للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مُطْلَقًا وَمِثْلُهُ فِي الدُّرَرِ وَشَرْحِ الْمَجْمَعِ الْمَلَكِيِّ وَاَلَّذِي حَرَّرْتُهُ فِي رَدِّ الْمُحْتَارِ أَنَّ هَذَا غَيْرُ صَحِيحٍ؛ لِأَنَّهُ مَذْهَبُ الْإِمَامِ مَالِكٍ، وَأَمَّا مَذْهَبُنَا فَلَا فَرْقَ بَيْنَ ثُبُوتِ الْهَلَاكِ بِقَوْلِهِ مَعَ يَمِينِهِ أَوْ بِالْبُرْهَانِ وَهُوَ فِي الصُّورَتَيْنِ مَضْمُونٌ بِالْأَقَلِّ مِنْ قِيمَتِهِ وَمِنْ الدَّيْنِ كَمَا أَوْضَحَهُ الشُّرُنْبُلَالِيُّ فِي رِسَالَةٍ مُسْتَقِلَّةٍ سَمَّاهَا: غَايَةُ الْمَطْلَبِ فِي الرَّهْنِ إذَا ذَهَبَ وَفِي حَاشِيَتِهِ عَلَى الدُّرَرِ عَنْ الْحَقَائِقِ شَرْحِ النَّسَفِيَّةِ وَبِهِ أَفْتَى ابْنُ الشَّلَبِيِّ والتمرتاشي وَغَيْرُهُمَا وَكَذَا فِي الْفَتَاوَى الرَّحِيمِيَّةِ أَفْتَى بِذَلِكَ تَبَعًا لِشَيْخِهِ الشُّرُنْبُلَالِيِّ وَقَالَ: إنَّ مَا أَفْتَى بِهِ الرَّمْلِيُّ مُخَالِفٌ لِلْمَذْهَبِ رَأْسًا وَاحِدًا وَالرُّجُوعُ إلَى الْحَقِّ أَحَقُّ. اهـ.

وَنَقَلَ الْمُؤَلِّفُ عَنْ الشَّيْخِ أَحْمَدَ مُفْتِي عَكَّةَ نَحْوَ مَا ذَكَرْنَا مِنْ تَحْرِيرِ الْمَسْأَلَةِ وَالرَّدِّ عَلَى الْخَيْرِ الرَّمْلِيِّ وَالتَّنْوِيرِ وَالدُّرَرِ وَتَصْرِيحُ صَاحِبِ الْحَقَائِقِ بِأَنَّ هَذَا مَذْهَبُ مَالِكٍ، وَأَمَّا عِنْدَنَا فَيَصْدُقُ وَيَسْقُطُ مِنْ الدَّيْنِ بِقَدْرِهِ وَالْبَاقِي لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ. اهـ. وَأَنَّ الْمُنَاسِبَ فِي عِبَارَةِ التَّنْوِيرِ السَّابِقَةِ أَنْ يُقَالَ: وَتُقْبَلُ دَعْوَاهُ الْهَلَاكَ بِلَا بُرْهَانٍ مُطْلَقًا.

(سُئِلَ) فِيمَا إذَا ادَّعَى الْمُرْتَهِنُ رَدَّ الْعَيْنِ الْمَرْهُونَةِ وَكَذَّبَهُ الرَّاهِنُ فِي ذَلِكَ فَهَلْ يَكُونُ الْقَوْلُ لِلرَّاهِنِ بِيَمِينِهِ فِي عَدَمِ الرَّدِّ دُونَ الْمُرْتَهِنِ أَوْ لَا؟

(الْجَوَابُ) : الْقَوْلُ لِلرَّاهِنِ بِيَمِينِهِ فِي عَدَمِ الرَّدِّ دُونَ الْمُرْتَهِنِ؛ لِأَنَّهُ مَضْمُونٌ وَالْحَالَةُ هَذِهِ وَالْمَسْأَلَةُ فِي التَّتَارْخَانِيَّةِ وَفَتَاوَى قَارِئِ الْهِدَايَةِ وَالْأَنْقِرْوِيِّ وَغَيْرِهَا وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ وَفِي فَتَاوَى ابْنِ الشَّلَبِيِّ مِنْ الرَّهْنِ لَا يُقْبَلُ قَوْلُ الْمُرْتَهِنِ فِي دَفْعِهِ الرَّهْنَ لِلرَّاهِنِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَلَوْ حَلَفَ بَلْ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ إقَامَةِ بَيِّنَةٍ عَلَى ذَلِكَ. اهـ.

(أَقُولُ) قَدْ أَلَّفَ الْعَلَّامَةُ الشُّرُنْبُلَالِيّ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ رِسَالَةً مُسْتَقِلَّةً أَيْضًا سَمَّاهَا: الْإِقْنَاعْ فِي الرَّاهِنِ وَالْمُرْتَهِنِ إذَا اخْتَلَفَا فِي رَدِّ الرَّهْنِ وَلَمْ يَذْكُرَا الضَّيَاعْ وَقَدْ تَرَدَّدَ فِي جَوَابِ الْحُكْمِ فِيهَا فَقَالَ قَدْ يُجَابُ بِأَنَّ الْقَوْلَ لِلرَّاهِنِ بِيَمِينِهِ نَصَّ عَلَيْهِ فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ بِقَوْلِهِ وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي رَدِّ الرَّهْنِ فَالْقَوْلُ لِلرَّاهِنِ بِلَا خِلَافٍ؛ لِأَنَّهُ مُنْكِرٌ. اهـ. قَالَ لَكِنْ قَدْ يُحْمَلُ عَلَى مَا إذَا اخْتَلَفَا فِي الرَّدِّ وَالْهَلَاكِ؛ لِأَنَّ سِيَاقَ كَلَامِ الْمِعْرَاجِ فِي الِاخْتِلَافِ فِي الْهَلَاكِ وَقَدْ صَرَّحُوا بِأَنَّ الرَّهْنَ بِمَنْزِلَةِ الْوَدِيعَةِ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ وَأَنَّهُ أَمَانَةٌ فِي يَدِهِ وَبِأَنَّ كُلَّ أَمِينٍ ادَّعَى إيصَالَ الْأَمَانَةِ إلَى مُسْتَحِقِّهَا قَبْلَ قَوْلِهِ فِي حَيَاةِ الْمُسْتَحِقِّ أَوْ بَعْدَ وَفَاتِهِ فَمَنْ ادَّعَى اسْتِثْنَاءَ الْمُرْتَهِنِ مِنْ هَذِهِ الْكُلِّيَّةِ فَعَلَيْهِ الْبَيَانُ وَيُعَارِضُ كَلَامَ الْمِعْرَاجِ بِمَا لَوْ ادَّعَى الْمُرْتَهِنُ هَلَاكَ الرَّهْنِ عِنْدَهُ وَأَنْكَرَهُ الرَّاهِنُ، فَإِنَّ الْقَوْلَ لِلْمُرْتَهِنِ بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّهُ أَمِينٌ كَالْمُودَعِ وَالْمُسْتَعِيرِ مَعَ أَنَّ الرَّاهِنَ مُنْكِرٌ. اهـ كَلَامُ الشُّرُنْبُلَالِيِّ مُلَخَّصًا: وَحَاصِلُهُ: أَنَّهُ يُصَدَّقُ فِي دَعْوَاهُ رَدَّ الرَّهْنِ عَلَى رَاهِنِهِ.

؛ لِأَنَّهُ أَمَانَةٌ وَحُكْمُ الْأَمَانَةِ كَذَلِكَ وَلَكِنْ لَا يَخْفَى عَلَيْك أَنَّ الْفَرْقَ ظَاهِرٌ بَيْنَ الرَّهْنِ وَغَيْرِهِ مِنْ الْأَمَانَاتِ؛ لِأَنَّ الرَّهْنَ مَضْمُونٌ بِالدَّيْنِ فَكَيْفَ يُصَدَّقُ وَيَنْتَفِي عَنْهُ الضَّمَانُ، وَأَمَّا بَقِيَّةُ الْأَمَانَاتِ فَلَيْسَتْ مَضْمُونَةً فَلِهَذَا يُصَدَّقُ. نَعَمْ أَلْحَقُوا الرَّهْنَ بِالْأَمَانَةِ وَجَعَلُوهُ مِثْلَهَا مِنْ حَيْثُ إنَّهُ يَضْمَنُ جَمِيعَ قِيمَتِهِ بِالتَّعَدِّي، وَأَمَّا قَوْلُهُ وَيُعَارِضُ كَلَامَ الْمِعْرَاجِ إلَخْ فَجَوَابُهُ ظَاهِرٌ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الْمُرْتَهِنَ إذَا ادَّعَى هَلَاكَ الرَّهْنِ عِنْدَهُ إنَّمَا يَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَهُ بِيَمِينِهِ بِالنِّسْبَةِ إلَى مَا زَادَ مِنْ قِيمَتِهِ عَلَى قَدْرِ الدَّيْنِ؛ لِأَنَّ الزَّائِدَ أَمَانَةٌ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ فَيُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ كَبَقِيَّةِ الْأَمَانَاتِ حَتَّى أَنَّهُ لَا يَضْمَنُهُ أَمَّا قَدْرُ الدَّيْنِ، فَإِنَّهُ يَضْمَنُهُ حَتَّى أَنَّهُ يَسْقُطُ دَيْنُهُ بِمُقَابَلَتِهِ فَصَارَ قَدْرُ الدَّيْنِ مِنْ الرَّهْنِ مَضْمُونًا عَلَيْهِ فَكَيْفَ يَصِحُّ تَشْبِيهُهُ بِالْمُودَعِ وَالْمُسْتَعِيرِ وَلَوْ كَانَ مِثْلَهُمَا لَزِمَ أَنْ يُصَدَّقَ مُطْلَقًا وَلَا يَسْقُطُ شَيْءٌ مِنْ دَيْنِهِ، وَأَمَّا إذَا ادَّعَى رَدَّهُ عَلَى الرَّاهِنِ سَوَاءٌ ادَّعَى هَلَاكَهُ عِنْدَ الرَّاهِنِ بَعْدَ الرَّدِّ أَوْ ادَّعَى الرَّدَّ فَقَطْ، فَإِنَّهُ لَا يُصَدَّقَ لِكَوْنِهِ كَانَ مَضْمُونًا عَلَيْهِ قَبْلَ الرَّدِّ بِحَيْثُ لَوْ هَلَكَ سَقَطَ مِنْ الدَّيْنِ بِقَدْرِهِ، فَإِذَا ادَّعَى رَدَّهُ عَلَيْهِ كَانَ نَافِيًا بِدَعْوَاهُ الضَّمَانَ عَنْ نَفْسِهِ فَلَا يُصَدَّقَ بِخِلَافِ مَنْ ادَّعَى رَدَّ الْوَدِيعَةِ أَوْ الْعَارِيَّةِ، فَإِنَّهُ يُصَدَّقَ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ مَضْمُونًا عَلَيْهِ بِالْهَلَاكِ كَمَا مَرَّ فَلَمْ يَكُنْ نَافِيًا بِدَعْوَاهُ الضَّمَانَ عَنْ نَفْسِهِ.

وَاَلَّذِي فِي فَتَاوَى قَارِئِ الْهِدَايَةِ مَا نَصُّهُ: سُئِلَ عَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>