قَاضٍ فَإِنْ رَفَعَ إلَى قَاضٍ آخَرَ فَإِنَّ الثَّانِيَ يُبْطِلُ قَضَاءَ الْأَوَّلِ وَيَجْعَلُ الْمُدَّعِيَ عَلَى حَقِّهِ وَكَذَا الْمَرْأَةُ إذَا لَمْ تُخَاصِمْ سِنِينَ وَلَمْ تَطْلُبْ الْمَهْرَ الْمَفْرُوضَ كَذَا فِي قَاضِي خَانْ جَامِعُ الْفَتَاوَى مِنْ أَوَّلِ كِتَابِ الدَّعْوَى لَكِنْ فِي حَاوِي الزَّاهِدِيِّ مِنْ الدَّعْوَى أَنَّ الرِّوَايَةَ فِي عَدَمِ سَمَاعِهَا مِنْهُ بَعْدَ تَرْكِهَا ثَلَاثَ سِنِينَ فِي الْأَرَاضِي الْمَوْقُوفَةِ وَالْمُسَبَّلَةِ وَمَا يَحْتَاجُ فِي بَقَائِهِ إلَى الْإِنْفَاقِ وَالْمَرَمَّةِ إلَى أَنْ قَالَ لَكِنْ أَفْتَى الْمُتَأَخِّرُونَ بِذَلِكَ فِيمَا بَعْدَ ثَلَاثِينَ سَنَةً فِي كُلِّهَا لِكَوْنِهَا أَوْسَطَ الرِّوَايَاتِ الثَّلَاثِ وَخَيْرُ الْأُمُورِ أَوْسَطُهَا وَلِكَوْنِ كُلِّهَا مُسْتَوِيَةً فِي مِلْكِ اللَّهِ تَعَالَى اهـ وَارْجِعْ إلَى الْحَاوِي فِي هَذَا الْمَحَلِّ فَإِنَّ فِيهِ فَوَائِدَ جَمَّةً وَقَدْ أَفْتَى الْعَلَّامَةُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ وَمُفْتِي الْأَنَامِ عَبْدُ اللَّهِ أَفَنْدِي الْمُفْتِي الْعَامُّ بِالْمَمَالِكِ الْعُثْمَانِيَّةِ عَلَى سُؤَالٍ رُفِعَ إلَيْهِ بِمَا صُورَتُهُ فِي بَعْضِ عَقَارٍ فِي يَدِ زَيْدٍ يَتَصَرَّفُ فِيهِ بِطَرِيقِ الْمِلْكِ بِالشِّرَاءِ الشَّرْعِيِّ مِنْ مُدَّةٍ تَزِيدُ عَلَى ثَلَاثِينَ سَنَةً وَبَعْدَ مَوْتِهِ تَصَرَّفَ فِيهِ وَرَثَتُهُ بِطَرِيقِ الْإِرْثِ وَالْآنَ قَامَ مُتَوَلِّي وَقْفٍ يُرِيدُ أَنْ يَدَّعِيَ عَلَيْهِمْ بِأَنَّ ذَلِكَ الْعَقَارَ مِنْ مُسْتَغَلَّاتِ الْوَقْفِ وَأَتَى بِبَيِّنَةٍ تَشْهَدُ بِدَعْوَاهُ فَهَلْ لِلْقَاضِي أَنْ يَنْزِعَ الْعَقَارَ لِلْوَقْفِ مِنْ يَدِ الْوَرَثَةِ بِتِلْكَ الشَّهَادَةِ أَجَابَ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ كَتَبَهُ عَبْدُ اللَّهِ الْفَقِيرُ عُفِيَ عَنْهُ.

وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ إذَا سَمِعَ الْقَاضِي تِلْكَ الشَّهَادَةَ وَحَكَمَ بِنَزْعِ الْعَقَارِ لِلْوَقْفِ مِنْ يَدِ الْوَرَثَةِ وَكَتَبَ بِذَلِكَ حُجَّةً فَهَلْ يَنْفُذُ حُكْمُهُ وَتُعْتَبَرُ حُجَّتُهُ أَمْ لَا وَمَا يَلْزَمُ ذَلِكَ الْقَاضِي أَجَابَ لَا يَنْفُذُ حُكْمُهُ وَلَا تُعْتَبَرُ حُجَّتُهُ وَيُعْزَلُ كَتَبَهُ عَبْدُ اللَّهِ الْفَقِيرُ عُفِيَ عَنْهُ اهـ وَلَا سِيَّمَا بَعْدَ اطِّلَاعِهِ عَلَى تَصَرُّفِ زَيْدٍ الْمَذْكُورِ الْمُدَّةَ الْمَذْكُورَةَ قَالَ فِي فَتَاوَى الْوَلْوَالِجِيِّ رَجُلٌ تَصَرَّفَ زَمَانًا فِي أَرْضٍ وَرَجُلٌ آخَرُ رَأَى الْأَرْضَ وَالتَّصَرُّفَ وَلَمْ يَدَّعِ وَمَاتَ عَلَى ذَلِكَ لَمْ تُسْمَعْ بَعْدَ ذَلِكَ دَعْوَى وَلَدِهِ فَتُتْرَكُ عَلَى يَدِ الْمُتَصَرِّفِ؛ لِأَنَّ الْحَالَ شَاهِدٌ اهـ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى الْهَادِي وَعَلَيْهِ اعْتِمَادِي

(أَقُولُ) وَالْحَاصِلُ مِنْ هَذِهِ النُّقُولِ أَنَّ الدَّعْوَى بَعْدَ مُضِيِّ ثَلَاثِينَ سَنَةً أَوْ بَعْدَ ثَلَاثَةٍ وَثَلَاثِينَ لَا تُسْمَعُ إذَا كَانَ التَّرْكُ بِلَا عُذْرٍ مِنْ الْأَعْذَارِ الْمَارَّةِ؛ لِأَنَّ تَرْكَهَا هَذِهِ الْمُدَّةِ مَعَ التَّمَكُّنِ يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ الْحَقِّ ظَاهِرًا كَمَا مَرَّ عَنْ الْمَبْسُوطِ وَإِذَا كَانَ الْمُدَّعِي نَاظِرًا أَوْ مُطَّلِعًا عَلَى تَصَرُّفِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إلَى أَنْ مَاتَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لَا تُسْمَعُ الدَّعْوَى عَلَى وَرَثَتِهِ كَمَا مَرَّ عَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>