للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مُخْتَارَاتِ أَبِي حَفْصٍ سُئِلَ عَمَّنْ لَهَا إمْسَاكُ الْوَلَدِ وَلَيْسَ لَهَا مَسْكَنٌ مَعَ الْوَلَدِ هَلْ عَلَى الْأَبِ سُكْنَاهَا وَسُكْنَى وَلَدِهَا قَالَ نَعَمْ عَلَيْهِ سُكْنَاهُمَا جَمِيعًا وَسُئِلَ نَجْمُ الْأَئِمَّةِ الْبُخَارِيُّ عَنْ الْمُخْتَارِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَقَالَ الْمُخْتَارُ أَنَّ عَلَيْهِ السُّكْنَى فِي الْحَضَانَةِ اهـ.

وَاعْتَمَدَهُ ابْنُ الشِّحْنَةِ خِلَافًا لِمَا اخْتَارَهُ ابْنُ وَهْبَانَ وَشَيْخُهُ الطَّرَسُوسِيُّ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْوَجْهَ الْوَجِيهَ لُزُومُ أُجْرَةِ الْمَسْكَنِ وَإِلَّا لَزِمَ ضَيَاعُ الْوَلَدِ إذَا لَمْ يَكُنْ لِلْحَاضِنَةِ مَسْكَنٌ وَأَمَّا إذَا كَانَ لَهَا مَسْكَنٌ فَيَنْبَغِي الْإِفْتَاءُ بِمَا رَجَّحَهُ فِي النَّهْرِ تَبَعًا لِابْنِ وَهْبَانَ وَالطَّرَسُوسِيِّ وَلَا سِيَّمَا وَقَدْ قَدَّمَهُ قَاضِي خَانْ وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ اهـ مَا ذَكَرْته فِي الْإِبَانَةِ.

(سُئِلَ) فِي صَغِيرَيْنِ يَتِيمَيْنِ بَلَغَ أَحَدُهُمَا مِنْ الْعُمْرِ عَشْرَ سِنِينَ وَالْآخَرُ إحْدَى عَشْرَةَ وَهُمَا عِنْدَ أُمِّهِمَا وَلَهُمَا حِرْفَةٌ يَكْتَسِبَانِ مِنْهَا قَدْرَ مَا يَكْفِيهِمَا وَلَهُمَا عَمٌّ فَقِيرٌ وَإِخْوَةٌ أَشِقَّاءٌ مُوسِرُونَ وَأُمُّهُمْ تُكَلِّفُ عَمَّهُمْ الْمَزْبُورَ الْإِنْفَاقَ عَلَيْهِمَا بِلَا وَجْهٍ شَرْعِيٍّ فَهَلْ لَا يَلْزَمُ الْعَمَّ ذَلِكَ؟ وَيُجْبَرُ الْإِخْوَةُ عَلَى أَخْذِ الصَّغِيرَيْنِ؟

(الْجَوَابُ) : نَعَمْ لِأَنَّهُمْ أَقْدَرُ عَلَى تَأْدِيبِهِمَا وَتَعْلِيمِهِمَا قَالَ فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ (وَإِذَا اسْتَغْنَى الْغُلَامُ) أَيْ الصَّبِيُّ (عَنْ الْخِدْمَةِ) أَيْ خِدْمَةِ مَنْ لَهَا الْحَضَانَةُ بِأَنْ يَأْكُلَ وَيَسْتَنْجِيَ وَحْدَهُ قِيلَ (بِسَبْعٍ) يَعْنِي اسْتِغْنَاؤُهُ مُقَدَّرٌ بِسَبْعِ سِنِينَ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى (أَوْ تِسْعٍ) أَيْ تِسْعِ سِنِينَ (أُجْبِرَ الْأَبُ) أَوْ الْوَصِيُّ أَوْ الْوَلِيُّ (عَلَى أَخْذِهِ) لِأَنَّهُ أَقْدَرُ عَلَى تَأْدِيبِهِ وَتَعْلِيمِهِ.

(سُئِلَ) فِي صَغِيرَيْنِ لَا مَالَ لَهُمَا وَهُمَا فِي حَضَانَةِ أُمِّهِمَا الْمُطَلَّقَةِ مِنْ أَبِيهِمَا الْمُعْسِرِ وَلَهُمَا جَدَّةٌ لِأَبٍ تُرِيدُ أَنْ تُرَبِّيَهُمَا بِغَيْرِ شَيْءٍ وَالْأُمُّ تَأْبَى ذَلِكَ وَتُطَالِبُ الْأَبَ بِالْأُجْرَةِ وَنَفَقَةِ الْوَلَدَيْنِ فَمَا الْحُكْمُ؟

(الْجَوَابُ) : حَيْثُ كَانَ الْأَبُ مُعْسِرًا يُقَالُ لِلْأُمِّ إمَّا أَنْ تُمْسِكِي الصَّغِيرَيْنِ بِغَيْرِ أَجْرٍ وَإِمَّا أَنْ تَدْفَعِيهِمَا لِلْجَدَّةِ الْمَذْكُورَةِ وَلَا تُجْبَرُ الْأُمُّ عَلَى ذَلِكَ وَسُئِلَ أَيْضًا عَمَّا إذَا كَانَ مَكَانَ الْجَدَّةِ عَمَّةٌ وَالْمَسْأَلَةُ فِي التَّنْوِيرِ وَقَاضِي خَانْ وَالْخُلَاصَةِ وَهُوَ الصَّحِيحُ قَالَ الْعَلَائِيُّ وَالْعَمَّةُ لَيْسَتْ بِقَيْدٍ فِيمَا يَظْهَرُ اهـ وَفِي الْفَتَاوَى الرَّحِيمِيَّةِ وَالْعَمَّةُ لَيْسَتْ قَيْدًا بَلْ كُلُّ حَاضِنَةٍ فِي الْجُمْلَةِ كَذَلِكَ وَالْأَبُ لَيْسَ قَيْدًا أَيْضًا وَالنَّفَقَةُ غَيْرُ الْأُجْرَةِ وَقَدْ نَصَّ عَلَيْهِمَا اهـ.

(أَقُولُ) وَهَذَا فِي أُجْرَةِ الْحَضَانَةِ وَأَمَّا أُجْرَةُ الْإِرْضَاعِ فَالْأُمُّ أَحَقُّ مَا لَمْ تَطْلُبْ عَلَى مَا تَأْخُذُهُ الْأَجْنَبِيَّةُ كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ فِي سُؤَالٍ وَجَوَابِهِ وَقَالَ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ فِي حَوَاشِي الْبَحْرِ ظَاهِرُ تَقْيِيدِهِمْ بِكَوْنِ الْأَبِ مُعْسِرًا تَخَلُّفُ الْحُكْمِ الْمَذْكُورِ مَعَ يَسَارِهِ وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ الْمَفْهُومَ فِي التَّصَانِيفِ حُجَّةٌ يُعْمَلُ بِهِ تَأَمَّلْ اهـ أَيْ فَإِذَا كَانَ الْأَبُ مُوسِرًا يُجْبَرُ عَلَى دَفْعِ الْأُجْرَةِ لِلْأُمِّ نَظَرًا لِلصَّغِيرِ كَمَا فِي الشرنبلالية بَقِيَ مَا لَوْ كَانَ الْأَبُ مُعْسِرًا أَوْ مَيِّتًا لَكِنْ لِلصَّغِيرِ مَالٌ فَهَلْ يَدْفَعُ لَهَا الْأُجْرَةَ مِنْ مَالِهِ أَوْ لَا الظَّاهِرُ الثَّانِي لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ فِيهِ نَظَرٌ لَهُ فِي إبْقَائِهِ عِنْدَ أُمِّهِ لَكِنْ فِيهِ ضَرَرٌ عَلَيْهِ فِي مَالِهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ أَبُوهُ مُوسِرًا فَإِنَّهُ لَا ضَرَرَ عَلَى الصَّغِيرِ فِي دَفْعِ الْأُجْرَةِ مِنْ مَالِ أَبِيهِ وَسَنَذْكُرُ تَمَامَهُ فِي بَابِ النَّفَقَةِ وَقَدْ أَوْضَحْت ذَلِكَ أَيْضًا فِي رِسَالَتِي الْمَذْكُورَةِ سَابِقًا.

هَذَا وَقَالَ فِي الْبَحْرِ وَلَمْ أَرَ مَنْ صَرَّحَ بِأَنَّ الْأَجْنَبِيَّةَ كَالْعَمَّةِ فِي أَنَّ الصَّغِيرَ يَدْفَعُ إلَيْهَا إذَا كَانَتْ مُتَبَرِّعَةً وَالْأُمُّ تُرِيدُ الْأَجْرَ عَلَى الْحَضَانَةِ وَلَا تُقَاسُ عَلَى الْعَمَّةِ لِأَنَّهَا حَاضِنَةٌ فِي الْجُمْلَةِ وَقَدْ كَثُرَ السُّؤَالُ عَنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي زَمَانِنَا وَهُوَ أَنَّ الْأَبَ يَأْتِي بِأَجْنَبِيَّةٍ مُتَبَرِّعَةٍ بِالْحَضَانَةِ فَهَلْ يُقَالُ لِلْأُمِّ كَمَا يُقَالُ لَوْ تَبَرَّعَتْ الْعَمَّةُ وَظَاهِرُ الْمُتُونِ أَنَّ الْأُمَّ تَأْخُذُهُ بِأَجْرِ الْمِثْلِ وَلَا تَكُونُ الْأَجْنَبِيَّةُ أَوْلَى بِخِلَافِ الْعَمَّةِ عَلَى الصَّحِيحِ إلَّا أَنْ يُوجَدَ نَقْلٌ صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْأَجْنَبِيَّةَ كَالْعَمَّةِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْعَمَّةَ لَيْسَتْ قَيْدًا بَلْ كُلُّ حَاضِنَةٍ كَذَلِكَ بَلْ الْخَالَةُ كَذَلِكَ بِالْأَوْلَى لِأَنَّهَا مِنْ قَرَابَةِ الْأُمِّ اهـ. وَأَفْتَى بِهِ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ وَقَالَ وَهُوَ تَفَقُّهٌ حَسَنٌ لِأَنَّ فِي دَفْعِ الصَّغِيرِ لِلْمُتَبَرِّعَةِ ضَرَرًا بِهِ لِقُصُورِ شَفَقَتِهَا عَلَيْهِ فَلَا يُعْتَبَرُ مَعَهُ الضَّرَرُ فِي الْمَالِ لِأَنَّ حُرْمَتَهُ دُونَ حُرْمَتِهِ وَلِذَلِكَ اخْتَلَفَ الْحُكْمُ فِي نَحْوِ الْعَمَّةِ وَالْخَالَةِ مَعَ الْيَسَارِ وَالْإِعْسَارِ

<<  <  ج: ص:  >  >>