أَشْهُرٍ وَعَشَرَةِ أَيَّامٍ لِأَنَّهُ يَظْهَرُ فِيهَا الْحَبَلُ أَلْبَتَّةَ لَكِنْ فِي الْبَزَّازِيَّةِ مِنْ الْبَيْعِ مَا نَصُّهُ وَفِي دَعْوَى الْحَبَلِ إنَّمَا يُصَدَّقُ فِي رِوَايَةٍ إذَا كَانَ مِنْ حِينِ شِرَاهَا أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشْرٌ وَإِنْ أَقَلَّ فَلَا وَفِي رِوَايَةٍ أَنَّهُ تُسْمَعُ دَعْوَى الْحَبَلِ بَعْدَ شَهْرَيْنِ وَخَمْسَةِ أَيَّامٍ وَعَلَيْهِ عَمَلُ النَّاسِ اهـ فَبِمُقْتَضَى عَمَلِ النَّاسِ أَنَّهُ تَكْفِي الْمُدَّةُ الْمَذْكُورَةُ فِي صَدْرِ السُّؤَالِ وَالْأَوْلَى إمْهَالُ خَمْسَةِ أَيَّامٍ أَيْضًا لِتَكُونَ اتِّفَاقِيَّةً وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.
(أَقُولُ) لَوْ كَانَ مَا عَلَيْهِ عَمَلُ النَّاسِ يَكْفِي هُنَا لَمَا احْتَاجُوا إلَى قَوْلِهِمْ هُنَا فَعِدَّتُهَا لَا تَنْقَضِي بِالْأَشْهُرِ فَحَيْثُ لَمْ يَكْتَفُوا بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ الَّتِي هِيَ عِدَّةُ الصَّغِيرَةِ عُلِمَ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ زِيَادَةٍ عَلَيْهَا فَكَيْفَ يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ أَنَّهُ يَكْتَفِي بِشَهْرَيْنِ وَخَمْسَةِ أَيَّامٍ لِظُهُورِ الْحَبَلِ إذْ لَوْ كَانَ يَظْهَرُ الْحَبَلُ فِي هَذِهِ الْمُدَّةِ لَظَهَرَ بِأَشْهُرِ الْعِدَّةِ بِالْأَوْلَى فَظَهَرَ أَنَّهُمْ هُنَا لَمْ يَخْتَارُوا هَذِهِ الرِّوَايَةَ فَيَكُونُ الْعَمَلُ هُنَا عَلَى الرِّوَايَةِ الْأُولَى أَلْبَتَّةَ وَلَا يُقَالُ إنَّ الْقَوْلَ بِعَدَمِ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ مُخَالِفٌ لِنَصِّ الْقُرْآنِ فَلَا يُعَوَّلُ عَلَيْهِ لِأَنَّا نَقُولُ إنَّ التَّرَبُّصَ زِيَادَةٌ عَلَى ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ لَيْسَ عَلَى أَنَّهُ هُوَ عِدَّتُهَا أَلْبَتَّةَ بَلْ هَذَا لِلتَّرَبُّصِ لِلِاحْتِيَاطِ لِاحْتِمَالِ حَبَلِهَا فَإِنْ ظَهَرَ بَعْدَ الْمُدَّةِ الْحَبَلُ فَعِدَّتُهَا وَضْعُهُ وَإِلَّا فَعِدَّتُهَا ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ قَدْ مَضَتْ كَمَا أَفَادَهُ كَلَامُ الْإِمَامِ ابْنِ الْفَضْلِ الْمَذْكُورِ فَهَذَا الِاحْتِيَاطُ مُوَافِقٌ لِلْعَمَلِ بِنَصِّ الْقُرْآنِ عَلَى الِاحْتِمَالَيْنِ فَافْهَمْ وَقَدْ كُنْت أَفْتَيْت بِهَذَا فَتَعَصَّبَ عَلَيَّ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعَصْرِ وَقَالُوا قَدْ خَالَفَ نَصَّ الْقُرْآنِ حَيْثُ جَعَلَ عِدَّةَ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا عِدَّةً لِلصَّغِيرَةِ الْمُطَلَّقَةِ إلَى أَنْ أَظْهَرْت لَهُمْ النَّقْلَ وَأَرَيْتُهُمْ مُوَافَقَةَ مَا أَفْتَى بِهِ الْمُؤَلِّفُ لِمَا أَفْتَيْت بِهِ فَعِنْدَ ذَلِكَ سَكَتُوا وَخَجِلُوا وَلِلَّهِ الْحَمْدُ.
ثُمَّ رَأَيْت فِي نَفَقَاتِ فَتْحِ الْقَدِيرِ قَدْ ذَكَرَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ وَاسْتَحْسَنَهَا حَيْثُ قَالَ فَرَّعَ فِي الْخُلَاصَةِ عِدَّةَ الصَّغِيرَةِ ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ إلَّا إذَا كَانَتْ مُرَاهِقَةً فَيُنْفِقُ عَلَيْهَا مَا لَمْ يَظْهَرْ فَرَاغُ رَحِمِهَا كَذَا فِي الْمُحِيطِ اهـ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ خِلَافٍ وَهُوَ حَسَنٌ اهـ كَلَامُ فَتْحِ الْقَدِيرِ وَقَدْ أَشَارَ إلَى الْمَسْأَلَةِ أَيْضًا الشَّيْخُ عَلَاءُ الدِّينِ حَيْثُ قَيَّدَ الصَّغِيرَةَ بِأَنْ لَمْ تَبْلُغْ تِسْعًا فَأَفَادَ أَنَّهَا لَوْ بَلَغَتْ تِسْعًا وَهِيَ الْمُرَاهِقَةُ لَا تَنْقَضِي عِدَّتُهَا بِالْأَشْهُرِ الثَّلَاثَةِ بَلْ لَا بُدَّ مِمَّا ذَكَرْنَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(سُئِلَ) فِي ذِمِّيَّةٍ هَلَكَ زَوْجُهَا الذِّمِّيُّ عَنْهَا وَهِيَ غَيْرُ حَامِلَةٍ مِنْهُ وَمَضَى لِهَلَاكِهِ أَرْبَعُونَ يَوْمًا وَهُمْ لَا يَعْتَقِدُونَ الْعِدَّةَ فَهَلْ لَا تَعْتَدُّ إذَا اعْتَقَدُوا ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ) : نَعَمْ لَا تَعْتَدُّ إذَا اعْتَقَدُوا ذَلِكَ كَمَا قَيَّدَ بِهِ فِي الْوَلْوَالِجِيَّةِ لِأَمْرِنَا بِتَرْكِهِمْ وَمَا يَعْتَقِدُونَ وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - قَالَ جَمَالُ الْإِسْلَامِ فِي شَرْحِهِ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ وَالشَّافِعِيُّ عَلَيْهَا الْعِدَّةُ وَالصَّحِيحُ قَوْلُهُ وَاعْتَمَدَهُ الْمَحْبُوبِيُّ وَالنَّسَفِيُّ وَغَيْرُهُمَا.
(سُئِلَ) فِي امْرَأَةٍ طَلَّقَهَا زَوْجُهَا بَعْدَمَا خَلَا بِهَا خَلْوَةً صَحِيحَةً وَلَمْ يَطَأْهَا فَهَلْ يَلْزَمُهَا الْعِدَّةُ؟
(الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَتَجِبُ الْعِدَّةُ فِي الْكُلِّ أَيْ كُلِّ أَنْوَاعِ الْخَلْوَةِ وَلَوْ فَاسِدَةً احْتِيَاطًا وَتَمَامُهُ فِي شَرْحِ التَّنْوِيرِ لِلْعَلَائِيِّ مِنْ الْمَهْرِ.
(سُئِلَ) فِي ذِمِّيَّةٍ تَحْتَ ذِمِّيٍّ قَدْ دَخَلَ بِهَا وَأَسْلَمَتْ وَعَرَضَ الْإِسْلَامَ عَلَى زَوْجِهَا فَلَمْ يَقْبَلْ هَلْ لِلْقَاضِي أَنْ يُفَرِّقَ بَيْنَهُمَا لِلْحَالِ وَإِذَا فَرَّقَ هَلْ يَلْزَمُ عَلَيْهَا الْعِدَّةُ وَإِذَا لَزِمَتْ عَلَيْهَا الْعِدَّةُ فَلَوْ تَزَوَّجَتْ فِيهَا وَلَمْ يَطَأْهَا زَوْجُهَا حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا هَلْ يَجُوزُ أَمْ لَا؟
(الْجَوَابُ) : قَالَ فِي الْبَحْرِ عَنْ الذَّخِيرَةِ إنْ صَرَّحَ بِالْإِبَاءِ فَالْقَاضِي لَا يَعْرِضُ عَلَيْهِ الْإِسْلَامَ مَرَّةً أُخْرَى وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا فَإِنْ سَكَتَ وَلَمْ يَقُلْ شَيْئًا فَالْقَاضِي يَعْرِضُ عَلَيْهِ الْإِسْلَامَ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى حَتَّى يَتِمَّ الثَّلَاثُ احْتِيَاطًا اهـ وَاَلَّذِي عَلَيْهِ الْكَنْزُ وَالتَّنْوِيرُ وَغَيْرُهُمَا أَنَّ إبَاءَهُ طَلَاقٌ.
قَالَ فِي الْبَحْرِ وَأَشَارَ بِالطَّلَاقِ إلَى وُجُوبِ الْعِدَّةِ عَلَيْهَا إنْ كَانَ دَخَلَ بِهَا لِأَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا كَانَتْ مُسْلِمَةً فَقَدْ الْتَزَمَتْ أَحْكَامَ الْإِسْلَامِ وَمِنْ حُكْمِهِ وُجُوبُ الْعِدَّةِ وَأَشَارَ أَيْضًا إلَى وُجُوبِ النَّفَقَةِ لَهَا مَا دَامَتْ فِي الْعِدَّةِ إنْ كَانَتْ مُسْلِمَةً لِأَنَّ الْمَنْعَ مِنْ الِاسْتِمْتَاعِ جَاءَ مِنْ قِبَلِ الزَّوْجِ وَهُوَ غَيْرُ مُسْقِطٍ اهـ.
وَقَدْ عَدَّ الْأَنْقِرَوِيُّ عَنْ خِزَانَةِ الْفِقْهِ مَنْ يَجُوزُ نِكَاحُهُنَّ