للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بَعْدَ الْحُكْمِ عَلَيْهِ لِخَصْمِهِ فَيَتَبَيَّنُ بُطْلَانُ الْحُكْمِ لِأَنَّهُ لَيْسَ قَاضِيًا فِيمَا مُنِعَ عَنْهُ فَحُكْمُهُ حُكْمُ الرَّعِيَّةِ فِي ذَلِكَ وَإِذَا أَتَاهُ خَبَرٌ بِالْمَنْعِ مِنْ عَدْلٍ أَوْ كِتَابٍ أَوْ رَسُولٍ عَمِلَ بِهِ كَمَا يَعْمَلُ بِالْمُشَافَهَةِ مِنْ السُّلْطَانِ وَمَنْ عَلِمَ أَنَّهُ وَكِيلٌ عَنْهُ وَعَلِمَ أَحْكَامَ الْوَكِيلِ اسْتَخْرَجَ مَسَائِلَ كَثِيرَةً تَتَعَلَّقُ بِهَذَا الْمَبْحَثِ وَهَانَ عَلَيْهِ الْأَمْرُ وَانْكَشَفَ لَهُ الْحَالُ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ اهـ كَلَامُ الْعَلَّامَةِ خَيْرِ الدِّينِ وَهُوَ كَلَامٌ رَصِينٌ مَتِينٌ وَحِينَئِذٍ فَإِذَا كَانَ سُلْطَانُ زَمَانَنَا نَصَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى نَهَى كُلَّ قَاضٍ وَلَّاهُ عَنْ سَمَاعِ دَعْوَى الْمِيرَاثِ الْمَذْكُورَةِ أَوْ غَيْرِهَا أَيْضًا بَعْدَ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً لَزِمَهُمْ ذَلِكَ وَلَا يَنْفُذُ حُكْمُهُمْ إذَا خَالَفُوا وَكَذَا لَوْ نَهَى الْبَعْضَ دُونَ الْبَعْضِ فَيَلْزَمُ مَنْ نَهَاهُ وَأَمَّا بِدُونِ النَّهْيِ فَالْقَضَاءُ مُطْلَقٌ فَيَصِحُّ حُكْمُهُمْ فِي جَمِيعِ الدَّعَاوَى وَلَوْ بَعْدَ هَذِهِ الْمُدَّةِ مَا لَمْ يَمْضِ عَلَيْهَا ثَلَاثٌ وَثَلَاثُونَ سَنَةً فَحِينَئِذٍ لَا تُسْمَعُ الدَّعْوَى كَمَا مَرَّ عَنْ الْمَبْسُوطِ فَإِنْ قُلْت قَدْ صَرَّحُوا بِأَنَّ الْقَاضِيَ لَا يَنْعَزِلُ بِمَوْتِ السُّلْطَانِ أَوْ خَلْعِهِ كَمَا مَرَّ فِي كِتَابِ الْقَضَاءِ وَعَلَّلُوهُ بِأَنَّ الْخَلِيفَةَ نَائِبٌ عَنْ الْمُسْلِمِينَ فِي تَقْلِيدِهِ لِلْقُضَاةِ وَالْمُسْلِمُونَ عَلَى حَالِهِمْ فَلَا يَنْعَزِلُ الْقَاضِي بِمَوْتِ النَّائِبِ يَعْنِي السُّلْطَانَ فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْقَاضِيَ يَبْقَى بَعْدَ مَوْتِ مُوَلِّيهِ عَلَى حَالِهِ فَإِذَا كَانَ مُوَلِّيهِ نَهَاهُ عَنْ شَيْءٍ يَبْقَى نَهْيُهُ بَعْدَ مَوْتِهِ.

قُلْت هَذَا مُسَلَّمٌ فِي نَفْسِ ذَلِكَ الْقَاضِي الَّذِي نُهِيَ عَنْ شَيْءٍ ثُمَّ مَاتَ مُوَلِّيهِ وَلَيْسَ كَلَامُنَا فِيهِ وَإِنَّمَا الْكَلَامُ فِي قَاضٍ آخَرَ وَلَّاهُ السُّلْطَانُ الْآخَرُ وَلَمْ يَنْهَهُ عَنْ شَيْءٍ فَهَذَا الْقَاضِي الْجَدِيدُ لَا يَكُونُ مَنْهِيًّا بِنَهْيِ السُّلْطَانِ السَّابِقِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مَنْصُوبًا مِنْ جِهَتِهِ عَلَى أَنَّ السُّلْطَانَ الْوَاحِدَ إذَا نَهَى قَاضِيًا وَأَطْلَقَ لِقَاضٍ آخَرَ لَمْ يَكُنْ الْقَاضِي الْآخَرُ مَنْهِيًّا بِنَهْيِ سُلْطَانِهِ لِلْقَاضِي الْأَوَّلِ فَإِنْ قُلْت قَدْ ذَكَرَ الْعَلَّامَةُ الْحَمَوِيُّ فِي حَوَاشِي الْأَشْبَاهِ أَنَّهُ قَدْ عُلِمَ مِنْ عَادَتْهُمْ يَعْنِي سَلَاطِينَ بَنِي عُثْمَانَ نَصَرَهُمْ الرَّحْمَنُ أَنَّهُ إذَا تَوَلَّى سُلْطَانٌ عُرِضَ عَلَيْهِ قَانُونُ مَنْ قَبْلَهُ وَأُخِذَ أَمْرُهُ بِاتِّبَاعِهِ. اهـ. قُلْت الَّذِي يَظْهَرُ لِي أَنَّ كَوْنَهُ مَأْمُورًا بِاتِّبَاعِ مَنْ قَبْلَهُ مَعْنَاهُ أَنْ يُقَرِّرَ مَا فَعَلُوهُ وَيَمْشِيَ عَلَى قَانُونِهِمْ الَّذِي رَتَّبُوهُ وَيَأْمُرَ بِمَا أَمَرُوا بِهِ وَيَنْهَى عَمَّا نَهَوْا عَنْهُ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ أَنْ تَصِيرَ قُضَاتُهُ مَأْمُورِينَ أَوْ مَنْهِيِّينَ بِمُجَرَّدِ تَوْلِيَتِهِ لَهُمْ تَوْلِيَةً غَيْرَ مُقَيَّدَةٍ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ وَإِنَّمَا يَلْزَمُ مِنْهُ أَنَّهُ إذَا وَلَّى قَاضِيًا يَقُولُ لَهُ وَلَّيْتُك كَذَا أَوْ نَهَاك عَنْ كَذَا حَتَّى يَكُونَ جَارِيًا عَلَى قَانُونِ مَنْ قَبْلَهُ كَمَا اشْتَهَرَ عَنْهُ أَنَّهُ حِينَ يُوَلِّي الْقَاضِي يَأْمُرُهُ فِي مَنْشُورِهِ بِاتِّبَاعِ أَصَحِّ الْأَقْوَالِ مِنْ مَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ كَعَادَةِ غَيْرِهِ مِنْ السَّلَاطِينِ الْمَاضِينَ.

فَلِذَا لَوْ حَكَمَ الْقَاضِي بِخِلَافِ الْأَصَحِّ لَا يَنْفُذُ حُكْمُهُ وَلَوْلَا أَمْرُهُ بِذَلِكَ لَنَفَذَ وَإِنْ خَالَفَ قَانُونَ مَنْ قَبْلَهُ بَلْ لَوْ أَمَرَهُ بِأَمْرٍ مُخَالِفٍ لِقَانُونِ مَنْ قَبْلَهُ فَالظَّاهِرُ نُفُوذُهُ وَلُزُومُ اتِّبَاعِهِ حَيْثُ وَافَقَ قَانُونَ الشَّرْعِ الْقَوِيمِ فَهَذَا مَا ظَهَرَ لِفَهْمِي السَّقِيمِ وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ.

(سُئِلَ) فِيمَا إذَا ادَّعَى أَخَوَاتُ زَيْدٍ عَلَيْهِ بِحِصَّتِهِنَّ مِنْ دَارِ أَبِيهِنَّ الْمُتَوَفَّى مِنْ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً وَهُوَ مُعْتَرِفٌ بِأَنَّ الدَّارَ مُخَلَّفَةٌ لَهُمْ عَنْ أَبِيهِمْ فَهَلْ تُسْمَعُ الدَّعْوَى؟

(الْجَوَابُ) : نَعَمْ إذَا كَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مُقِرًّا تُسْمَعُ الدَّعْوَى عَلَيْهِ وَلَوْ طَالَتْ الْمُدَّةُ أَكْثَرَ مِنْ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً كَمَا أَفْتَى بِذَلِكَ الْعَلَّامَةُ أَبُو السُّعُودِ الْعِمَادِيُّ وَصُورَتُهُ (يكرمي ييل مقداري ترك أَوْ لنان دعوى خَصْم مُقِرًّا وليجق استماع أَوْ لنورمي الجواب أَوْ لنور اهـ) .

(سُئِلَ) فِيمَا إذَا تَرَكَ زَيْدٌ دَعْوَاهُ عَلَى عَمْرٍو بِحَقٍّ لَهُ مُدَّةَ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً وَلَمْ يَدَّعِ زَيْدٌ عَلَيْهِ بِذَلِكَ عِنْدَ الْقَاضِي بَلْ طَالَبَهُ بِذَلِكَ مِرَارًا فِي غَيْرِ مَجْلِسِ الْقَضَاءِ وَيُرِيدُ زَيْدٌ الْآنَ الدَّعْوَى عَلَيْهِ بِذَلِكَ مُتَعَلِّلًا بِأَنَّهُ مَا تَرَكَ الدَّعْوَى فِي الْمُدَّةِ الْمَزْبُورَةِ فَهَلْ تُسْمَعُ دَعْوَاهُ أَمْ لَا؟

(الْجَوَابُ) : قَالَ فِي الْمِنَحِ مِنْ كِتَابِ الدَّعْوَى وَشَرْطُهَا أَيْ شَرْطُ جَوَازِ الدَّعْوَى مَجْلِسُ الْقَاضِي فَلَا تَصِحُّ الدَّعْوَى فِي مَجْلِسِ غَيْرِهِ حَتَّى لَا يَجِبَ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ جَوَابُهُ اهـ وَمِثْلُهُ فِي الدُّرَرِ وَقَالَ فِي الْبَحْرِ وَمِنْهَا مَجْلِسُ الْقَضَاءِ فَلَا تُسْمَعُ هِيَ وَالشَّهَادَةُ إلَّا بَيْنَ يَدَيْ الْحَاكِمِ اهـ فَمُقْتَضَى

<<  <  ج: ص:  >  >>