قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَعَلَيْهِ مَشَى النَّسَفِيُّ وَالْمَحْبُوبِيِّ وَغَيْرُهُمَا اهـ. وَمِثْلُهُ فِي شَرْحِ الْمُنْتَقَى لِلْعَلَائِيِّ نَقْلًا عَنْ الْمُضْمَرَاتِ وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ صَاحِبُ التَّنْوِيرِ وَبِهِ أَفْتَى غَيْرُ وَاحِدٍ.
(أَقُولُ) قَالَ فِي الْهِدَايَةِ وَعَنْهُ أَنَّهَا عَلَى الطَّالِبِ دُونَ الْمُمْتَنِعِ لِنَفْعِهِ وَمَضَرَّةِ الْمُمْتَنِعِ. اهـ. وَظَاهِرُهُ اعْتِمَادُ أَنَّهَا عَلَى الْجَمِيعِ عَلَى عَدَدِ الرُّءُوسِ مُطْلَقًا بِالْإِطْلَاقِ صَرَّحَ فِي الدُّرِّ الْمُخْتَارِ وَكَتَبَ الْمُؤَلِّفُ، قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ أَرْبَعَةُ أَشْيَاءَ عَلَى عَدَدِ الرُّءُوسِ الْعَقْلُ، وَالشُّفْعَةُ وَأُجْرَةُ الْقَسَّامِ، وَالطَّرِيقُ إذَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مُلْتَقَطٌ مِنْ الدِّيَاتِ.
(سُئِلَ) فِي دَارٍ ثُلُثُهَا فِي مِلْكِ زَيْدٍ وَثُلُثَاهَا لِعَمْرٍو وَاقْتَسَمَاهَا قِسْمَةً شَرْعِيَّةً، وَقَالَ زَيْدٌ نَبْنِي حَائِطًا حَاجِزًا بَيْنَنَا وَلِكُلٍّ مِنْهُمَا حَرِيمٌ أَجْنَبِيَّاتٌ عَنْ الْآخَرِ فَكَيْفَ الْحُكْمُ؟
(الْجَوَابُ) : إذَا كَانَ أَحَدُهُمَا يُؤْذِي الْآخَرَ وَيَطَّلِعُ عَلَيْهِ فِي حَالٍ لَا يَجُوزُ لَهُ الِاطِّلَاعُ كَانَ لِلْقَاضِي أَنْ يَأْمُرَهُمَا بِبِنَاءِ حَائِطٍ بَيْنَهُمَا وَيُخْرِجُ كُلٌّ مِنْهُمَا مِنْ النَّفَقَةِ بِحِصَّتِهِ يَفْعَلُهُ الْقَاضِي لِلْمَصْلَحَةِ كَمَا فِي ٣٤ مِنْ فُصُولِ الْعِمَادِيِّ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا مَاتَ رَجُلٌ عَنْ زَوْجَةٍ وَأَوْلَادٍ فِيهِمْ قَاصِرٌ لَا وَصِيَّ لَهُ وَخَلَفَ دَارًا فَقَطْ اقْتَسَمُوهَا بَيْنَهُمْ بِلَا وِصَايَةٍ عَلَى الْقَاصِرِ، وَالْحَالُ أَنَّ لِلزَّوْجَةِ دَيْنًا شَرْعِيًّا عَلَى الْمَيِّتِ ادَّعَتْ بِهِ وَأَثْبَتَتْهُ فَهَلْ تَصِحُّ دَعْوَاهَا وَتُنْقَضُ الْقِسْمَةُ وَلَا تَصِحُّ؟
(وَالْجَوَابُ) : نَعَمْ (أَقُولُ) فِي الْخَانِيَّةِ أَرْضٌ مِيرَاثٌ بَيْنَ قَوْمٍ اقْتَسَمُوهَا وَتَقَابَضُوا وَاشْتَرَى أَحَدُهُمْ مِنْ الْآخَرِ نَصِيبَهُ ثُمَّ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ بِدَيْنٍ عَلَى الْأَبِ كَانَتْ الْقِسْمَةُ وَالشِّرَاءُ بَاطِلَةً وَكَذَا إذَا اشْتَرَاهُ غَيْرُ الْوَارِثِ اهـ وَاحْتَرَزَ بِدَعْوَى الدَّيْنِ عَنْ دَعْوَى الْعَيْنِ فَإِنَّهَا لَا تُسْمَعُ لِأَنَّ الْإِقْدَامَ عَلَى الِاقْتِسَامِ اعْتِرَافٌ بِأَنَّ الْمَقْسُومَ مُشْتَرَكٌ كَمَا مَرَّ أَوَائِلَ هَذَا الْبَابِ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا اقْتَسَمَتْ الْوَرَثَةُ تَرِكَةَ مُوَرِّثِهِمْ ثُمَّ ظَهَرَ دَيْنٌ لِرَجُلٍ بِذِمَّةِ الْمُوَرِّثِ وَلَمْ يَبْقَ فِي التَّرِكَةِ مَا يَفِي بِالدَّيْنِ فَهَلْ تُرَدُّ الْقِسْمَةُ لِكَوْنِهَا مُؤَخَّرَةً عَنْ قَضَاءِ الدَّيْنِ؟
(الْجَوَابُ) : نَعَمْ فِي قِسْمَةِ الْهِدَايَةِ إذَا اقْتَسَمُوا التَّرِكَةَ ثُمَّ ظَهَرَ دَيْنٌ مُحِيطٌ أَوْ غَيْرَ مُحِيطٍ رُدَّتْ الْقِسْمَةُ وَهَذَا فِي الدَّيْنِ الْمُحِيطِ ظَاهِرٌ لِأَنَّهُ يَمْنَعُ الْمِلْكَ فَيَمْنَعُ التَّصَرُّفَ وَكَذَا غَيْرُ الْمُحِيطِ لِتَعَلُّقِ الْغُرَمَاءِ بِالتَّرِكَةِ شَائِعًا وَلِأَنَّ الْقِسْمَةَ مُؤَخَّرَةٌ عَنْ قَضَاءِ الدَّيْنِ لِحَقِّ الْمَيِّتِ حَتَّى لَا يَمْتَنِعَ رَدُّ الْقِسْمَةِ بِرِضَا الْغُرَمَاءِ إلَّا إذَا بَقِيَ مِنْ التَّرِكَةِ مَا يَفِي بِالدَّيْنِ فَإِذَا قُسِمَتْ حِينَئِذٍ جَازَ لِأَنَّهُ لَا حَاجَةَ إلَى نَقْضِ الْقِسْمَةِ فِي إيفَاءِ حُقُوقِهِمْ عِمَادِيَّةٌ فِي ٢٨ ظَهَرَ دَيْنٌ أَوْ وَصِيَّةٌ بِالثُّلُثِ أَوْ بِأَلْفٍ مُرْسَلَةٍ أَوْ وَارِثٍ آخَرَ بَعْدَ الْقِسْمَةِ تُرَدُّ بَزَّازِيَّةٌ مِنْ الثَّالِثِ رَجُلٌ مَاتَ وَتَرَكَ مِيرَاثًا فَطَلَبَ وَرَثَتُهُ مِنْ الْقَاضِي الْقِسْمَةَ وَأَقَامُوا الْبَيِّنَةَ عَلَى الْمَوْتِ وَالْمِيرَاثِ كَمَا هُوَ الشَّرْطُ وَعَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ لِغَائِبٍ فَإِنَّ الْقَاضِيَ لَا يَقْسِمُ شَيْئًا مِنْ أَجْنَاسِ التَّرِكَةِ.
وَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ أَقَلَّ مِنْ التَّرِكَةِ وَسَأَلُوا مِنْ الْقَاضِي أَنْ يَعْزِلَ شَيْئًا لِأَجْلِ الدَّيْنِ وَيَقْسِمَ الْبَاقِيَ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ فِي الْقِيَاسِ: لَا يَفْعَلُ وَهُوَ قَوْلُهُ الْأَوَّلُ ثُمَّ اسْتَحْسَنَ وَقَالَ بِأَنَّ الْقَاضِيَ يَفْعَلُ ذَلِكَ فَإِنْ فَعَلُوا ذَلِكَ وَاقْتَسَمُوا الْمِيرَاثَ فَهَلَكَ مَا عَزَلَ لِأَجْلِ الدَّيْنِ رُدَّتْ الْقِسْمَةُ إلَّا أَنْ يَقْضُوا الدَّيْنَ مِنْ حِصَصِهِمْ وَكَذَا لَوْ لَمْ يَكُنْ الدَّيْنُ ظَاهِرًا وَقْتَ الْقِسْمَةِ ثُمَّ ظَهَرَ بَعْدَ الْقِسْمَةِ كَانَتْ الْقِسْمَةُ مَرْدُودَةً إلَّا أَنْ يَقْضُوا الدَّيْنَ وَكَذَا لَوْ ظَهَرَ فِي التَّرِكَةِ وَصِيَّةٌ بِالثُّلُثِ أَوْ بِعَيْنٍ مِنْ أَعْيَانِ الْمَالِ فَالْوَصِيَّةُ بِمَنْزِلَةِ الدَّيْنِ خَانِيَّةٌ مِنْ فَصْلٍ فِيمَا يَدْخُلُ فِي الْقِسْمَةِ، وَالْمَسْأَلَةُ مَبْسُوطَةٌ فِي قِسْمَةِ الْهِدَايَةِ وَكَذَا فِي قِسْمَةِ الْأَشْبَاهِ وَحَوَاشِيهِ وَفِي فَتَاوَى الْأَنْقِرْوِيِّ أَيْضًا
(أَقُولُ) كَتَبْتُ فِي رَدِّ الْمُحْتَارِ مَا نَصُّهُ " (تَتِمَّةٌ) أَجَازَ الْغَرِيمُ قِسْمَةَ الْوَرَثَةِ قَبْلَ قَضَاءِ الدَّيْنِ لَهُ نَقْضُهَا وَكَذَا إذَا ضَمِنَ بَعْضُ الْوَرَثَةِ دَيْنَ الْمَيِّتِ بِرِضَا الْغَرِيمِ إلَّا أَنْ يَكُونَ بِشَرْطِ بَرَاءَةِ الْمَيِّتِ لِأَنَّهَا تَصِيرُ حَوَالَةً فَيَنْتَقِلُ الدَّيْنُ عَلَيْهِ وَتَخْلُو التَّرِكَةُ عَنْهُ وَهِيَ الْحِيلَةُ لِقِسْمَةِ تَرِكَةٍ فِيهَا دَيْنٌ كَمَا بُسِطَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَغَيْرِهَا.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِرَجُلَيْنِ دَيْنٌ شَرْعِيٌّ بِذِمَّةِ جَمَاعَةٍ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُمَا فَاقْتَسَمَاهُ بَيْنَهُمَا قَبْلَ الْقَبْضِ فَهَلْ تَكُونُ الْقِسْمَةُ الْمَزْبُورَةُ غَيْرَ جَائِزَةٍ؟
(الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَقِسْمَةُ الدَّيْنِ لَا تَجُوزُ