للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لِلْمُؤَجِّرِ الْمَرْقُومِ حَتَّى يُعْطِيَهُ قِيمَةَ حَرْثِهِ وَكِرَابِهِ فَهَلْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ؟

(الْجَوَابُ) : نَعَمْ؛ لِأَنَّهُ لَا قِيمَةَ لِلْمَنَافِعِ وَالْكِرَابُ وَصْفٌ فِي الْأَرْضِ وَمَسْأَلَةُ الْكِرَابِ مَذْكُورَةٌ فِي مُزَارَعَةِ التَّنْوِيرِ وَقَالَ وَيُسْتَرْضَى دِيَانَةً وَلَكِنْ هَذَا إذَا كَانَ بِالْإِذْنِ وَفِي الْمَسْأَلَةِ الْمَسْئُولِ عَنْهَا بِغَيْرِ إذْنٍ وَذَكَرَهَا الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ قَائِلًا؛ لِأَنَّهُ كَلَوْنِ الدَّابَّةِ.

(سُئِلَ) فِي رَجُلٍ أَذِنَتْ لَهُ أُمُّهُ بِأَنْ يَسْكُنَ فِي دَارِهَا الْمَمْلُوكَةِ لَهَا بِشَرْطِ أَنْ يُعَمِّرَهَا فَسَكَنَ فِي الدَّارِ مُدَّةً وَلَمْ يُعَمِّرْهَا فَهَلْ يَلْزَمُهُ لَهَا أُجْرَةُ الْمِثْلِ فِي الْمُدَّةِ الْمَزْبُورَةِ؟

(الْجَوَابُ) : نَعَمْ رَجُلٌ دَفَعَ إلَى آخَرَ دَارًا لِيَسْكُنَهَا وَيُعَمِّرَهَا فَسَكَنَ مُدَّةً وَلَمْ يُعَمِّرْهَا فَإِنْ كَانَ أَذِنَ لَهُ بِشَرْطِ الْعِمَارَةِ يَجِبُ أَجْرُ الْمِثْلِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا شَرَطَ الْعِمَارَةَ فَقَدْ آجَرَهُ بِأُجْرَةٍ مَجْهُولَةٍ فَيَجِبُ أَجْرُ الْمِثْلِ؛ لِأَنَّ قَدْرَ الْعِمَارَةِ مَجْهُولٌ وَإِنْ سَكَنَ وَعَمَّرَ فَإِنَّهُ يُنْظَرُ إلَى الْعِمَارَةِ وَأَجْرِ الْمِثْلِ جَوَاهِرُ الْفَتَاوَى مِنْ أَوَائِلِ كِتَابِ الْإِجَارَاتِ

(أَقُولُ) وَمِثْلُ هَذَا مَا ذَكَرَهُ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ فِي أَحْكَامِ الْعِمَارَةِ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ بِعِبَارَةٍ فَارِسِيَّةٍ وَعَرَّبَهَا الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ فِي حَاشِيَتِهِ عَلَيْهِ وَنَصُّهُ اتَّفَقَتْ مَعَ زَوْجِهَا عَلَى أَنْ يُعَمِّرَ وَيَسْكُنَ فَعَمَّرَ وَصَارَ يُسَاوِي أَلْفَ دِرْهَمٍ وَمَاتَتْ الْمَرْأَةُ فَطَالَبَتْهُ بَقِيَّةُ وَرَثَتِهَا بِأُجْرَةِ السُّكْنَى وَطَالَبَهُمْ هُوَ بِمَا أَنْفَقَ فَالْجَوَابُ أَنَّهُ يَسْقُطُ مِمَّا أَنْفَقَ قَدْرُ أُجْرَةِ السُّكْنَى وَالْبَاقِي يُطَالِبُ بِهِ وَإِنْ زَادَتْ قِيمَةُ السُّكْنَى عَلَيْهِ يَسْقُطُ بِقَدْرِهِ مِنْهَا وَالْبَاقِي مِيرَاثٌ وَإِنْ لَمْ يَقَعْ الِاتِّفَاقُ عَلَى ذَلِكَ وَعَمَّرَ فَهُوَ مُتَبَرِّعٌ. اهـ.

(أَقُولُ) أَيْضًا وَجْهُ كَوْنِ ذَلِكَ إجَارَةً فَاسِدَةً أَنَّ صَاحِبَ الدَّارِ لَمْ يُمَلِّكْ مَنْفَعَةَ دَارِهِ إلَّا بِعِوَضٍ لَكِنَّهُ لَمَّا جُهِلَ الْعِوَضُ وَقْتَ الْعَقْدِ وَجَبَ أَجْرُ الْمِثْلِ بَالِغًا مَا بَلَغَ وَالْمُعَمِّرُ غَيْرُ مُتَبَرِّعٍ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُعَمِّرْ إلَّا بِمُقَابَلَةِ السُّكْنَى وَبِمَا نَقَلَهُ الْمُؤَلِّف وَنَقَلْنَاهُ أَيْضًا عُلِمَ أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِإِعَارَةٍ بَلْ هُوَ إجَارَةٌ فَاسِدَةٌ خِلَافًا لِمَا فِي الْفَتَاوَى الْخَيْرِيَّةِ حَيْثُ أَجَابَ فِي نَظِيرِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ مُسْتَعِيرٌ لَا مُسْتَأْجِرٌ وَمِمَّا يُؤَيِّدُ مَا قُلْنَاهُ مَسْأَلَةٌ يَجِبُ التَّنْبِيهُ عَلَيْهَا لِكَثْرَةِ وُقُوعِهَا فِي زَمَانِنَا وَقَلَّ مَنْ يَعْرِفُهَا وَهِيَ مَا فِي الْفَصْلِ الثَّالِثِ مِنْ الْخُلَاصَةِ رَجُلٌ اسْتَقْرَضَ دَرَاهِمَ مِنْ رَجُلٍ فَقَالَ لَهُ اُسْكُنْ فِي حَانُوتِي فَمَا لَمْ أَرُدَّ عَلَيْك دَرَاهِمَك لَا أُطَالِبُك بِأُجْرَةِ الْحَانُوتِ وَالْأَجْرُ الَّذِي يَجِبُ عَلَيْك هِبَةٌ فَدَفَعَ الْمُقْرِضُ إلَيْهِ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَسَكَنَ الْحَانُوتَ مُدَّةً.

فَقَالَ إنْ ذَكَرَ تَرْكَ الْأُجْرَةِ عَلَيْهِ مَعَ اسْتِقْرَاضِهِ مِنْهُ الْمَالَ فَالْأُجْرَةُ عَلَى الْمُقْرِضِ وَاجِبَةٌ وَإِنْ كَانَ ذَكَرَهُ قَبْلَ الِاسْتِقْرَاضِ أَوْ بَعْدَهُ فَلَا أَجْرَ عَلَيْهِ. اهـ. وَمِثْلُهُ فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَنَقَلَ الْمَسْأَلَةَ فِي التَّتَارْخَانِيَّةِ فِي مُتَفَرِّقَاتِ الْإِجَارَةِ عَنْ النَّوَازِلِ ثُمَّ قَالَ عَقِبَهَا قِيلَ الصَّحِيحُ أَنَّهُ يَجِبُ أَجْرُ الْمِثْلِ فِي الْوَجْهَيْنِ وَفِي الْكُبْرَى قَالَ فَخْرُ الدِّينِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى وَفِي الْخَانِيَّةِ رَجُلٌ اسْتَقْرَضَ دَرَاهِمَ وَأَسْكَنَ الْمُقْرِضَ فِي دَارِهِ قَالُوا يَجِبُ أَجْرُ الْمِثْلِ عَلَى الْمُقْرِضِ وَكَذَا لَوْ أَخَذَ الْمُقْرِضُ مِنْ الْمُسْتَقْرِضِ حِمَارًا لِيَسْتَعْمِلَهُ إلَى أَنْ يَرُدَّ عَلَيْهِ الدَّرَاهِمَ. اهـ. فَحَيْثُ كَانَ الْفَتْوَى عَلَى وُجُوبِ الْأُجْرَةِ عَلَى الْمُقْرِضِ وَإِنْ صَرَّحَ بِإِسْقَاطِ الْأُجْرَةِ وَقْتَ الْقَرْضِ أَوْ قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ فَفِي مَسْأَلَتِنَا بِالْأَوْلَى وَوَجْهُ لُزُومِ الْأُجْرَةِ مَعَ التَّصْرِيحِ بِإِسْقَاطِهَا أَنَّ الْمُسْتَقْرِضَ لَمْ يُسْكِنْهُ فِي دَارِهِ إلَّا بِمُقَابَلَةِ مَنْفَعَةِ الْقَرْضِ وَذَلِكَ لَا يَصْلُحُ عِوَضًا فَيَجِبُ أَجْرُ الْمِثْلِ؛ لِأَنَّهُ إجَارَةٌ فَاسِدَةٌ وَالْإِجَارَةُ لَا بُدَّ فِيهَا مِنْ الْأُجْرَةِ وَقَدْ صَرَّحَ فِي الْأَشْبَاهِ وَغَيْرِهَا بِأَنَّهُ لَوْ قَالَ آجَرْتُك بِغَيْرِ شَيْءٍ فَهِيَ إجَارَةٌ فَاسِدَةٌ لَا عَارِيَّةٌ. اهـ. وَقَدْ صَرَّحُوا بِأَنَّ الْإِجَارَةَ الْفَاسِدَةَ يَجِبُ فِيهَا أَجْرُ الْمِثْلِ فَاحْفَظْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ فَإِنَّهَا مُهِمَّةٌ لَكِنْ بَقِيَ مَا إذَا اسْتَقْرَضَ مِنْهُ وَأَرْهَنَ الدَّارَ عِنْدَهُ وَأَبَاحَ لَهُ سُكْنَاهَا مَجَّانًا فَهَلْ لَهُ أُجْرَةٌ الظَّاهِرُ لَا وَإِنْ كَانَ مَا أَبَاحَ لَهُ السُّكْنَى إلَّا لِأَجْلِ الْقَرْضِ؛ لِأَنَّ الرَّهْنَ عَقْدٌ آخَرُ مُنَافٍ لِعَقْدِ الْإِجَارَةِ وَلَا يُمْكِنُ اجْتِمَاعُهُمَا بَلْ لَوْ عَرَضَ أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ أَفْسَدَهُ فَلَوْ آجَرَ الْمَرْهُونَ فَسَدَ الرَّهْنُ وَبِالْعَكْسِ وَلِذَا اخْتَلَفُوا فِي كَرَاهَةِ انْتِفَاعِ الْمُقْرِضِ بِالْمَرْهُونِ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ لِي الْجَزْمُ بِالْكَرَاهَةِ التَّحْرِيمِيَّةِ فِي مِثْلِ مَسْأَلَتِنَا؛ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ الرَّاهِنُ بِالِانْتِفَاعِ بِالدَّارِ الْمَرْهُونَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>