مَا فِي الْخَيْرِيَّةُ بِنَوْعِ اخْتِصَارٍ وَلَا يَخْفَى أَنَّ لَفْظَ " سَوِيَّةً " بِمَنْزِلَةِ التَّفْصِيلِ.
(سُئِلَ) فِي مُكَارٍ اسْتَأْجَرَ مِنْهُ زَيْدٌ دَوَابَّهُ بِأَجْرٍ مَعْلُومٍ لِتَحْمِيلِ حُمُولَاتٍ لِزَيْدٍ مِنْ مَكَانِ كَذَا إلَى مَكَانِ زَيْدٍ فَذَهَبَ الْمُكَارِي إلَى ذَلِكَ الْمَكَانِ ثُمَّ رَجَعَ قَائِلًا لَمْ أَجِدْ الْحُمُولَاتِ وَصَدَّقَهُ زَيْدٌ عَلَى ذَلِكَ فَهَلْ لَهُ أَجْرُ الذَّهَابِ خَالِيًا عَنْ الْعَمَلِ؟
(الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَلَوْ اسْتَكْرَى دَابَّةً لِيَحْمِلَ مِنْ هُنَاكَ حُمُولَاتِهِ فَجَاءَ الْمُكَارِي وَقَالَ ذَهَبْت فَلَمْ أَجِدْ الْحِمْلَ قَالُوا إنْ صَدَّقَهُ الْمُسْتَكْرِي فِي ذَلِكَ كَانَ عَلَيْهِ أَجْرُ الذَّهَابِ خَالِيًا عَنْ الْعَمَلِ رَجُلٌ اسْتَأْجَرَ فِي الْمِصْرِ دَابَّةً لِتَحْمِيلِ الدَّقِيقِ مِنْ طَاحُونَةِ كَذَا أَوْ الْحِنْطَةِ مِنْ قَرْيَةِ كَذَا فَذَهَبَ فَلَمْ يَكُنْ الْحِنْطَةُ طُحِنْت أَوْ لَمْ يَجِدْ فِي الْقَرْيَةِ حِنْطَةً فَرَجَعَ إلَى الْمِصْرِ قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ يُنْظَرُ فِي لَفْظِ الِاسْتِئْجَارِ إنْ كَانَ الْمُسْتَأْجِرُ قَالَ اسْتَأْجَرْت هَذِهِ الدَّابَّةَ مِنْ هَذِهِ الْبَلْدَةِ حَتَّى أَحْمِلَ الدَّقِيقَ مِنْ طَاحُونَةِ كَذَا يَجِبُ نِصْفُ الْكِرَاءِ؛ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ وَقَعَتْ صَحِيحَةً مِنْ الْبَلْدَةِ إلَى الطَّاحُونَةِ مِنْ غَيْرِ حَمْلِ شَيْءٍ فَيَجِبُ نِصْفُ الْأَجْرِ لِلذَّهَابِ ثُمَّ الْإِجَارَةُ مِنْ الطَّاحُونَةِ إلَى الْبَلْدَةِ إنَّمَا كَانَتْ لَحَمْلِ الدَّقِيقِ وَلَمْ يُوجَدْ فَلَا يَجِبُ الرُّجُوعُ بِشَيْءٍ فَأَمَّا إذَا قَالَ الْمُسْتَأْجِرُ اسْتَأْجَرْت مِنْك هَذِهِ الدَّابَّةَ بِدِرْهَمٍ حَتَّى أَحْمِلَ الدَّقِيقَ مِنْ الطَّاحُونَةِ فَلَمْ يَجِدْ الدَّقِيقَ هُنَاكَ لَا يَجِبُ شَيْءٌ؛ لِأَنَّ هُنَاكَ الْإِجَارَةَ وَقَعَتْ عَلَى حَمْلِ الدَّقِيقِ مِنْ الطَّاحُونَةِ فَلَا يَجِبُ الْأَجْرُ إذَا لَمْ يُحْمَلْ الدَّقِيقُ خَانِيَّةٌ مِنْ فَصْلِ مَا يَجِبُ الْأَجْرُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ وَمَا لَا يَجِبُ وَتَمَامُ هَذِهِ الْمَسَائِلِ فِيهَا.
(سُئِلَ) فِي أَجِيرٍ مُشْتَرَكٍ يَرْعَى غَنَمًا لِجَمَاعَةٍ أَكَلَ الذِّئْبُ مِنْهَا الْبَعْضَ هَلْ يَضْمَنُ أَوْ لَا؟
(الْجَوَابُ) : لَا يَضْمَنُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى يَضْمَنُ وَأَفْتَى أَئِمَّةُ سَمَرْقَنْدَ بِالصُّلْحِ عَلَى النِّصْفِ فِي الْأَجِيرِ الْمُشْتَرَكِ وَاخْتَارَ أَبُو جَعْفَرٍ وَأَبُو اللَّيْثِ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى فِيهِ إنْ كَانَ صَالِحًا يَبْرَأُ بِيَمِينِهِ وَإِنْ كَانَ بِخِلَافِهِ يَضْمَنُ وَإِنْ كَانَ مَسْتُورًا يُؤْمَرُ بِالصُّلْحِ وَأَفْتَى بِذَلِكَ كَثِيرٌ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ وَهُوَ أَوْلَى مِنْ غَيْرِهِ وَأَسْلَمُ وَبِمِثْلِهِ أَفْتَى الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ
(أَقُولُ) الْحَاصِلُ أَنَّ فِي الْمَسْأَلَةِ أَرْبَعَةَ أَقْوَالٍ كُلُّهَا مُصَحَّحَةٌ وَالْأَوَّلُ قَوْلُ الْإِمَامِ وَهُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ وَعَلَيْهِ الْمُتُونُ وَالْأَخِيرَانِ أَفْتَى بِهِمَا الْمُتَأَخِّرُونَ لِتَغَيُّرِ الزَّمَانِ وَمَحَلُّ الْخِلَافِ مَا إذَا كَانَ الْهَلَاكُ لَا بِفِعْلِ الْأَجِيرِ وَكَانَ مِمَّا يُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ أَمَّا إذَا كَانَ بِفِعْلِهِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ اتِّفَاقًا سَوَاءٌ كَانَ بِالتَّعَدِّي أَوْ لَا كَتَخْرِيقِ الثَّوْبِ مِنْ دَقِّهِ مُعْتَادًا أَوْ غَيْرِهِ وَإِذَا كَانَ بِغَيْرِ فِعْلِهِ وَلَا يُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ كَالْحَرْقِ الْغَالِبِ وَاللُّصُوصِ الْمُكَابِرِينَ لَا يَضْمَنُ اتِّفَاقًا وَمَحَلُّ الْخِلَافِ أَيْضًا فِي الْإِجَارَةِ الصَّحِيحَةِ وَفِيمَا إذَا كَانَتْ الْعَيْنُ مِمَّا يُحْدِثُ فِيهَا الْأَجِيرُ عَمَلًا فَلَوْ كَانَتْ الْإِجَارَةُ فَاسِدَةً لَا يَضْمَنُ اتِّفَاقًا كَمَا فِي شَرْحِ ابْنِ الْمَلِكِ عَنْ الْمُحِيطِ وَلَوْ أَعْطَاهُ مُصْحَفًا مَثَلًا لِيَعْمَلَ لَهُ غِلَافًا فَضَاعَ الْمُصْحَفُ فَإِنَّهُ لَا يَضْمَنُ اتِّفَاقًا كَمَا فِي الْجَوْهَرَةِ وَتَمَامُ بَيَانِ ذَلِكَ فِي حَاشِيَتِنَا رَدِّ الْمُحْتَارِ عَلَى الدُّرِّ الْمُخْتَارِ فَاغْتَنِمْ هَذَا التَّحْرِيرَ فَإِنَّك لَا تَجِدُهُ مَجْمُوعًا فِي غَيْرِهَا.
(سُئِلَ) فِي صَبَّاغٍ أَجِيرٍ مُشْتَرَكٍ ضَاعَ مِنْهُ ثَلَاثَةُ أَثْوَابٍ لِزَيْدٍ بِدُونِ تَعَدٍّ مِنْهُ وَلَا تَقْصِيرٍ وَهُوَ مَسْتُورُ الْحَالِ فَهَلْ يُؤْمَرُ بِالصُّلْحِ عَلَى النِّصْفِ؟
(الْجَوَابُ) : حَيْثُ كَانَ مَسْتُورَ الْحَالِ يُؤْمَرُ بِالصُّلْحِ عَلَى نِصْفِ الْقِيمَةِ عَلَى مَا أَفْتَى بِهِ كَثِيرٌ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ.
(سُئِلَ) فِي بَيْطَارٍ مُتْقِنٍ لِحِرْفَتِهِ دَفَعَ لَهُ زَيْدٌ إكْدِيشَهُ لِيُعَالِجَ رِجْلَهُ الْمُصَابَةَ فَعَالَجَهَا وَقَطَعَ لَهَا عَلَى الْمُعْتَادِ الْمَأْذُونَ فِيهِ وَلَمْ يُجَاوِزْهُ ثُمَّ مَاتَ الْإِكْدِيشُ فَهَلْ حَيْثُ كَانَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ؟
(الْجَوَابُ) : نَعَمْ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ كَمَا فِي التَّنْوِيرِ وَغَيْرِهِ مِنْ الْكُتُبِ (أَقُولُ) وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا حَيْثُ لَمْ يَضْمَنْ وَبَيْنَ مَا لَوْ تَخَرَّقَ الثَّوْبُ مِنْ دَقِّهِ حَيْثُ يَضْمَنُ وَلَوْ مُعْتَادًا أَوْضَحَهُ فِي الدُّرَرِ وَغَيْرِهَا وَلِحَاصِلِهِ أَنَّ بِقُوَّةِ الثَّوْبِ وَرِقَّتِهِ يُعْلَمُ مَا يَتَحَمَّلُهُ مِنْ الدَّقِّ بِالِاجْتِهَادِ فَأَمْكَنَ تَقْيِيدُهُ بِالسَّلَامَةِ مِنْ فِعْلِهِ بِخِلَافِ الْفَصْدِ وَنَحْوِهِ فَإِنَّهُ يَنْبَنِي عَلَى قُوَّةِ الطَّبْعِ وَضَعْفِهِ وَلَا يُعْرَفُ