الْعُذْرُ ظَاهِرًا بِالْقَضَاءِ وَقَالَ قَاضِي خَانْ وَالْمَحْبُوبِيُّ الْقَوْلُ بِالتَّوْفِيقِ هُوَ الْأَصَحُّ وَقَوَّاهُ الشَّيْخُ شَرَفُ الدِّينِ الْغَزِّيُّ بِأَنَّ فِيهِ إعْمَالَ الرِّوَايَتَيْنِ مَعَ مُنَاسَبَتِهِ فِي التَّوْزِيعِ فَيَنْبَغِي اعْتِمَادُهُ وَفِي تَصْحِيحِ الْعَلَامَةِ قَاسِمٍ مَا يُصَحِّحُهُ قَاضِي خَانْ مُقَدَّمٌ عَلَى مَا يُصَحِّحُهُ غَيْرُهُ؛ لِأَنَّهُ فَقِيهُ النَّفْسِ. اهـ.
(سُئِلَ) فِي صَكٍّ مِنْ مَضْمُونِهِ اسْتَأْجَرَ زَيْدٌ بِمَالِهِ لِنَفْسِهِ مِنْ عَمْرٍو الْمُتَوَلِّي عَلَى وَقْفِ بَكْرٍ عَلَى مَسْجِدِ كَذَا فَأَجَّرَهُ مَا هُوَ جَارٍ فِي الْوَقْفِ وَذَلِكَ جَمِيعُ الْبُسْتَانَيْنِ الْكَائِنَيْنِ بِقَرْيَةِ كَذَا لِمُدَّةِ ثَلَاثِ سَنَوَاتٍ بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ وَلَمْ يَتَسَاقَيَا عَلَى غِرَاسِ الْبُسْتَانَيْنِ وَلَمْ يَذْكُرْ الْمُتَوَلِّي مِنْ أَيِّ جِهَةٍ تَوَلَّى الْوَقْفَ فَهَلْ تَكُونُ الْإِجَارَةُ غَيْرَ صَحِيحَةٍ؟
(الْجَوَابُ) : نَعَمْ لِوَجْهَيْنِ الْأَوَّلُ حَيْثُ كَانَتْ الْأَشْجَارُ فِي وَسَطِ الْأَرْضِ وَلَمْ يَتَسَاقَيَا عَلَيْهَا لِمَا فِي الْخَانِيَّةِ رَجُلٌ اسْتَأْجَرَ أَرْضًا فِيهَا أَشْجَارٌ فِي وَسَطِ الْأَرْضِ لَا يَجُوزُ الْإِجَارَةُ اهـ وَالثَّانِي لِعَدَمِ ذِكْرِ الْمُتَوَلِّي مِنْ أَيِّ جِهَةٍ تَوَلَّى الْوَقْفَ لِمَا فِي الْإِسْعَافِ النَّاظِرُ إذَا آجَرَ أَوْ تَصَرَّفَ تَصَرُّفًا آخَرَ وَكَتَبَ فِي الصَّكِّ آجَرَ وَهُوَ مُتَوَلٍّ عَلَى هَذَا الْوَقْفِ وَلَمْ يَذْكُرْ أَنَّهُ مُتَوَلٍّ مِنْ أَيِّ جِهَةٍ قَالُوا تَكُونُ فَاسِدَةً وَفِي الْمُحْبِيَةِ:
وَالْمُتَوَلِّي لَوْ لِوَقْفٍ أَجَّرَا ... لَكِنَّهُ فِي صَكِّهِ مَا ذَكَرَا
مِنْ أَيِّ وُجْهَةٍ تَوَلَّى الْوَقْفَا ... مَا جَوَّزُوا ذَلِكَ حَيْثُ يُلْفَى
(أَقُولُ) الظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا الثَّانِيَ خَلَلٌ فِي الصَّكِّ لَا فِي نَفْسِ الْعَقْدِ بَلْ الْعَقْدُ صَحِيحٌ حَيْثُ كَانَ الْعَاقِدُ فِي نَفْسِهِ لَهُ وِلَايَةٌ صَحِيحَةٌ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ جِهَتَهَا أَنَّهَا مِنْ الْوَاقِفِ أَوْ مِنْ فُلَانٍ الْقَاضِي؛ لِأَنَّ الصُّكُوكَ اشْتَرَطُوا فِيهَا أَشْيَاءَ كَثِيرَةً مِنْ زِيَادَةِ الْبَيَانِ وَالتَّوْضِيحِ وَالْإِشَارَةِ إلَى هَذَا الْمُدَّعَى عَلَى هَذَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ.
وَغَيْرُ ذَلِكَ مِمَّا يُعْلَمُ فِي مَحَلِّهِ وَفِي الْفَصْلِ السَّابِعِ وَالْعِشْرِينَ مِنْ جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ لَوْ كَانَ الْوَصِيُّ أَوْ الْمُتَوَلِّي مِنْ جِهَةِ الْحَاكِمِ فَالْأَوْثَقُ أَنْ يَكْتُبَ فِي الصُّكُوكِ وَالسِّجِلَّاتِ وَهُوَ الْوَصِيُّ مِنْ جِهَةِ حَاكِمٍ لَهُ وِلَايَةُ نَصْبِ الْوَصِيَّةِ وَالتَّوْلِيَةِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِهِ وَهُوَ الْوَصِيُّ مِنْ جِهَةِ الْحَاكِمِ رُبَّمَا يَكُونُ مِنْ حَاكِمٍ لَيْسَ لَهُ وِلَايَةُ نَصْبِ الْوَصِيِّ فَإِنَّ الْقَاضِيَ لَا يَمْلِكُ نَصْبَ الْوَصِيِّ وَالْمُتَوَلِّي إلَّا إذَا كَانَ ذِكْرُ التَّصَرُّفِ فِي الْأَوْقَافِ وَالْأَيْتَامِ مَنْصُوصًا عَلَيْهِ فِي مَنْشُورِهِ فَصَارَ كَحُكْمِ نَائِبِ الْقَاضِي فَإِنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَذْكُرُوا أَنَّ فُلَانًا الْقَاضِيَ مَأْذُونٌ بِالْإِنَابَةِ تَحَرُّزًا عَنْ هَذَا الْوَهْمِ. اهـ. قَالَ فِي الْبَحْرِ بَعْدَ نَقْلِهِ فِي كِتَابِ الْوَقْفِ هَذِهِ الْعِبَارَةَ وَلَا شَكَّ أَنَّ قَوْلَ السُّلْطَانِ جَعَلْتُك قَاضِيَ الْقُضَاةِ كَالتَّنْصِيصِ عَلَى هَذِهِ الْأَشْيَاءِ فِي الْمَنْشُورِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْخُلَاصَةِ فِي مَسْأَلَةِ اسْتِخْلَافِ الْقَاضِي. اهـ.
وَلَا يَخْفَى أَنَّ قَاضِيَ دِمَشْقَ وَمِصْرَ وَنَحْوِهِمَا مِنْ الْمُدُنِ الْعَظِيمَةِ يُسَمَّى قَاضِيَ الْقُضَاةِ فِي زَمَانِنَا فَيَصِحُّ نَصْبُهُ الْوَصِيَّ وَالْمُتَوَلِّيَ وَإِنْ لَمْ يَنُصَّ لَهُ عَلَيْهِ فِي مَنْشُورِهِ فَإِذَا عُلِمَ تَوْلِيَةُ الْمُتَوَلِّي مِنْ جِهَةِ أَحَدِ هَؤُلَاءِ الْقُضَاةِ صَحَّ إيجَارُهُ وَبَقِيَّةُ تَصَرُّفَاتِهِ وَالتَّنْصِيصُ عَلَى كَوْنِهِ تَوَلَّى مِنْ جِهَةِ قَاضِي كَذَا إنَّمَا هُوَ لِزِيَادَةِ الِاسْتِيثَاقِ بِالصَّكِّ كَمَا أَفَادَهُ قَوْلُهُ فَالْأَوْثَقُ أَنْ يَكْتُبَ إلَخْ فَيَصِحُّ تَصَرُّفُهُ وَإِنْ لَمْ يَكْتُبْ ذَلِكَ نَعَمْ إذَا رُفِعَ تَصَرُّفُهُ إلَى قَاضٍ يَحْكُمُ بِمُجَرَّدِ ذَلِكَ التَّصَرُّفِ إذَا ثَبَتَ عِنْدَهُ كَمَا لَوْ آجَرَ دَارًا مَثَلًا ثُمَّ أَنْكَرَ الْإِيجَارَ وَأَثْبَتَهُ خَصْمُهُ فَإِنَّهُ يَحْكُمُ بِثُبُوتِ الْإِيجَارِ لَا بِصِحَّتِهِ فَإِنَّهُ لَا يَحْكُمُ بِصِحَّتِهِ مَا لَمْ يَثْبُتْ عِنْدَهُ صِحَّةُ تَوْلِيَتِهِ كَمَا لَوْ بَاعَ رَجُلٌ دَارًا أَوْ وَقَفَهَا أَوْ أَجَّرَهَا يَحْكُمُ الْقَاضِي بِنَفْسِ الْبَيْعِ أَوْ الْوَقْفِ أَوْ الْإِيجَارِ أَمَّا الْحُكْمُ بِصِحَّةِ ذَلِكَ فَإِنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ ثُبُوتِ مِلْكِهِ لِذَلِكَ أَوْ نِيَابَتِهِ عَنْ الْمَالِكِ كَمَا مَرَّ فِي كِتَابِ الْقَضَاءِ عَنْ فَتَاوَى قَارِئِ الْهِدَايَةِ حَيْثُ سُئِلَ هَلْ يُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ حُكْمِ الْحَاكِمِ بِوَقْفٍ أَوْ بَيْعٍ أَوْ إجَارَةٍ ثُبُوتُ مِلْكِ الْوَاقِفِ أَوْ الْبَائِعِ أَوْ الْمُؤَجِّرِ وَحِيَازَتُهُ أَمْ لَا أَجَابَ إنَّمَا يُحْكَمُ بِالصِّحَّةِ إذَا ثَبَتَ أَنَّهُ مَالِكٌ لِمَا وَقَفَهُ أَوْ أَنَّ لَهُ وِلَايَةَ الْإِيجَارِ أَوْ الْبَيْعِ لِمَا بَاعَهُ إمَّا بِمِلْكٍ أَوْ نِيَابَةٍ وَكَذَا فِي الْوَقْفِ وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ لَا يُحْكَمُ بِالصِّحَّةِ بَلْ بِنَفْسِ الْوَقْفِ وَالْإِجَارَةِ وَالْبَيْعِ. اهـ. فَاغْتَنِمْ هَذَا التَّحْرِيرَ الْمُفْرَدَ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute