أَنَّ الْحَلِفَ إذَا جُعِلَ غَايَةً وَفَاتَتْ تَبْطُلُ الْيَمِينُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ وَخَرَّجُوا عَلَى ذَلِكَ فُرُوعًا فَقَوْلُ الْحَالِفِ مَا دَامَ أَوْ كَانَ أَوْ اسْتَمَرَّ أَوْ اسْتَقَرَّ أَوْ طُولُ مَا الْأَمْرُ كَذَا وَمَا زَالَ وَنَحْوُ ذَلِكَ مِنْ كُلِّ مَا يُوجِبُ التَّوْقِيتَ يَقْتَضِي الدَّوَامَ وَعَدَمَ الِانْقِطَاعِ لِبَقَاءِ الْيَمِينِ فَإِذَا زَالَتْ الدَّيْمُومِيَّةُ وَفَعَلَ ذَلِكَ الْفِعْلَ فَقَدْ فَعَلَهُ وَالْيَمِينُ مُنْتَهِيَةٌ فَلَا يَحْنَثُ صَرَّحَ بِهِ فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَجَامِعِ الْفَتَاوَى وَفَتَاوَى الْفَضْلِيِّ وَفَتَاوَى أَبِي اللَّيْثِ وَالْعُيُونِ وَالْبَحْرِ وَكَثِيرٍ مِنْ الْكُتُبِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ النَّقْلَ مُسْتَفِيضٌ فِي الْمَسْأَلَةِ اهـ.
(سُئِلَ) فِي رَجُلٍ ادَّعَتْ عَلَيْهِ زَوْجَتُهُ أَنَّهُ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ أَنَّهُ لَا يُسَافِرُ حَتَّى يَدْفَعَ لَهَا خَمْسَةَ قُرُوشٍ وَأَنَّهُ سَافَرَ وَلَمْ يَدْفَعْ لَهَا وَقَالَ دَفَعْت وَلَمْ تُصَدِّقْهُ وَلَا بَيِّنَةَ فَكَيْفَ الْحُكْمُ؟
(الْجَوَابُ) : الْقَوْلُ قَوْلُهُ فِي ذَلِكَ بِيَمِينِهِ بِالنِّسْبَةِ إلَى وُقُوعِ الطَّلَاقِ (أَقُولُ) وَسَيَأْتِي أَوَاخِرَ الْبَابِ نَقْلُ الْمَسْأَلَةِ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا حَلَفَ زَيْدٌ بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ أَنَّهُ لَا يُسَاكِنُ صِهْرَهُ فِي هَذِهِ الْقَرْيَةِ فَهَلْ إذَا سَاكَنَهُ فِيهَا وَكَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا فِي دَارٍ عَلَى حِدَةٍ لَا يَحْنَثُ؟
(الْجَوَابُ) : نَعَمْ كَمَا فِي الذَّخِيرَةِ حَلَفَ لَا يُسَاكِنُ فُلَانًا بِالْكُوفَةِ فَهُوَ عَلَى الْمُسَاكَنَةِ فِي دَارٍ بِالْكُوفَةِ حَتَّى لَوْ سَكَنَ الْحَالِفُ فِي دَارٍ وَالْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ فِي دَارٍ أُخْرَى لَا يَحْنَثُ لِأَنَّ الْمُسَاكَنَةَ هِيَ الْمُخَالَطَةُ وَذَلِكَ لَا يُوجَدُ إذَا سَكَنَا فِي دَارَيْنِ وَتَخْصِيصُ الْكُوفَةِ بِالذِّكْرِ لِتَخْصِيصِ الْيَمِينِ بِهَا حَتَّى لَا يَحْنَثُ بِالْمُسَاكَنَةِ فِي غَيْرِهَا إلَّا إذَا نَوَى أَنْ لَا يَسْكُنَ هُوَ وَالْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ بِالْكُوفَةِ فَحِينَئِذٍ يَكُونُ عَلَى مَا نَوَى لِأَنَّهُ شَدَّدَ الْأَمْرَ عَلَى نَفْسِهِ وَكَذَلِكَ إذَا حَلَفَ أَنْ لَا يُسَاكِنَ فُلَانًا فِي هَذِهِ الْقَرْيَةِ فَهُوَ عَلَى أَنْ يُسَاكِنَهُ فِي تِلْكَ الْقَرْيَةِ فِي دَارٍ وَاحِدَةٍ وَكَذَلِكَ إذَا حَلَفَ أَنْ لَا يُسَاكِنَهُ فِي الدُّنْيَا ذَخِيرَةٌ مِنْ الْأَيْمَانِ فِي نَوْعٍ آخَرَ فِي السُّكْنَى.
(سُئِلَ) فِي رَجُلٍ لَهُ زَوْجَةٌ مُوَافِقَةٌ لِأُمِّهَا مُطِيعَةٌ لَهَا وَكُلٌّ مِنْهُمَا فِي مَسْكَنٍ عَلَى حِدَةٍ فَقَالَ لِزَوْجَتِهِ مَا دُمْت مَعَ أُمِّك تَكُونِي طَالِقَةً فَانْقَطَعَتْ عَنْ مُوَافَقَتِهَا وَإِطَاعَتِهَا مُدَّةً وَلَفْظُ تَكُونِي مُغَلَّبٌ فِي الْحَالِ وَنِيَّتُهُ فِي الْمَعِيَّةِ الْمَذْكُورَةِ مَا ذُكِرَ مِنْ الْمُوَافَقَةِ وَالْإِطَاعَةِ لَهَا فَمَا الْحُكْمُ؟
(الْجَوَابُ) : صِيغَةُ الْمُضَارِعِ لَا يَقَعُ بِهَا الطَّلَاقُ إلَّا إذَا غَلَبَ فِي الْحَالِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْكَمَالُ بْنُ الْهُمَامِ وَحَيْثُ تَرَكَتْ ذَلِكَ الْمُدَّةَ الْمَذْكُورَةَ فَإِذَا عَادَتْ لِمُوَافَقَتِهَا وَإِطَاعَتِهَا لَا يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ لِأَنَّ كَلِمَةَ مَا دَامَ غَايَةٌ يَنْتَهِي الْيَمِينُ بِهَا كَمَا تَقَدَّمَ عَنْ التَّنْوِيرِ وَشَرْحِهِ.
(سُئِلَ) فِي جَمَاعَةٍ خَادِمِينَ فِي بَابِ حَاكِمٍ حَلَفُوا بِالطَّلَاقِ إنْ عَادَ زَيْدٌ لِخِدْمَتِهِ لَيَخْرُجُونَ مِنْ بَابِهِ فَإِذَا عَادَ زَيْدٌ لِخِدْمَتِهِ كَمَا كَانَ وَخَرَجَ الْجَمَاعَةُ مِنْ الْبَابِ وَتَرَكُوا الْخِدْمَةَ مُدَّةً فَهَلْ بَرُّوا بِيَمِينِهِمْ وَإِذَا عَادُوا بَعْدَ ذَلِكَ إلَى بَابِهِ وَخَدَمُوا لَا يَقَعُ؟
(الْجَوَابُ) : نَعَمْ.
(سُئِلَ) فِي رَجُلٍ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ عَلَى زَوْجَتِهِ أَنْ لَا تَدْخُلَ دَارَ أَبِيهَا إلَى سَنَتَيْنِ ثُمَّ مَاتَ الْأَبُ فِي السَّنَتَيْنِ عَنْ وَرَثَةٍ وَتَرِكَةٍ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ غَيْرُ مُسْتَغْرِقٍ لِتَرِكَتِهِ فَهَلْ إذَا دَخَلَتْ الدَّارَ الْآنَ لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ؟
(الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَلَوْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ دَارَ فُلَانٍ فَمَاتَ صَاحِبُ الدَّارِ ثُمَّ دَخَلَ الْحَالِفُ إنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ مُسْتَغْرِقٌ لَا يَحْنَثُ لِأَنَّهَا انْتَقَلَتْ لِلْوَرَثَةِ بِالْمَوْتِ وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ مُسْتَغْرِقٌ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ يَحْنَثُ لِأَنَّهَا بَقِيَتْ عَلَى حُكْمِ مِلْكِ الْمَيِّتِ وَقَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ لَا يَحْنَثُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى لِأَنَّهَا لَمْ تَبْقَ مِلْكًا لِلْمَيِّتِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ. اهـ مِنْ الْبَحْرِ مِنْ بَابِ الْيَمِينِ فِي الدُّخُولِ وَالْخُرُوجِ.
(سُئِلَ) فِي رَجُلٍ حَصَلَ لَهُ دَهَشٌ زَالَ بِهِ عَقْلُهُ وَصَارَ لَا شُعُورَ لَهُ لِأَمْرٍ عَرَضَ لَهُ مِنْ ذَهَابِ مَالِهِ وَقَتْلِ ابْنِ خَالِهِ فَقَالَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ يَا رَبِّ أَنْتَ تَشْهَدُ عَلَى أَنِّي طَلَّقْت فُلَانَةَ بِنْتَ فُلَانٍ يَعْنِي زَوْجَتَهُ الْمَخْصُوصَةَ بِالثَّلَاثِ عَلَى أَرْبَعِ مَذَاهِبِ الْمُسْلِمِينَ كُلَّمَا حَلَّتْ تَحْرُمُ فَهَلْ لَا يَقَعُ طَلَاقُهُ؟
(الْجَوَابُ) : الدَّهَشُ هُوَ ذَهَابُ الْعَقْلِ مِنْ ذَهْلٍ أَوْ وَلَهٍ وَقَدْ صَرَّحَ فِي التَّنْوِيرِ والتتارخانية وَغَيْرِهِمَا بِعَدَمِ وُقُوعِ طَلَاقِ الْمَدْهُوشِ فَعَلَى هَذَا حَيْثُ حَصَلَ لِلرَّجُلِ دَهَشٌ زَالَ بِهِ عَقْلُهُ وَصَارَ لَا شُعُورَ لَهُ لَا يَقَعُ طَلَاقُهُ وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ إنْ عُرِفَ