مِنْ الْأَجْنَبِيِّ وَيُرِيدُ صَاحِبُهُ تَضْمِينَ الْمُكَارِي قِيمَتَهُ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ) : نَعَمْ ذَكَرَ فِي فَتَاوَى الْفَضْلِيِّ إذَا دَفَعَ إلَى النَّسَّاجِ غَزْلًا لِيَنْسِجَهُ كِرْبَاسًا وَدَفَعَ النَّسَّاجُ إلَى آخَرَ لِيَنْسِجَهُ فَسُرِقَ مِنْ بَيْتِ الْآخَرِ إنْ كَانَ الْآخَرُ أَجِيرَ الْأَوَّلِ فَلَا ضَمَانَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَجِيرَ الْأَوَّلِ وَكَانَ أَجْنَبِيًّا ضَمِنَ بِلَا خِلَافٍ وَلَا يَضْمَنُ الْآخَرُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا يَضْمَنُ وَهُوَ نَظِيرُ الْمُودَعِ إذَا دَفَعَ الْوَدِيعَةَ إلَى أَجْنَبِيٍّ بِغَيْرِ إذْنِ مَالِكِهَا عِنْدَهُمَا صَاحِبُ الْوَدِيعَةِ يُضَمِّنُ أَيَّهمَا شَاءَ وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ يُضَمِّنُ الْأَوَّلَ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُضَمِّنَ الثَّانِيَ قَالَ صَاحِبُ الذَّخِيرَةِ وَعَلَى قِيَاسِ مَا ذَكَرَهُ الْقُدُورِيُّ أَنَّ كُلَّ صَانِعٍ شُرِطَ عَلَيْهِ الْعَمَلُ بِنَفْسِهِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَسْتَعْمِلَ غَيْرَهُ إنَّمَا لَا يَضْمَنُ إذَا كَانَ الْآخَرُ أَجِيرَ الْأَوَّلِ فِيمَا إذَا أَطْلَقَ لَهُ الْعَمَلَ أَمَّا إذَا شَرَطَ عَلَيْهِ النَّسْجَ بِنَفْسِهِ يَضْمَنُ بِالدَّفْعِ إلَى الْآخَرِ وَإِنْ كَانَ الْآخَرُ أَجِيرًا عِمَادِيَّةٌ مِنْ ضَمَانِ النَّسَّاجِ وَبِمِثْلِهِ أَفْتَى الْعَلَّامَةُ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ.
(سُئِلَ) فِي رَجُلٍ تَنَاوَلَ مِنْ دَلَّالٍ ثَوْبًا لِيَنْظُرَ إلَيْهِ عَلَى سَوْمِ النَّظَرِ وَقِيمَتُهُ سِتَّةُ قُرُوشٍ فَضَاعَ مِنْ يَدِهِ قَبْلَ دَفْعِهِ إلَى الدَّلَّالِ بِدُونِ تَعَدٍّ مِنْهُ وَلَا تَقْصِيرٍ فَهَلْ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ؟
(الْجَوَابُ) : إنْ أَخَذَهُ عَلَى سَوْمِ النَّظَرِ لَا يَضْمَنُ الرَّجُلُ قِيمَتَهُ كَمَا فِي النَّهْرِ وَإِنْ عَلَى سَوْمِ الشِّرَاءِ فَإِنْ لَمْ يَتَّفِقَا عَلَى ثَمَنٍ لَا يَضْمَنُ؛ لِأَنَّ الْمَقْبُوضَ عَلَى سَوْمِ الشِّرَاءِ إنَّمَا يَصِيرُ مَضْمُونًا إذَا اتَّفَقَا عَلَى ثَمَنٍ مَعْلُومٍ كَمَا فِي الْعِمَادِيَّةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(سُئِلَ) نَجْمُ الدِّينِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَمَّنْ دَفَعَ ثَوْبَهُ إلَى دَلَّالٍ لِيَبِيعَهُ فَسَاوَمَهُ صَاحِبُ الْحَانُوتِ بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ وَقَالَ أَحْضِرْ صَاحِبَ الثَّوْبِ حَتَّى أُعْطِيَهُ الثَّمَنَ فَذَهَبَ وَعَادَ بَعْدَ زَمَانٍ فَلَمْ يُوجَدْ الثَّوْبُ فِي الْحَانُوتِ وَصَاحِبُ الْحَانُوتِ يَقُولُ أَنْتَ أَخَذْته وَذَهَبْت بِهِ وَهُوَ يَقُولُ مَا أَخَذْته بَلْ تَرَكْته عِنْدَك أَيَضْمَنُ الدَّلَّالُ أَمْ صَاحِبُ الْحَانُوتِ.
(قَالَ) : الْقَوْلُ قَوْلُ الدَّلَّالِ مَعَ يَمِينِهِ؛ لِأَنَّهُ أَمِينٌ وَأَمَّا صَاحِبُ الْحَانُوتِ إنْ اتَّفَقَا عَلَى أَنَّهُ أَخَذَهُ صَاحِبُ الْحَانُوتِ لِيَشْتَرِيَهُ بِمَا سُمِّيَ مِنْ الثَّمَنِ فَقَدْ دَخَلَ فِي ضَمَانِهِ فَلَا يَخْرُجُ عَنْهُ بِمُجَرَّدِ دَعْوَاهُ وَهُوَ ضَامِنٌ لِقِيمَتِهِ وَإِنْ لَمْ يَتَّفِقَا عَلَى ثَمَنٍ لَمْ يَكُنْ مَضْمُونًا عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْمَقْبُوضَ عَلَى سَوْمِ الشِّرَاءِ إنَّمَا يَصِيرُ مَضْمُونًا إنْ اتَّفَقَا عَلَى ثَمَنٍ مَعْلُومٍ عِمَادِيَّةٌ مِنْ ضَمَانِ الدَّلَّالِ.
(سُئِلَ) فِيمَا اسْتَأْجَرَ زَيْدٌ عَمْرًا مُدَّةً مَعْلُومَةً بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ لِرَعْيِ غَنَمِهِ خَاصَّةً وَلَا يَرْعَى غَنَمَ غَيْرِهِ فَهَلَكَ مِنْ الْغَنَمِ وَاحِدَةٌ بِدُونِ تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ فَهَلْ يَكُونُ غَيْرَ ضَامِنٍ وَلَهُ الْأُجْرَةُ كَامِلَةً؟
(الْجَوَابُ) : نَعَمْ.
(سُئِلَ) فِي دَقَّاقِ قُمَاشٍ يَعْمَلُ لَا لِوَاحِدٍ ضَاعَ عِنْدَهُ مَتَاعٌ لِبَعْضِ النَّاسِ بِدُونِ تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ فِي حِفْظِهِ كَيْفَ الْحُكْمُ؟
(الْجَوَابُ) : حَيْثُ كَانَ أَجِيرًا مُشْتَرَكًا فَإِنْ كَانَ صَالِحًا يَبْرَأُ بِيَمِينِهِ وَإِنْ كَانَ بِخِلَافِهِ يَضْمَنُ وَإِنْ كَانَ مَجْهُولَ الْحَالِ يُؤْمَرُ بِالصُّلْحِ عَلَى النِّصْفِ كَمَا اخْتَارَ ذَلِكَ الْإِمَامُ أَبُو اللَّيْثِ وَأَبُو جَعْفَرٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى وَأَفْتَى بِهِ كَثِيرٌ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا اسْتَأْجَرَ زَيْدٌ مِنْ مُكَارٍ دَابَّةً لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا كِيسَيْنِ فِيهِمَا نِيلٌ بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ فَحَمَلَ الْمُكَارِي الْكِيسَيْنِ عَلَى دَابَّتِهِ وَفِي أَثْنَاءِ الطَّرِيقِ انْشَقَّ أَحَدُهُمَا بِنَفْسِهِ وَهُوَ عَلَى الدَّابَّةِ وَخَرَجَ بَعْضُ مَا فِيهِ بِلَا صُنْعٍ مِنْ الْمُكَارِي وَلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ مِنْهُ فَهَلْ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ؟
(الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَلَوْ انْشَقَّتْ الْحَقِيبَةُ بِنَفْسِهَا وَخَرَجَ مَا فِيهَا قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو بَكْرٍ ضَمِنَ الْحَمَّالُ كَمَا إذَا انْقَطَعَ حَبْلُهُ وَقَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ فِي قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ لَا يَضْمَنُ وَلَا يُشْبِهُ هَذَا انْقِطَاعَ الْجَبْلِ؛ لِأَنَّهُ ثَمَّةَ التَّفْرِيطُ كَانَ مِنْ قِبَلِ الْحَمَّالِ حَيْثُ شَدَّ الْحِمْلَ بِحَبْلٍ وَاهٍ وَهَاهُنَا التَّقْصِيرُ جَاءَ مِنْ قِبَلِ رَبِّ الْحَقِيبَةِ حَيْثُ جَعَلَ مَالَهُ فِي حَقِيبَةٍ لَا يَسْتَمْسِكُ مَا فِيهَا وَبِهِ نَأْخُذُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى عِمَادِيَّةٌ مِنْ الْفَصْلِ ٣٢ وَفِيهَا أَيْضًا وَفِي فَتَاوَى أَبِي اللَّيْثِ إذَا اسْتَأْجَرَ مُكَارِيًا لِيَحْمِلَ لَهُ عَصِيرًا عَلَى دَابَّةٍ إلَى مَوْضِعٍ مَعْلُومٍ فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يَضَعَهُ عَنْ الدَّابَّةِ أَخَذَ أَحَدَ الْعِدْلَيْنِ مِنْ جَانِبٍ وَرَمَى بِالْعِدْلِ الْآخَرِ مِنْ الْجَانِبِ الْآخَرِ فَانْشَقَّ الْعِدْلُ مِنْ رَمْيِهِ وَخَرَجَ الْعَصِيرُ