الْمِثْلُ مَوْجُودٌ يُرِيدُ عَمْرٌو الْآنَ تَضْمِينَ بَكْرٍ بِمِثْلِ مَا ضَمِنَ بَعْدَ ثُبُوتِ مَا ذُكِرَ بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَلَيْسَ لِلْمُودَعِ أَنْ يَدْفَعَ الْوَدِيعَةَ إلَى الْأَجْنَبِيِّ وَلَوْ دَفَعَهَا فَهَلَكَتْ فِي يَدِ الثَّانِي قَبْلَ أَنْ يُفَارِقَ الْأَوَّلُ الثَّانِيَ فَلَا ضَمَانَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِلَا خِلَافٍ وَإِنْ هَلَكَتْ بَعْدَ الْمُفَارَقَةِ فَالْأَوَّلُ ضَامِنٌ بِلَا خِلَافٍ أَمَّا الثَّانِي فَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ لَا يَضْمَنُ وَعَلَى قَوْلِهِمَا يَضْمَنُ.
وَهَذَا إذَا كَانَ الدَّفْعُ إلَى أَجْنَبِيٍّ بِلَا عُذْرٍ فَإِنْ كَانَ بِعُذْرٍ لَا ضَمَانَ عَلَى الْمُودَعِ عِنْدَنَا حَتَّى إذَا احْتَرَقَ بَيْتُ الْمُودَعِ وَأَخْرَجَهَا مِنْ سَاعَتِهِ وَوَضَعَهَا فِي مَنْزِلِ جَارِهِ فَلَا ضَمَانَ اسْتِحْسَانًا ذَخِيرَةٌ وَذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ إذَا وَقَعَ فِي بَيْتِ الْمُودَعِ حَرِيقٌ فَإِنْ أَمْكَنَهُ أَنْ يُنَاوِلَهَا بَعْضَ مَنْ فِي عِيَالِهِ فَنَاوَلَهَا أَجْنَبِيًّا يَضْمَنُ وَإِنْ كَانَ لَا يَجِدُ بُدًّا مِنْ الدَّفْعِ إلَى الْأَجْنَبِيِّ لَا يَضْمَنُ وَذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ الْحَرِيقُ إذَا كَانَ غَالِبًا وَقَدْ أَحَاطَ بِمَنْزِلِ الْمُودَعِ فَنَاوَلَ الْوَدِيعَةَ جَارًا لَهُ لَا يَضْمَنُ اسْتِحْسَانًا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَحَاطَ بِمَنْزِلِهِ ضَمِنَ وَفِي الْعَتَّابِيَّةِ لَا يُشْتَرَطُ هَذَا الشَّرْطُ فِي الْفَتْوَى تَتَارْخَانِيَّةٌ فِي الْفَصْلِ الثَّانِي مِنْ الْوَدِيعَةِ وَفِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ وَعِنْدَهُمَا صَاحِبُ الْوَدِيعَةِ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْمُودَعَ الْأَوَّلَ وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْمُودَعَ الثَّانِيَ فَإِنْ ضَمَّنَ الْأَوَّلَ لَا يَرْجِعُ عَلَى الثَّانِي وَإِنْ ضَمَّنَ الثَّانِيَ يَرْجِعُ بِمَا ضَمِنَ عَلَى الْأَوَّلِ وَلَوْ اسْتَهْلَكَهَا الثَّانِي ضَمِنَ بِالْإِجْمَاعِ وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنْ مُودَعَ الْغَاصِبِ يَضْمَنُ إذَا هَلَكَتْ الْوَدِيعَةُ فِي يَدِهِ وَالْمَغْصُوبُ مِنْهُ بِالْخِيَارِ بَيْنَ أَنْ يُضَمِّنَ الْغَاصِبَ وَلَا يَرْجِعُ عَلَى الْمُودَعِ بِمَا ضَمِنَ وَبَيْنَ أَنْ يُضَمِّنَ الْمُودَعَ وَيَرْجِعَ بِمَا ضَمِنَ عَلَى الْغَاصِبِ مِنْ الْمَحَلِّ الْمَزْبُورِ
(أَقُولُ) وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُودَعَ لَوْ دَفَعَ الْوَدِيعَةَ إلَى أَجْنَبِيٍّ بِلَا عُذْرٍ فَلِلْمَالِكِ أَنْ يُضَمِّنَهُ فَقَطْ بِلَا رُجُوعٍ عَلَى الثَّانِي إلَّا إذَا اسْتَهْلَكَهَا وَعِنْدَهُمَا لَهُ أَنْ يُضَمِّنَ أَيًّا شَاءَ فَإِنْ ضَمَّنَ الثَّانِيَ رَجَعَ عَلَى الْأَوَّلِ وَأَجْمَعُوا عَلَى ذَلِكَ فِي الْغَاصِبِ مَعَ مُودَعِهِ فَلِلْمَالِكِ تَضْمِينُ أَيٍّ شَاءَ لَكِنْ إنْ ضَمِنَ الثَّانِي رَجَعَ عَلَى الْأَوَّلِ بِمَا ضَمِنَ إنْ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهَا غَصْبٌ كَمَا فِي الْقُهُسْتَانِيِّ عَنْ الْعِمَادِيَّةِ.
(سُئِلَ) فِي امْرَأَةٍ ادَّعَتْ أَنَّهَا أَوْدَعَتْ عِنْدَ هِنْدٍ أَمْتِعَةً مَعْلُومَةً ثُمَّ طَالَبَتْهَا بِهَا فَأَجَابَتْ هِنْدٌ أَنَّهَا بَعْدَ تَسَلُّمِهَا الْأَمْتِعَةَ أَوْدَعَتْهَا عِنْدَ ابْنِهَا زَيْدٍ الْغَائِبِ يَوْمئِذٍ عَنْ الْبَلَدِ بِلَا إذْنِ الْمُدَّعِيَةِ وَأَنَّ ابْنَهَا الْمَذْكُورَ دَفَعَهَا لِعَمْرٍو الْحَاضِرِ الْمُنْكِرِ لِذَلِكَ فَهَلْ حَيْثُ دَفَعَتْ هِنْدٌ الْأَمْتِعَةَ الْمَزْبُورَةَ لِابْنِهَا بِلَا إذْنٍ يَلْزَمُهَا ضَمَانُ ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ) : قَالَ قَاضِي خَانْ لِلْمُودَعِ أَنْ يَدْفَعَ الْوَدِيعَةَ إلَى مَنْ كَانَ فِي عِيَالِهِ إذَا لَمْ يَكُنْ الْمَدْفُوعُ إلَيْهِ مُتَّهَمًا يُخَافُ مِنْهُ عَلَى الْوَدِيعَةِ وَقَالَ أَيْضًا فِي فَصْلٍ فِيمَا يَضْمَنُ الْوَدِيعَةَ وَكَذَا لَوْ دَفَعَتْ الْمَرْأَةُ الْوَدِيعَةَ إلَى زَوْجِهَا لَا ضَمَانَ عَلَيْهَا وَكَذَا الْمُودَعُ إذَا دَفَعَ الْوَدِيعَةَ إلَى مَنْ يَعُولُ الْمُودَعَ لَا يَضْمَنُ. اهـ. فَعَلَى هَذَا إذَا كَانَ ابْنُهَا فِي عِيَالِهَا وَلَمْ يَكُنْ مُتَّهَمًا يَلْزَمُهَا الْيَمِينُ أَنَّهَا دَفَعَتْهَا لِابْنِهَا الْمَذْكُورِ وَيُسْأَلُ الْمَدْفُوعُ إلَيْهِ مَاذَا صَنَعَ وَيُجْعَلُ كَأَنَّهُ نَفْسُ الْمُودَعِ وَيَجْرِي الْحُكْمُ الشَّرْعِيُّ فِيهِ لِمَا فِي فَتَاوَى مُؤَيَّدِ زَادَهْ وَصُوَرِ الْمَسَائِلِ عَنْ الْفُصُولَيْنِ أَتْلَفَهَا مَنْ فِي عِيَالِ الْمُودَعِ ضَمِنَ الْمُتْلِفُ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا لَا الْمُودَعُ. اهـ. الْمُودَعُ إذَا قَالَ دَفَعْت الْوَدِيعَةَ إلَى ابْنِي وَأَنْكَرَ الِابْنُ ثُمَّ مَاتَ الِابْنُ فَوَرِثَ الْأَبُ مَالَ ابْنِهِ كَانَ ضَمَانُ الْوَدِيعَةِ فِي تَرِكَةِ الِابْنِ خَانِيَّةٌ فِي فَصْلِ فِيمَا يُعَدُّ تَضْيِيعًا لِلْوَدِيعَةِ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا دَفَعَ زَيْدٌ بَغْلَةً لِرَجُلَيْنِ لِيُوصِلَاهُ وَيُسَلِّمَاهُ إلَى أَبِي زَيْدٍ بِدِمَشْقَ فَحَمَّلَاهُ مِقْدَارًا مِنْ الزَّيْتِ عَلَى وَجْهِ الِاسْتِعْمَالِ فَانْحَلَّ وَمَاتَ بِسَبَبِ التَّحْمِيلِ فَهَلْ يَلْزَمُهُمَا قِيمَتُهُ؟
(الْجَوَابُ) : نَعَمْ هَلَكَتْ الْوَدِيعَةُ حَالَةَ الِاسْتِخْدَامِ يَضْمَنُ حَاوِي الزَّاهِدِيِّ أَوْدَعَ عِنْدَ رَجُلٍ طَبَقًا فَوَضَعَ الْمُودَعُ الطَّبَقَ عَلَى رَأْسِ الْحَبِّ فَوَقَعَ إنْ كَانَ الْوَضْعُ عَلَى وَجْهِ الِاسْتِعْمَالِ يَضْمَنُ وَإِلَّا لَا وَطَرِيقُ مَعْرِفَةِ ذَلِكَ أَنْ يُنْظَرَ إنْ كَانَ فِي الْحَبِّ شَيْءٌ نَحْوُ الْمَاءِ وَالدَّقِيقِ مِمَّا يُغَطَّى رَأْسُ الْحَبِّ لِأَجْلِهِ كَانَ اسْتِعْمَالًا وَإِنْ كَانَ الْحَبُّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute