للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مَالِ الْمُضَارَبَةِ فَهَلْ يُصْرَفُ الْهَالِكُ إلَى الرِّبْحِ؟

(الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَمَا أَيْ كُلُّ شَيْءٍ هَلَكَ مِنْ مَالِ الْمُضَارَبَةِ فَمِنْ الرِّبْحِ أَيْ فَيُجْعَلُ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ تَابِعٌ وَرَأْسُ الْمَالِ أَصْلٌ فَيُصْرَفُ الْهَالِكُ إلَى التَّابِعِ كَمَا فِي الْعَفْوِ فِي الزَّكَاةِ شَرْحُ الْكَنْزِ لِلْعَيْنِيِّ وَهِيَ مَسْأَلَةُ الْمُتُونِ.

(سُئِلَ) فِي الْمُضَارَبَةِ إذَا فَسَدَتْ بَعْدَمَا عَمِلَ الْمُضَارِبُ فِيهَا مُدَّةً فَهَلْ لَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ لَا يُزَادُ عَلَى الْمَشْرُوطِ؟

(الْجَوَابُ) : نَعَمْ قَالَ فِي التَّنْوِيرِ وَإِجَارَةٌ فَاسِدَةٌ إنْ فَسَدَتْ فَلَا رِبْحَ حِينَئِذٍ بَلْ لَهُ أَجْرُ مِثْلِ عَمَلِهِ مُطْلَقًا بِلَا زِيَادَةٍ عَلَى الْمَشْرُوطِ

(أَقُولُ) قَوْلُهُ مُطْلَقًا مَعْنَاهُ رَبِحَ أَوْ لَا وَهَذَا ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ وَفِي رِوَايَةٍ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَرْبَحْ لَا أَجْرَ لَهُ وَقَوْلُهُ بِلَا زِيَادَةٍ عَلَى الْمَشْرُوطِ هَذَا قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ وَهُوَ الْمُخْتَارُ وَعَلَيْهِ الْمُتُونُ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ لَهُ أَجْرُ مِثْلِ عَمَلِهِ بَالِغًا مَا بَلَغَ وَمَحَلُّ الْخِلَافِ مَا إذَا رَبِحَ وَإِلَّا فَأَجْرُ الْمِثْلِ بَالِغًا مَا بَلَغَ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ تَقْدِيرٌ بِنِصْفِ الرِّبْحِ الْمَعْدُومِ وَتَمَامُهُ فِي الْقُهُسْتَانِيِّ.

(سُئِلَ) فِيمَا إذَا سَافَرَ زَيْدٌ بِبِضَاعَةٍ قَاصِدًا الْحِجَازَ وَفِي أَثْنَاءِ الطَّرِيقِ دَفَعَهَا لِعَمْرٍو وَذَكَرَ أَنَّ ذَلِكَ عَلَى سَبِيلِ الشَّرِكَةِ لِيَتَعَاطَى عَمْرٌو بَيْعَهَا فِي مَحَلِّ كَذَا وَمَحَلِّ كَذَا وَيَكُونَ الرِّبْحُ الْحَاصِلُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ بَعْدَمَا ذَكَرَ لَهُ ثَمَنَهَا وَلَمْ يَبِعْهُ نِصْفَهَا ثُمَّ بَاعَا فِي الْمَحَلَّيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ وَخَسِرَا بِهَا وَاشْتَرَيَا بَضَائِعَ غَيْرَهَا وَرَجَعَا فَوَضَعَ عَمْرٌو يَدَهُ عَلَى بَعْضِ الْبِضَاعَةِ الثَّانِيَةِ الْمَذْكُورَةِ وَامْتَنَعَ مِنْ دَفْعِهَا لِزَيْدٍ بِدُونِ وَجْهٍ شَرْعِيٍّ فَهَلْ تُرْفَعُ يَدُهُ عَنْ الْبَعْضِ الْمَذْكُورِ مِنْ الْبِضَاعَةِ الْمَرْقُومَةِ الثَّانِيَةِ وَلَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ عَلَى زَيْدٍ؟

(الْجَوَابُ) : نَعَمْ أَمَّا عَدَمُ انْعِقَادِهَا شَرِكَةً فَلِمَا فِي الْمُلْتَقَى مِنْ الشَّرِكَةِ وَلَا تَصِحُّ مُفَاوَضَةٌ وَلَا عِنَانٌ إلَّا بِالدَّرَاهِمِ أَوْ الدَّنَانِيرِ أَوْ بِالْفُلُوسِ النَّافِقَةِ عِنْدَ مُحَمَّدٍ وَبِالتِّبْرِ وَالنُّقْرَةِ إنْ تَعَامَلَ النَّاسُ بِهِمَا وَلَا يَصِحَّانِ بِالْعُرُوضِ إلَّا أَنْ يَبِيعَ نِصْفَ عَرَضِهِ بِنِصْفِ عَرَضِ الْآخَرِ ثُمَّ يَعْقِدَ الشَّرِكَةَ. اهـ.

وَمِثْلُهُ فِي التَّنْوِيرِ وَغَيْرِهِ وَأَيْضًا شَرْطُهَا فِي شَرِكَةِ الْعَقْدِ الْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ كَمَا فِي التَّنْوِيرِ وَلَمْ يَكُنْ مِنْ عَمْرٍو شَيْءٌ مُطْلَقًا لَا دَرَاهِمُ وَلَا دَنَانِيرُ وَلَا عُرُوضٌ وَلَا غَيْرُهَا فَأَنَّى تَكُونُ شَرِكَةً فَعَلَى هَذَا لَا يُقَالُ إنَّهُ لَا أَجْرَ لِمَنْ عَمِلَ فِي الْمُشْتَرَكِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَعْمَلُ شَيْئًا لِشَرِيكِهِ إلَّا وَيَقَعُ بَعْضُهُ لِنَفْسِهِ فَلَا يَسْتَحِقُّ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ فِي الْإِجَارَةِ وَلَا شَرِكَةَ فَاسِدَةٌ فِي هَذِهِ الْحَادِثَةِ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الْمَالَ مِنْ وَاحِدٍ فَلَا يُقَالُ أَيْضًا إنَّ الْعُقُودَ الْفَاسِدَةَ تُعَامَلُ مُعَامَلَةَ الصَّحِيحِ وَالرِّبْحُ فِي الشَّرِكَةِ الْفَاسِدَةِ بِقَدْرِ الْمَالِ وَإِنْ شُرِطَ الْفَضْلُ؛ لِأَنَّ الرِّبْحَ فِيهَا تَابِعٌ لِلْمَالِ فَيُقَدَّرُ بِقَدْرِهِ كَمَا فِي الْبَحْرِ لِعَدَمِ الْمَالِ مِنْهُمَا بَلْ مِنْ أَحَدِهِمَا وَأَمَّا أُجْرَةُ الْمِثْلِ فَلِجَهَالَةِ الْأُجْرَةِ هَذَا مَا ظَهَرَ لِي مِنْ بَعْضِ الْوُجُوهِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ وَإِلَيْهِ الْمَرْجِعُ وَالْمَآبُ

(أَقُولُ) وَالْحَاصِلُ أَنَّ هَذِهِ مُضَارَبَةٌ فَاسِدَةٌ فَتَجِبُ فِيهَا الْأُجْرَةُ قَالَ فِي الْوَلْوَالِجِيَّةِ وَمَا لَا تَجُوزُ فِيهِ الْمُضَارَبَةُ يَجِبُ لَهُ فِيهِ أَجْرُ الْمِثْلِ لِأَنَّهُ لَمْ يَعْمَلْ لَهُ مَجَّانًا بَلْ ابْتَغَى لِعَمَلِهِ عِوَضًا وَإِذَا لَمْ يَسْتَحِقَّ الْمَشْرُوطَ كَانَ لَهُ قِيمَةُ عَمَلِهِ وَالرِّبْحُ لِرَبِّ الْمَالِ وَكَذَا لَوْ لَمْ يَرْبَحْ لَهُ أَجْرُ مِثْلِ عَمَلِهِ؛ لِأَنَّ الْمُضَارَبَةَ مَتَى فَسَدَتْ صَارَتْ إجَارَةً وَالْأَجِيرُ فِي الْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ مَتَى عَمِلَ يَسْتَحِقُّ أَجْرَ الْمِثْلِ حَصَلَ الرِّبْحُ مِنْ عَمَلِهِ أَوْ لَمْ يَحْصُلْ الرِّبْحُ. اهـ.

(سُئِلَ) فِيمَا إذَا دَفَعَ زَيْدٌ لِعَمْرٍو بِضَاعَةً عَلَى سَبِيلِ الْمُضَارَبَةِ وَقَالَ لِعَمْرٍو بِعْهَا وَمَهْمَا رَبِحْت يَكُونُ الرِّبْحُ بَيْنَنَا مُثَالَثَةً فَبَاعَهَا وَخَسِرَ فِيهَا فَهَلْ تَكُونُ الْمُضَارَبَةُ الْمَزْبُورَةُ غَيْرَ صَحِيحَةٍ وَلِعَمْرٍو أَجْرُ مِثْلِهِ؟

(الْجَوَابُ) : نَعَمْ قَالَ فِي شَرْحِ الْمُنْتَقَى فَتَفْسُدُ بِالْعُرُوضِ وَلَكِنْ إنْ دَفَعَ عَرَضًا وَقَالَ بِعْهُ وَاعْمَلْ فِي ثَمَنِهِ مُضَارَبَةً أَوْ قَالَ اقْبِضْ مَا لِي عَلَى فُلَانٍ وَاعْمَلْ بِهِ مُضَارَبَةً جَازَتْ؛ لِأَنَّهُ أَضَافَهَا إلَى الثَّمَنِ. اهـ.

(أَقُولُ) وَفِي الْخَانِيَّةِ رَجُلٌ دَفَعَ لِآخَرَ عَرَضًا وَقَالَ بِعْهُ وَاعْمَلْ بِثَمَنِهِ مُضَارَبَةً بِنِصْفِ الرِّبْحِ فَبَاعَ بِأَحَدِ النَّقْدَيْنِ وَتَصَرَّفَ بِالثَّمَنِ جَازَتْ الْمُضَارَبَةُ؛ لِأَنَّهُ أَضَافَهَا إلَى الثَّمَنِ لَا إلَى الْعُرُوضِ وَإِنْ بَاعَ الْعُرُوضَ بِمَكِيلٍ أَوْ مَوْزُونٍ جَازَ الْبَيْعُ وَالْمُضَارَبَةُ فَاسِدَةٌ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَ صَاحِبَاهُ لَا يَجُوزُ الْبَيْعُ وَإِنَّمَا فَسَدَتْ الْمُضَارَبَةُ عِنْدَ

<<  <  ج: ص:  >  >>