أَنَّهُ يُعْطِيهِ مِثْلَ بَذْرِهِ، وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ مِنَحٌ مِنْ الْغَصْبِ وَذَكَرَهُ الْعَلَائِيُّ بِاخْتِصَارٍ مُفِيدٍ.
(سُئِلَ) فِي أَرْضِ وَقْفٍ سَلِيخَةٍ جَارِيَةٍ فِي مِشَدِّ مِسْكَةِ آخَرَ فَعَمَدَ زَيْدٌ وَزَرَعَهَا فِي مُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ وَاسْتَغَلَّهَا كُلَّ ذَلِكَ بِدُونِ إذْنٍ مِنْ مُتَوَلِّي الْأَرْضِ وَلَا مِمَّنْ لَهُ الْمِشَدُّ وَلَمْ تَكُنْ الْأَرْضُ فِي إجَارَتِهِ فِي الْمُدَّةِ الْمَرْقُومَةِ وَيُرِيدُ النَّاظِرُ مُطَالَبَةَ زَيْدٍ بِأُجْرَةِ مِثْلِ الْأَرْضِ الْمَزْبُورَةِ مُدَّةَ زَرْعِهِ وَاسْتِعْمَالِهِ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ) : نَعَمْ، وَقَدْ أَجَابَ الشَّيْخُ خَيْرُ الدِّينِ عَنْ مِثْلِهِ بِقَوْلِهِ: لَيْسَ لَهُ أَنْ يُطَالِبَهُ بِحِصَّتِهِ مِنْ الْخَارِجِ أَوْ أُجْرَةِ زَرْعِهَا دَرَاهِمَ وَإِنْ قُلْنَا لَا تُرْفَعُ يَدُهُ عَنْهَا مَا دَامَ مُزَارِعًا يُعْطِي مَا هُوَ الْمُعْتَادُ فِيهَا عَلَى وَجْهِ الْمَطْلُوبِ كَمَا فِي فَتَاوِيهِ مِنْ الْمُزَارَعَةِ.
(أَقُولُ) الضَّمِيرُ فِي قَوْلِ الشَّيْخِ خَيْرِ الدِّينِ لَيْسَ لَهُ. . . إلَخْ عَائِدٌ عَلَى الْمُزَارِعِ فَإِنَّ سُؤَالَهُ هَكَذَا: سُئِلَ عَنْ الْأَرْضِ السُّلْطَانِيَّةِ أَوْ الْوَقْفِ الَّتِي لَهَا مُزَارِعٌ مُعْتَادٌ عَلَيْهَا وَلَهُ يَدٌ سَابِقَةٌ فِي مُزَارِعَتِهَا بِالْحِصَّةِ الْمَعْهُودَةِ فِيهَا إذَا زَرَعَهَا غَيْرُهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَدَفَعَ مَا عَلَيْهَا مِنْ الْحِصَّةِ فَهَلْ لِمُزَارِعِهَا أَنْ يُطَالِبَهُ بِحِصَّتِهِ مِنْ الْخَارِجِ أَوْ بِأُجْرَةِ زَرْعِهَا دَرَاهِمَ أَجَابَ لَا وَإِنْ قُلْنَا. . . إلَخْ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُطَالَبَةَ بِالْحِصَّةِ أَوْ بِالْأُجْرَةِ لِوَكِيلِ السُّلْطَانِ أَوْ لِمُتَوَلِّي الْوَقْفِ لَوْ كَانَتْ الْأَرْضُ وَقْفًا وَلَيْسَ لِلْمُزَارِعِ وَصَاحِبِ الْمِسْكَةِ مُطَالَبَتُهُ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ لِأَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ فِي نَفْسِ الْأَرْضِ فَاحْفَظْ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَخْفَى عَلَى كَثِيرِينَ.
(سُئِلَ) فِي أَرْضٍ مَعْلُومَةٍ فِي قَرْيَةٍ مُعَدَّةٍ لِلِاسْتِغْلَالِ زَرَعَهَا زَيْدٌ بِغَيْرِ أَمْرِ صَاحِبِهَا عَمْرٍو وَاسْتَغَلَّهَا قَامَ عَمْرٌو وَيُطَالِبُ الزَّارِعَ بِحِصَّتِهِ مِنْ زَرْعِهِ وَلَمْ يَكُنْ فِي الْقَرْيَةِ عُرْفٌ مِنْ اقْتِسَامِ الْغَلَّةِ أَنْصَافًا أَوْ أَرْبَاعًا فَهَلْ يَكُونُ الْخَارِجُ لِلزَّارِعِ وَعَلَيْهِ أَجْرُ مِثْلِ الْأَرْضِ؟
(الْجَوَابُ) : نَعَمْ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَتْ لِزَيْدٍ أَرْضٌ مِنْ جُمْلَةِ أُرَاضِي قَرْيَةٍ مُعَدَّةٍ لِلزِّرَاعَةِ، وَالْعُرْفُ فِي الْقَرْيَةِ أَنَّ مَنْ زَرَعَ أَرْضَ غَيْرِهِ بِغَيْرِ أَمْرِهِ فَعَلَيْهِ الرُّبْعُ مِنْ الزَّرْعِ الشَّتْوِيِّ فَزَرَعَ عَمْرٌو الْأَرْضَ الْمَزْبُورَةَ حِنْطَةً بِغَيْرِ أَمْرِ زَيْدٍ فَهَلْ يُعْتَبَرُ الْعُرْفُ وَلِزَيْدٍ مَا عَلَيْهِ الْعُرْفُ مِنْ الزَّرْعِ؟
(الْجَوَابُ) : نَعَمْ قَالَ فِي الدُّرِّ الْمُخْتَارِ وَلَوْ زَرَعَ أَرْضَ الْغَيْرِ بِغَيْرِ إذْنِهِ يُعْتَبَرُ الْعُرْفُ فَإِنْ اقْتَسَمُوا الْغَلَّةَ أَنْصَافًا أَوْ أَرْبَاعًا اُعْتُبِرَ وَإِلَّا فَالْخَارِجُ لِلزَّارِعِ وَعَلَيْهِ أَجْرُ مِثْلِ الْأَرْضِ وَأَمَّا فِي الْوَقْفِ فَتَجِبُ الْحِصَّةُ أَوْ الْأَجْرُ بِكُلِّ حَالٍ فُصُولَيْنِ اهـ
(أَقُولُ) عِبَارَةُ جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ فِي الْحَادِي وَالثَّلَاثِينَ وَمَنْ زَرَعَ أَرْضَ غَيْرِهِ بِلَا أَمْرِهِ يَجِبُ الثُّلُثُ أَوْ الرُّبُعُ عَلَى مَا هُوَ عُرْفُ الْقَرْيَةِ ثُمَّ رَمَزَ لِفَتَاوَى الْقَاضِي ظَهِيرِ الدِّينِ زَرَعَ الْأَكَّارُ سِنِينَ بَعْدَ مُضِيِّ مُدَّةِ الْمُزَارَعَةِ جَوَابُ الْكِتَابِ أَنَّهُ لَا يَكُونُ مُزَارَعَةً فَالزَّرْعُ كُلُّهُ لِلْأَكَّارِ وَعَلَيْهِ تَصَدَّقَ بِمَا فَضَلَ مِنْ بَذْرِهِ وَأَجْرِ مِثْلِ عَمَلِهِ، وَهَكَذَا كَانُوا يُفْتُونَ بِبُخَارَى وَقِيلَ: تَكُونُ مُزَارَعَةً وَقِيلَ: لَوْ كَانَتْ الْأَرْضُ مُعَدَّةً لِلزِّرَاعَةِ بِأَنْ كَانَ رَبُّهَا مِمَّنْ لَا يَزْرَعُ بِنَفْسِهِ وَيَدْفَعُهَا مُزَارَعَةً فَذَلِكَ عَلَى الْمُزَارَعَةِ فَلِرَبِّ الْأَرْضِ حِصَّةٌ عَلَى مَا هُوَ عُرْفُ تِلْكَ الْقَرْيَةِ.
لَكِنْ إنَّمَا يُحْمَلُ عَلَى هَذَا لَوْ لَمْ يَعْلَمْ وَقْتَ الزِّرَاعَةِ أَنَّهُ زَرَعَهَا عَلَى وَجْهِ الْغَصْبِ صَرِيحًا أَوْ دَلَالَةً أَوْ عَلَى تَأْوِيلٍ فَإِنَّ مَنْ أَجَّرَ أَرْضَ غَيْرِهِ بِلَا إذْنِهِ وَلَمْ يُجِزْهُ رَبُّهَا وَقَدْ زَرَعَهَا الْمُسْتَأْجَرُ فَالزَّرْعُ كُلُّهُ لِلْمُسْتَأْجِرِ لَا عَلَى الزِّرَاعَةِ وَإِنْ كَانَتْ الْأَرْضُ مُعَدَّةً إلَّا فِي الْوَقْفِ تَجِبُ فِيهِ الْحِصَّةُ أَوْ الْأَجْرُ بِأَيِّ جِهَةٍ زَرَعَهَا أَوْ سَكَنَهَا أُعِدَّتْ لِلزِّرَاعَةِ أَوْ لَا وَعَلَى هَذَا اسْتَقَرَّ فَتْوَى عَامَّةِ الْمُتَأَخِّرِينَ اهـ وَحَاصِلُهُ أَنَّ فِي الْمَسْأَلَةِ قَوْلَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً: الْأَوَّلُ أَنَّهُ إذَا زَرَعَ أَرْضَ غَيْرِهِ بِلَا أَمْرِهِ لَا يَكُونُ غَصْبًا بَلْ يُحْمَلُ عَلَى الْمُزَارَعَةِ وَحِصَّةُ رَبِّ الْأَرْضِ مَا جَرَى عَلَيْهِ عُرْفُ الْقَرْيَةِ مِنْ ثُلُثٍ أَوْ رُبُعٍ، وَالْقَوْلُ الثَّانِي جَوَابُ الْكِتَابِ أَنَّهُ يَكُونُ غَاصِبًا، وَالزَّرْعُ كُلُّهُ لَهُ لَكِنْ يَتَصَدَّقُ بِمَا فَضَلَ عَنْ بَذْرِهِ وَأَجْرِ مِثْلِ عَمَلِهِ وَيُمْكِنُ حَمْلُ هَذَا عَلَى مَا إذَا لَمْ يَكُنْ عُرْفٌ فِي أَخْذِهَا عَلَى وَجْهِ الْمُزَارَعَةِ فَلَا يُخَالِفُ مَا قَبْلَهُ، وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ أَنَّهُ يَكُونُ مُزَارَعَةً إذَا كَانَ صَاحِبُهَا أَعَدَّهَا لِلِاسْتِغْلَالِ بِأَنْ كَانَ يَدْفَعُهَا مُزَارَعَةً لِغَيْرِهِ