مَسْكَةً بِطَرِيقٍ شَرْعِيٍّ؛ لِأَنَّهَا تَأَهَّلَتْ لِذَلِكَ وَصَارَتْ مِنْ أَهْلِ الْحَرْثِ وَالْكَبْسِ هَذَا مَا لَاحَ فِي خَاطِرِي وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ الْمُوَفِّقُ لِلصَّوَابِ.
وَسُئِلَ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي رَجُلٍ مَاتَ عَنْ زَوْجَةٍ وَعَنْ بِنْتٍ مِنْهَا وَعَنْ أَخٍ لِأُمٍّ وَعَنْ أُخْتٍ لِأُمٍّ وَأَوْلَادِ أُخْتٍ وَخَلَّفَ تَرِكَةً وَمِنْ جُمْلَتِهَا مَسْكَةُ أَرَاضٍ فِيهَا غِرَاسٌ وَبِنَاءٌ لَهُ وَأَرْضٌ مَوْقُوفَةٌ تَابِعَةٌ لِذَلِكَ فَمَنْ يَخْتَصُّ بِذَلِكَ وَمَنْ يَرِثُهُ
الْجَوَابُ تُقْسَمُ التَّرِكَةُ مِنْ ثَمَانِيَةِ أَسْهُمٍ لِلزَّوْجَةِ مِنْ ذَلِكَ سَهْمٌ وَاحِدٌ وَلِلْبِنْتِ سَبْعَةُ أَسْهُمٍ فَرْضًا وَرَدًّا وَلَا شَيْءَ لِمَنْ ذُكِرَ بَعْدُ فَتَرِثُ الْبِنْتُ الْمَرْقُومَةُ مَعَ أُمِّهَا جَمِيعَ الْغِرَاسِ وَالْبِنَاءِ وَمَسْكَةِ الْأَرْضِ الْحَامِلَةِ لِلْغِرَاسِ الْمَرْقُومِ كَمَا تَقَدَّمَ لِلْأُمِّ سَهْمٌ وَاحِدٌ وَالْبَاقِي لِلْبِنْتِ، وَأَمَّا الْأَرَاضِي الْمَوْقُوفَةُ فَعَلَى حَسَبِ شَرْطِ الْوَاقِفِ.
وَسُئِلَ الْمَرْحُومُ الشَّيْخُ إسْمَاعِيلُ فِي رَجُلٍ بَقَرِيَّة سُلْطَانِيَّةٍ مِنْ خَاصَّاتِ حَاكِمِ الْبَلْدَةِ تَصَرَّفَ فِي قِطَعٍ سَلَائِخَ مِنْ أَرَاضِي الْخَاصِّ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً بِإِذْنِ صَاحِبِهِ وَدَفَعَ الْمُرَتَّبَ وَلَهُ أُخْتٌ قَامَتْ الْآنَ تُعَارِضُهُ فِي الْأَرَاضِي الْمَوْقُوفَةِ مُتَعَلِّلَةً بِأَنَّ الْأَرَاضِيَ قَبْلَ هَذِهِ الْمُدَّةِ كَانَتْ فِي تَصَرُّفِ أَبِيهَا الْمُتَوَفَّى عَنْهُمَا جَمِيعًا وَأَنَّ الْأَرَاضِيَ تَكُونُ مِيرَاثًا عَنْهُ لَهُمَا فَهَلْ الْأَرَاضِي الْخَاصَّةُ السُّلْطَانِيَّةُ لَا تُوَرَّثُ أَجَابَ: الْأَرَاضِي السُّلْطَانِيَّةُ أَرَاضِي بَيْتِ الْمَالِ لَا تُوَرَّثُ، وَإِنَّمَا يَدْفَعُهَا مَنْ فَوَّضَ السُّلْطَانُ نَصَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى أَمْرَهَا إلَيْهِ إلَى الْقَادِرِينَ عَلَى إصْلَاحِهَا مِنْ الرِّجَالِ وَلَا حَظَّ لِلنِّسَاءِ فِيهَا، وَأَمَّا مَا فِيهَا مِنْ الْبِنَاءِ وَالْغِرَاسِ فَهُوَ مِلْكٌ لِأَرْبَابِهِ يُقْسَمُ بَيْنَ الْوَرَثَةِ عَلَى فَرِيضَةِ اللَّهِ تَعَالَى. اهـ.
(أَقُولُ) وَقَدْ أَفْتَى الشَّيْخُ إسْمَاعِيلُ أَيْضًا بِذَلِكَ فِي مَوَاضِعَ مِنْ هَذَا الْبَابِ فَفِي مَوْضِعٍ فِي رَجُلٍ مَاتَ عَنْ ابْنٍ وَبِنْتٍ وَبِيَدِهِ مِشَدُّ مَسْكَةٍ فِي أَرْضٍ تَيْمَارِيَّةٍ فَأَفْتَى بِانْتِقَالِهَا لِلِابْنِ فَقَطْ وَبِأَنَّهَا لَا تُورَثُ وَفِي مَوْضِعٍ فِي رَجُلٍ مَاتَ عَنْ أَوْلَادٍ إنَاثٍ وَلَهُ مِشَدُّ مَسْكَةِ أَرَاضِي وَقْفٍ سَلَائِخُ فَأَفْتَى بِأَنَّ لِلْمُتَوَلِّي أَنْ يُوَجِّهَهَا لِمَنْ أَرَادَ وَفِي مَوْضِعٍ فِي رَجُلٍ مَاتَ عَنْ بِنْتَيْنِ وَأَخٍ وَخَلَّفَ مِشَدَّ مَسْكَةِ أَرْضِ وَقْفٍ وَغِرَاسًا قَائِمًا فِي بَعْضِ الْأَرْضِ فَسَلَّمَ الْمُتَوَلِّي الْأَرْضَ السَّلِيخَةَ لِلْأَخِ فَقَطْ فَأَفْتَى بِأَنَّ لِلْمُتَوَلِّي ذَلِكَ وَلِلْبِنْتَيْنِ ثُلُثَا الْغِرَاسِ وَفِي مَوْضِعٍ فِيمَنْ لَهُ مِشَدُّ مَسْكَةِ أَرْضٍ تَيْمَارِيَّةٍ فَمَاتَ عَنْ وَلَدٍ ذَكَرٍ فَفَوَّضَهَا السَّبَاهِيُّ لِآخَرَ فَأَفْتَى بِأَنَّ لَهُ ذَلِكَ.
وَفِي هَذَا مُخَالَفَةٌ لِمَا مَرَّ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إنْ كَانَتْ الْأَرْضُ مَشْغُولَةً بِمِلْكِ الْمَيِّتِ تَوَجَّهَ لِوَرَثَتِهِ تَبَعًا لِلْمِلْكِ إذْ وَضْعُ الْمِلْكِ كَانَ بِحَقٍّ؛ لِأَنَّ الْمَيِّتَ كَانَ لَهُ حَقُّ الْقَرَارِ فَفِي تَوْجِيهِهَا لَهُمْ مَعَ الْتِزَامِهِمْ بِمَا كَانَ يَدْفَعُهُ مُوَرِّثُهُمْ إبْقَاءٌ لِمَا وُضِعَ بِحَقٍّ عَلَى أَصْلِهِ، وَأَمَّا لَوْ وُجِّهَتْ لِغَيْرِهِمْ أَوْ لِبَعْضِهِمْ دُونَ الْبَعْضِ يَلْزَمُ مِنْهُ إزَالَةُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ مَنْ وُجِّهَتْ لَهُ قَدْ لَا يَرْضَى بِإِبْقَاءِ ذَلِكَ فِي أَرْضِهِ فَيَلْزَمُ الضَّرَرُ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ بَعْضُ الْأَرْضِ مَشْغُولًا بِذَلِكَ وَبَعْضُهَا فَارِغًا فَوَجَّهَ الْفَارِغَ لِغَيْرِهِمْ أَوْ لِبَعْضِهِمْ أَوْ كَانَتْ كُلُّهَا فَارِغَةً كَذَلِكَ، فَإِنَّهُ لَا ضَرَرَ فِي ذَلِكَ وَقَدْ مَرَّ فِي الْبَابِ الثَّانِي مِنْ كِتَابِ الْوَقْفِ فَتْوَى مِنْ الْمُؤَلِّفِ مَضْمُونُهَا أَنَّهُ إذَا كَانَ لِلْمَيِّتِ أَشْجَارٌ وَمِشَدُّ مَسْكَةٍ فِي أَرْضِ وَقْفٍ تَنْتَقِلُ لِوَرَثَتِهِ بَعْدَهُ وَكَذَا لَوْ كَانَ فِي وَسَطِهَا شَجَرَتَانِ كَبِيرَتَانِ بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَتْ فِي جَانِبٍ مِنْ الْأَرْضِ كَالْمُسَنَّاةِ وَالْجَدَاوِلِ إلَخْ فَرَاجِعْهُ وَقَدْ مَرَّ آنِفًا فِي هَذَا الْبَابِ فِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ لِلْمَيِّتِ ابْنٌ ذَكَرٌ كَانَ أَحَقَّ بِالتَّوْجِيهِ لَهُ مِنْ غَيْرِهِ وَهُوَ الْمُصْطَلَحُ عَلَيْهِ الْآنَ فِي جَمِيعِ الْأَرَاضِي السُّلْطَانِيَّةِ وَالْوَقْفِ فَيُوَجِّهُهَا الْمُتَكَلِّمُ عَلَيْهَا لِلِابْنِ مَجَّانًا بِطَرِيقِ الْأَحَقِّيَّةِ مِنْ غَيْرِهِ، وَأَمَّا لَوْ كَانَتْ لَهُ بِنْتٌ فَتَوَجَّهَ لَهَا بِشَيْءٍ يَأْخُذُهُ الْمُتَكَلِّمُ عَلَى الْأَرْضِ مِنْ الْبِنْتِ وَيُسَمَّى ذَلِكَ بِ الطَّابُو وَالطَّابُو كَلِمَةٌ تُرْكِيَّةٌ أَوْ فَارِسِيَّةٌ مَعْنَاهَا الصَّكُّ الَّذِي يُكْتَبُ فِيهِ التَّوْجِيهُ وَكَأَنَّ مَا يَأْخُذُهُ هُوَ أُجْرَةٌ عَلَى كِتَابَةِ ذَلِكَ الصَّكِّ فَسُمِّيَ بِاسْمِهِ أَوْ هُوَ أُجْرَةٌ مُعَجَّلَةٌ عَنْ الْأَرْضِ فَالْبِنْتُ لَهَا حَقُّ التَّوْجِيهِ لَكِنْ بِالطَّابُو بِخِلَافِ نَحْوِ ابْنِ الْعَمِّ، فَإِنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ بَلْ الْمُتَكَلِّمُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ التَّوْجِيهِ لَهُ أَوْ لِأَجْنَبِيٍّ ثُمَّ رَأَيْتُ الْعَلَائِيَّ ذَكَرَ فِي شَرْحِهِ عَلَى الْمُلْتَقَى مِنْ بَابِ الْخَرَاجِ نَحْوَ ذَلِكَ فَقَالَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute