فِي كُلِّ إصْبَعٍ عُشْرُ الدِّيَةِ وَفِيمَا بَقِيَ مِنْ خِنْصَرِهِ ثُلُثُ عُشْرِ الدِّيَةِ، وَإِنْ كَانَ يَنْتَفِعُ بِذَلِكَ فَفِيهَا حُكُومَةُ عَدْلٍ بِأَنْ يَنْظُرَ إلَى مَا فَاتَ وَإِلَى مَا بَقِيَ فَيَحْكُمَ بِحِسَابِهِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. وَالْمَسْأَلَةُ فِي الْخَيْرِيَّةِ وَفِي غَيْرِهَا مِنْ الْمُتُونِ وَالشُّرُوحِ.
(أَقُولُ) فَقَوْلُ التَّنْوِيرِ تَبَعًا لِلْهِدَايَةِ وَالْحُكُومَةُ فِيمَا بَقِيَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا كَانَ يُنْتَفَعُ بِهِ وَإِلَّا فَفِيهِ الدِّيَةُ أَيْضًا لِمَا فِي النِّهَايَةِ عَنْ شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ: إذَا قُطِعَ مِنْ إصْبَعٍ مِفْصَلٌ وَاحِدٌ فَشُلَّ الْبَاقِي مِنْ الْإِصْبَعِ أَوْ الْكَفِّ لَا يَجِبُ الْقِصَاصُ وَلَكِنْ تَجِبُ الدِّيَةُ فِيمَا شُلَّ مِنْهُ إنْ كَانَ إصْبَعًا فَدِيَةُ الْإِصْبَعِ، وَإِنْ كَانَ كَفًّا فَدِيَةُ الْكَفِّ وَهَذَا بِالْإِجْمَاعِ وَنَحْوُهُ فِي غَايَةِ الْبَيَانِ وَتَمَامُ بَيَانِ هَذَا الْمَحَلِّ فِي رَدِّ الْمُحْتَارِ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ طَبَقَةٌ أَخْشَابُهَا بَارِزَةٌ فِي دَارِ جَارِهِ عَمْرٍو فَعَمَدَ عَمْرٌو وَسَلَقَ تَحْتَ الْأَخْشَابِ الْمَزْبُورَةِ قَمْحَهُ فِي مِيقَدَةٍ عَمِلَهَا وَأَوْقَدَ فِيهَا نَارًا لَا يُوقَدُ مِثْلُهَا وَلَا تَتَحَمَّلُهَا الْمِيقَدَةُ وَالْعِلْمُ مُحِيطٌ بِأَنَّ مِثْلَ هَذِهِ النَّارِ تُحْرِقُ الْأَخْشَابَ الْمَذْكُورَةَ فَسَرَتْ النَّارُ إلَى الْأَخْشَابِ فَأَحْرَقَتْهَا وَأَحْرَقَتْ الطَّبَقَةَ وَمَا فِيهَا مِنْ الْأَمْتِعَةِ بَعْدَمَا نَهَاهُ جَارُهُ عَنْ ذَلِكَ مِرَارًا فَهَلْ يَضْمَنُ قِيمَةَ ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَفِي فَتَاوَى أَهْلِ سَمَرْقَنْدَ إذَا أَلْقَى فِي التَّنُّورِ مِنْ الْحَطَبِ مَا لَا يَحْتَمِلُهُ التَّنُّورُ فَأَحْرَقَ بَيْتَهُ وَتَعَدَّى إلَى بَيْتِ غَيْرِهِ فَأَحْرَقَهُ ضَمِنَ تَتَارْخَانِيَّةٌ مِنْ الْفَصْلِ وَمِثْلُهُ فِي الْعِمَادِيَّةِ مِنْ أَنْوَاعِ الضَّمَانَاتِ وَكَذَا فِي فَتَاوَى ابْنِ الْمُؤَيَّدِ عَنْ الْمُنْيَةِ وَقَالَ فِي التَّتَارْخَانِيَّةِ مِنْ الْفَصْلِ الْمَذْكُورِ أَيْضًا وَفِي الْكُبْرَى: وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا لَهُ قُطْنٌ فِي أَرْضِ نَفْسِهِ وَتِلْكَ الْأَرْضُ لَصِيقَةٌ إلَى أَرْضٍ أُخْرَى فَأَوْقَدَ صَاحِبُ الْأَرْضِ الْأُخْرَى نَارًا عَلَى طَرَفِ أَرْضِهِ إلَى جَانِبِ ذَلِكَ الْقُطْنِ وَالْعِلْمُ مُحِيطٌ بِأَنَّ مِثْلَ هَذِهِ النَّارِ تُحْرِقُ مِثْلَ هَذَا الْقُطْنِ فِي قُرْبِهِ مِنْ النَّارِ فَاحْتَرَقَ ذَلِكَ الْقُطْنُ، فَإِنَّ صَاحِبَ النَّارِ ضَامِنٌ مِثْلَ ذَلِكَ. اهـ. الْوَاجِبُ لَا يَتَقَيَّدُ بِوَصْفِ السَّلَامَةِ وَالْمُبَاحُ يَتَقَيَّدُ بِهِ نَهْجُ النَّجَاةِ مِنْ الْجِنَايَاتِ وَمِثْلُهُ فِي الْأَشْبَاهِ وَالدُّرِّ الْمُخْتَارِ.
(سُئِلَ) فِي امْرَأَةٍ حُرَّةٍ حُبْلَى مِنْ زَوْجِهَا زَيْدٍ ضَرَبَتْ بَطْنَ نَفْسِهَا عَمْدًا فَأَلْقَتْ جَنِينًا ذَكَرًا مَيِّتًا بَعْدَ سَبْعَةِ أَشْهُرٍ بِلَا إذْنِ زَوْجِهَا فَهَلْ تَضْمَنُ عَاقِلَةُ الْمَرْأَةِ الْغُرَّةَ وَلَا تَرِثُ الْمَرْأَةُ مِنْهَا وَمَا قَدْرُ الْغُرَّةِ؟
(الْجَوَابُ) : نَعَمْ تَضْمَنُ عَاقِلَتُهَا غُرَّةً؛ لِأَنَّهَا أَتْلَفَتْهُ مُتَعَدِّيَةً وَتَتَحَمَّلُ عَنْهَا الْعَاقِلَةُ وَلَا تَرِثُ مِنْهَا؛ لِأَنَّهَا قَاتِلَةٌ بِغَيْرِ حَقٍّ وَالْقَاتِلُ لَا يَرِثُ وَالْغُرَّةُ قَدْرُهَا نِصْفُ عُشْرِ الدِّيَةِ خَمْسُمِائَةِ دِرْهَمٍ وَيَجِبُ الْمِقْدَارُ الْمَذْكُورُ فِي سَنَةٍ كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي الْمِنَحِ وَغَيْرِهِ وَضَمِنَ الْغُرَّةَ عَاقِلَةُ امْرَأَةٍ أَسْقَطَتْهُ مَيِّتًا عَمْدًا بِدَوَاءٍ أَوْ فِعْلٍ بِلَا إذْنِ زَوْجِهَا، فَإِنْ أَذِنَ لَا تَنْوِيرٌ مِنْ الْجِنَايَاتِ مِنْ فَصْلِ ضَرَبَ امْرَأَةً (أَقُولُ) قَوْلُهُ: فَإِنْ أَذِنَ لَا بَحْثَ فِيهِ فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّة بَحْثًا أَجَبْنَا فِي رَدِّ الْمُحْتَارِ.
(سُئِلَ) فِي رَجُلٍ ضَرَبَ آخَرَ عَمْدًا عَلَى فَمِهِ فَأَسْقَطَ سِنَّيْنِ مِنْ أَسْنَانِهِ فَمَا يَلْزَمُهُ بَعْدَ الثُّبُوتِ؟
(الْجَوَابُ) : حَيْثُ كَانَ عَمْدًا فَلَهُ طَلَبُ الْقِصَاصِ السِّنُّ بِالسِّنِّ، وَإِنْ كَانَ خَطَأً يَجِبُ عَنْ كُلِّ سِنٍّ نِصْفُ عُشْرِ الدِّيَةِ خَمْسٌ مِنْ الْإِبِلِ أَوْ خَمْسُمِائَةِ دِرْهَمٍ مِنْ الْفِضَّةِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
(أَقُولُ) لَمْ يُبَيِّنْ كَيْفِيَّةَ الْقِصَاصِ فِي السِّنِّ إذَا قُلِعَتْ فَقِيلَ تُقْلَعُ سِنُّ الْجَانِي وَقِيلَ تُبْرَدُ بِالْمِبْرَدِ إلَى اللَّحْمِ كَمَا لَوْ كُسِرَتْ قَالَ الْعَلَائِيُّ وَبِهِ أَخَذَ صَاحِبُ الْكَافِي قَالَ الْمُصَنِّفُ يَعْنِي صَاحِبَ التَّنْوِيرِ وَفِي الْمُجْتَبَى وَبِهِ يُفْتَى. اهـ. كَلَامُ الْعَلَائِيِّ لَكِنْ رَاجَعْت الْمِنَحَ الَّذِي هُوَ شَرْحُ التَّنْوِيرِ لِلْمُصَنِّفِ وَرَاجَعْت الْمُجْتَبَى فَلَمْ أَرَ فِيهِمَا ذَلِكَ، نَعَمْ كَتَبْت فِي رَدِّ الْمُحْتَارِ أَنَّهُ مَشَى عَلَى هَذَا الْقَوْلِ الثَّانِي شُرَّاحُ الْهِدَايَةِ وَعَزَوْهُ إلَى الذَّخِيرَةِ وَالْمَبْسُوطِ وَتَبِعَهُمْ الزَّيْلَعِيُّ وَصَاحِبُ الْجَوْهَرَةِ وَصَرَّحُوا بِأَنَّهَا لَا تُقْلَعُ وَمَشَى عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ فِي الْهِدَايَةِ وَمُخْتَصَرِ الْوِقَايَةِ وَالْمُلْتَقَى وَالِاخْتِيَارِ وَالدُّرَرِ وَغَيْرِهَا وَنَقَلَ الطُّورِيُّ فِي تَكْمِلَةِ الْبَحْرِ عَنْ الْمُحِيطِ أَنَّ فِي الْمَسْأَلَةِ رِوَايَتَيْنِ وَنَقَلَ بَعْضُهُمْ عَنْ الْمَقْدِسِيِّ أَنَّهُ قَالَ يَنْبَغِي اخْتِيَارُ الْبَرْدِ وَفِي شَرْحِ مُنْلَا مِسْكِينٌ عَنْ الْخُلَاصَةِ النَّزْعُ