للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَهَلْ لَا يَلْزَمُهُ أُجْرَةٌ لَهُمْ؟

(الْجَوَابُ) : حَيْثُ سَكَنَ غَصْبًا وَلَمْ تَكُنْ الدَّارُ وَقْفًا وَلَا لِأَيْتَامٍ وَلَا مُعَدَّةٍ لِلِاسْتِغْلَالِ لَا يَلْزَمُهُ أُجْرَةٌ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ الْمَزْبُورَةِ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ، وَإِنْ نَقَصَ الْمَغْصُوبُ عِنْدَ الْغَاصِبِ ضَمِنَ النُّقْصَانَ إلَّا إذَا كَانَ النُّقْصَانُ بِفِعْلِ الْغَيْرِ فَحِينَئِذٍ يُخَيَّرُ الْمَالِكُ بَيْنَ تَضْمِينِ الْغَاصِبِ وَيَرْجِعُ الْغَاصِبُ عَلَى الْجَانِي أَوْ يَضْمَنُ الْجَانِي وَلَا يَرْجِعُ عَلَى أَحَدٍ بَزَّازِيَّةٌ.

(سُئِلَ) فِي رَجُلٍ سَكَنَ مَعَ زَوْجَتِهِ فِي دَارِ وَقْفٍ بِدُونِ إجَارَةٍ وَلَا أُجْرَةٍ حَتَّى مَاتَ الرَّجُلُ عَنْهَا وَعَنْ تَرِكَةٍ فَهَلْ تُؤْخَذُ أُجْرَةُ الدَّارِ مِنْ التَّرِكَةِ أَوْ مِنْ الزَّوْجَةِ؟

(الْجَوَابُ) : تُؤْخَذُ أُجْرَةُ الدَّارِ مِنْ تَرِكَةِ الرَّجُلِ لَا مِنْ الزَّوْجَةِ لِأَنَّ الرَّجُلَ مَتْبُوعٌ، وَالزَّوْجَةَ تَابِعَةٌ، وَالْأُجْرَةُ تَلْزَمُ الْمَتْبُوعَ لَا التَّابِعَ قَالَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ مِنْ الْإِجَارَةِ فِي نَوْعِ الْمُتَفَرِّقَاتِ، وَمَنْ سَكَنَ دَارَ الْوَقْفِ أَوْ الْيَتِيمِ بِأَهْلِهِ وَأَتْبَاعِهِ فَأَجْرُ الْمِثْلِ عَلَى الرَّجُلِ الْمَتْبُوعِ اهـ. وَفِي وَصَايَا التَّنْوِيرِ أَهْلُ الرَّجُلِ: زَوْجَتُهُ. . . إلَخْ.

(سُئِلَ) فِيمَنْ غَصَبَ أَرْضًا وَبَنَى فِيهَا أَوْ غَرَسَ وَقِيمَةُ الْبِنَاءِ أَوْ الْغِرَاسِ أَكْثَرُ مِنْ قِيمَةِ الْأَرْضِ هَلْ يَمْلِكُ الْأَرْضَ بِقِيمَتِهَا أَمْ يُؤْمَرُ بِالْقَلْعِ؟

(الْجَوَابُ) : أَجَابَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ عَلِيٌّ أَفَنْدِي مُفْتِي الرُّومِ أَنَّهُ يُؤْمَرُ بِقَلْعِ ذَلِكَ وَلَا يُلْتَفَتُ لِقَوْلِهِ وَنَعَمْ هَذَا الْجَوَابُ فَإِنَّ فِيهِ سَدَّ بَابِ الظُّلْمِ، وَالْغَصْبِ وَإِنْ كَانَ فِي الْمَسْأَلَةِ اخْتِلَافٌ وَأُخِذَ جَوَابُهُ مِنْ فَتَاوَى أَبِي السُّعُودِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَمِنْ الْقُهُسْتَانِيِّ وَعِبَارَةُ الْقُهُسْتَانِيِّ وَمَنْ بَنَى بِنَاءً فِي أَرْضٍ غَيْرِهِ غَصْبًا أَوْ غَرَسَ شَجَرًا كَذَلِكَ أُمِرَ الْغَاصِبُ بِالْقَلْعِ أَيْ قَلْعِ الْبِنَاءِ أَوْ الشَّجَرِ وَالرَّدِّ أَيْ رَدِّ الْأَرْضِ فَارِغَةً إلَى الْمَالِكِ وَلَوْ كَانَتْ الْقِيمَةُ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَةِ الْأَرْضِ وَقَالَ الْكَرْخِيُّ: إنَّهُ لَا يُؤْمَرُ بِهِ حِينَئِذٍ وَيَضْمَنُ الْقِيمَةَ وَهَذَا أَوْفَقُ لِمَسَائِلِ الْبَابِ كَمَا فِي النِّهَايَةِ وَبِهِ أَفْتَى بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ كَصَدْرِ الْإِسْلَامِ وَأَنَّهُ حَسَنٌ وَلَكِنْ نَحْنُ نُفْتِي بِجَوَابِ الْكِتَابِ اتِّبَاعًا لِأَشْيَاخِنَا فَإِنَّهُمْ كَانُوا لَا يَتْرُكُونَ جَوَابَ الْكِتَابِ كَمَا فِي الْعِمَادِيَّةِ مِنْ الْفَصْلِ الثَّانِي وَالثَّلَاثِينَ مِنْ أَنْوَاعِ الضَّمَانَاتِ. اهـ.

وَفِي هَامِشِ الْأَنْقِرْوِيِّ مَا نَصُّهُ " وَلَا يُفْتَى بِقَوْلِ الْكَرْخِيِّ صَرَّحَ بِهِ أَبُو السُّعُودِ الْعِمَادِيُّ وَقَالَ فِي نُورِ الْعَيْنِ: يَقُولُ الْحَقِيرُ عَدَمُ انْقِطَاعِ مِلْكِ الْمَالِكِ هُوَ الْمَذْكُورُ وَحْدَهُ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ، وَالْهِدَايَةِ، وَالْخُلَاصَةِ وَعَامَّةِ الْمُتُونِ وَلَكِنْ اُخْتِيرَ فِي شُرُوحِ الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهَا قَوْلُ الْكَرْخِيِّ وَلَعَلَّ الْأَوَّلَ قِيَاسٌ، وَالثَّانِيَ اسْتِحْسَانٌ وَهُوَ الْأَوْلَى لِمَا ذَكَرَهُ الْإِمَامُ قَاضِي خَانْ فِي فَتَاوِيهِ أَنَّ لِصَاحِبِ أَكْثَرِ الْمَالَيْنِ أَنْ يَتَمَلَّكَ الْآخَرَ بِقِيمَتِهِ وَنَظَائِرُهُ كَثِيرَةٌ كَدَابَّةٍ ابْتَلَعَتْ لُؤْلُؤَةً فَلَوْ قِيمَةُ اللُّؤْلُؤَةِ أَكْثَرُ فَلِرَبِّهَا أَنْ يَتَمَلَّكَ الدَّابَّةَ وَكَدَابَّةٍ أَدْخَلَتْ رَأْسَهَا فِي قِدْرِ رَجُلٍ وَلَمْ يُمْكِنْ إخْرَاجُ رَأْسِهَا إلَّا بِكَسْرِ الْقِدْرِ لَوْ قِيمَتُهَا أَكْثَرُ مِنْ قِيمَتِهِ فَلِرَبِّهَا أَنْ يَتَمَلَّكَهُ بِقِيمَتِهِ اهـ.

(قُلْت) وَيُمْكِنُ أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَ هَذِهِ الْمَسَائِلِ وَمَسْأَلَةِ الْغَصْبِ بِأَنَّ فِعْلَ ذَلِكَ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ أَمْرٌ اضْطِرَارِيٌّ لِصُدُورِهِ بِدُونِ قَصْدٍ مُعْتَبَرٍ وَأَمَّا الْغَصْبُ فَهُوَ فِعْلٌ اخْتِيَارِيٌّ مَقْصُودٌ.

وَاَلَّذِي أَفْتَى بِهِ الْمَوْلَى عَلِيٌّ أَفَنْدِي هُوَ الْأَوْلَى، وَالْأَحْرَى فِي هَذَا الزَّمَانِ لِغَلَبَةِ أَهْلِ الظُّلْمِ وَالْغَاصِبِينَ وَيَشْهَدُ لَهُ قَوْلُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «لَيْسَ لِعِرْقٍ ظَالِمٍ حَقٌّ» قَالَ الْإِمَامُ الزَّيْلَعِيُّ أَيْ لَيْسَ لِذِي عِرْقٍ ظَالِمٍ وَصَفَ الْعِرْقَ بِصِفَةِ صَاحِبِهِ وَهُوَ الظَّالِمُ وَهُوَ مِنْ الْمَجَازِ كَمَا يُقَالُ: صَامَ نَهَارَهُ وَقَامَ لَيْلَهُ قَالَ تَعَالَى {فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ} [الدخان: ٤] وَلِأَنَّ الْأَرْضَ بَاقِيَةٌ عَلَى مِلْكِهِ إذْ لَمْ تَصِرْ مُسْتَهْلَكَةً وَلَا مَغْصُوبَةً حَقِيقَةً وَلَا وُجِدَ فِيهَا شَيْءٌ يُوجِبُ الْمِلْكَ لِلْغَاصِبِ فَيُؤْمَرُ بِتَفْرِيغِهَا وَرَدِّهَا إلَى مَالِكِهَا كَمَا إذَا شَغَلَ ظَرْفَ غَيْرِهِ بِالطَّعَامِ ثُمَّ ذَكَرَ مَا إذَا زَادَتْ قِيمَةُ الْبِنَاءِ وَهَذَا التَّعْلِيلُ وَالْحَدِيثُ الشَّرِيفُ يُسْتَأْنَسُ بِهِ لِمَا أَفْتَى بِهِ الْمَوْلَى أَبُو السُّعُودِ.

(سُئِلَ) فِي جَمَلٍ مُشْتَرَكٍ بَيْنَ زَيْدٍ وَعَمْرٍو ذَبَحَهُ عَمْرٌو بِدُونِ إذْنٍ مِنْ شَرِيكِهِ زَيْدٍ وَلَا وَجْهٍ شَرْعِيٍّ وَيُرِيدُ زَيْدٌ تَضْمِينَ عَمْرٍو قِيمَةَ حِصَّتِهِ مِنْهُ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟

(الْجَوَابُ) : نَعَمْ فِي الْأَصَحِّ قَالَ فِي الْعِمَادِيَّةِ فِي الْفَصْلِ ٣٢ وَمَنْ ذَبَحَ شَاةَ غَيْرِهِ فَمَالِكُهُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ قِيمَتَهَا وَسَلَّمَهَا إلَيْهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>