للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَضَرَبَهُ فَأَقَرَّ وَذَكَرَ أَنَّ لَهُ شُرَكَاءَ عَيَّنَهُمْ لِلْحَاكِمِ فَحَبَسَهُ مُدَّةً حَتَّى مَاتَ فِي الْحَبْسِ عَنْ وَرَثَةٍ يَزْعُمُونَ أَنَّ زَيْدًا يَضْمَنُ دِيَتَهُ فَهَلْ لَا يَضْمَنُ زَيْدٌ دِيَتَهُ وَلَا عِبْرَةَ بِزَعْمِ الْوَرَثَةِ؟

(الْجَوَابُ) : نَعَمْ قَالَ فِي الْقُنْيَةِ مِنْ الْغَصْبِ مِنْ بَابِ ضَمَانِ السَّاعِي وَالنَّمَّامِ بخ: شَكَا عِنْدَ الْوَالِي بِغَيْرِ حَقٍّ وَأَتَى بِقَائِدٍ فَضَرَبَ الْمَشْكُوَّ عَنْهُ فَكَسَرَ سِنَّهُ أَوْ يَدَهُ يَضْمَنُ الشَّاكِي أَرْشَهُ كَالْمَالِ وَقِيلَ إنْ حُبِسَ بِسِعَايَةٍ فَهَرَبَ وَتَسَوَّرَ جِدَارَ السِّجْنِ فَأَصَابَ بَدَنَهُ تَلَفٌ يَضْمَنُ السَّاعِي فَكَيْفَ هُنَا؟ فَقِيلَ: أَتُفْتِي بِالضَّمَانِ فِي مَسْأَلَةِ الْهَرَبِ؟ فَقَالَ: لَا وَلَوْ مَاتَ الْمَشْكُوُّ عَلَيْهِ بِضَرْبِ الْقَائِدِ لَا يَضْمَنُ الشَّاكِي؛ لِأَنَّ الْمَوْتَ فِيهِ نَادِرٌ فَسِعَايَتُهُ لَا تُفْضِي إلَيْهِ غَالِبًا. اهـ. وَمِثْلُهُ فِي الْحَاوِي الزَّاهِدِيِّ مِنْ الْبَابِ الْمَرْقُومِ وَمِثْلُهُ بِالْحَرْفِ فِي الْفُصُولَيْنِ فِي ضَمَانِ السَّاعِي وَنَقَلَهُ فِي غَصْبِ الْمِنَحِ عَنْ الْقُنْيَةِ وَمِثْلُهُ فِي الْعَلَائِيِّ، وَإِذَا اجْتَمَعَ الْمُبَاشِرُ وَالْمُتَسَبِّبُ أُضِيفَ الْحُكْمُ إلَى الْمُبَاشِرِ كَمَا فِي الْقَاعِدَةِ التَّاسِعَةَ عَشَرَ مِنْ الْأَشْبَاهِ

(أَقُولُ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا شَكَاهُ بِغَيْرِ حَقٍّ يَضْمَنُ مَا أَتْلَفَهُ الْوَالِي أَوْ أَعْوَانُهُ مِنْ عُضْوٍ أَوْ مِنْ مَالٍ دُونَ النَّفْسِ؛ لِأَنَّ الشِّكَايَةَ لَا تُفْضِي إلَى الْمَوْتِ غَالِبًا بِخِلَافِ الْعُضْوِ أَوْ الْمَالِ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ إفْضَاؤُهَا إلَيْهِ فَلِذَا ضَمِنَهُ السَّاعِي وَهَذَا خَارِجٌ عَنْ قَاعِدَةِ الْأَشْبَاهِ الْمَذْكُورَةِ أَفْتَى بِهِ الْمُتَأَخِّرُونَ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ زَجْرًا عَنْ السِّعَايَةِ بِغَيْرِ حَقٍّ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

(سُئِلَ) فِيمَا إذَا أَخَذَ رَجُلٌ سِكِّينَ عَمْرٍو بِالْقَهْرِ وَالْغَلَبَةِ وَجَرَحَ بِهَا آخَرَ فَهَلْ لَا ضَمَانَ عَلَى عَمْرٍو؟

(الْجَوَابُ) : نَعَمْ دَفَعَ سِكِّينًا إلَى صَبِيٍّ فَضَرَبَ الصَّبِيُّ نَفْسَهُ أَوْ غَيْرَهُ بِغَيْرِ إذْنِ الدَّافِعِ لَا يَضْمَنُ الدَّافِعُ شَيْئًا خَانِيَّةٌ مِنْ فَصْلِ الْقَتْلِ الَّذِي يُوجِبُ الدِّيَةَ وَمَنْ دَفَعَ سِكِّينًا إلَى رَجُلٍ فَقَتَلَ بِهِ نَفْسَهُ لَمْ يَكُنْ عَلَى الدَّافِعِ شَيْءٌ تَتَارْخَانِيَّةٌ مِنْ الْفَصْلِ الثَّانِي فِي الْجِنَايَةِ عَلَى النَّفْسِ.

(سُئِلَ) فِيمَا إذَا جَرَحَ زَيْدٌ عَمْرًا بِبُنْدُقَةٍ عَمْدًا فِي فَخِذِهِ جُرْحًا لَا تُمْكِنُ فِيهِ الْمُمَاثَلَةُ وَصَارَ صَاحِبَ فِرَاشٍ فَمَا يَلْزَمُ زَيْدًا بَعْدَ بُرْئِهِ؟

(الْجَوَابُ) : يَلْزَمُهُ حُكُومَةُ عَدْلٍ كَمَا فِي الْمُلْتَقَى وَغَيْرِهِ وَهِيَ هُنَا أَنْ يُقَوِّمَ عَبْدًا بِلَا هَذَا الْأَثَرِ ثُمَّ مَعَهُ فَقَدْرُ التَّفَاوُتِ بَيْنَ الْقِيمَتَيْنِ مِنْ الدِّيَةِ وَفِي الْجَوْهَرَةِ وَقِيلَ تَفْسِيرُ الْحُكُومَةِ هُوَ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ مِنْ النَّفَقَةِ وَأُجْرَةِ الطَّبِيبِ وَالْأَدْوِيَةِ إلَى أَنْ يَبْرَأَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(أَقُولُ) اعْلَمْ أَنَّ الْجِنَايَةَ بِالْجُرْحِ إنْ كَانَتْ فِي الْوَجْهِ أَوْ الرَّأْسِ تُسَمَّى شَجَّةً، وَإِنْ كَانَتْ فِي غَيْرِهِمَا تُسَمَّى جِرَاحَةً وَالشِّجَاجُ عَشْرَةٌ بَعْضُهَا لَهُ أَرْشٌ مُقَدَّرٌ بِالنَّصِّ وَبَعْضُهَا فِيهِ حُكُومَةُ عَدْلٍ وَلَا شَيْءَ مِنْ الْجِرَاحِ لَهُ أَرْشٌ مَعْلُومٌ إلَّا الْجَائِفَةُ وَهِيَ جِرَاحَةٌ تَصِلُ إلَى جَوْفِ الرَّأْسِ أَوْ الْبَطْنِ وَفِيهَا ثُلُثُ الدِّيَةِ، وَعَدُّوهَا مَعَ الشِّجَاجِ بِاعْتِبَارِ أَنَّهَا قَدْ تَكُونُ فِي الرَّأْسِ وَهَذِهِ الشِّجَاجُ لَا فَرْقَ فِي وُجُوبِ الْأَرْشِ فِيهَا بَيْنَ الْعَمْدِ وَالْخَطَأِ إلَّا الْمُوضِحَةُ وَهِيَ الَّتِي تُوضِحُ الْعَظْمَ أَيْ تُظْهِرُهُ، فَإِنَّهَا إنْ كَانَتْ خَطَأً فَفِيهَا الْأَرْشُ نِصْفُ عُشْرِ الدِّيَةِ، وَإِنْ كَانَتْ عَمْدًا فَفِيهَا الْقِصَاصُ وَلَا قِصَاصَ فِي غَيْرِهَا عَلَى مَا مَشَى عَلَيْهِ فِي التَّنْوِيرِ لَكِنَّ ظَاهِرَ الرِّوَايَةِ وُجُوبُ الْقِصَاصِ فِيمَا دُونَهَا وَهُوَ سِتَّةٌ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ شَارِحُهُ ثُمَّ إنَّهُمْ اخْتَلَفُوا فِي تَفْسِيرِ حُكُومَةِ الْعَدْلِ الْوَاجِبَةِ فِيمَا لَا نَصَّ فِيهِ عَلَى شَيْءٍ مُقَدَّرٍ، قَالَ الطَّحَاوِيُّ: تَفْسِيرُهَا أَنْ يَقُومَ مَمْلُوكًا بِدُونِ هَذَا الْأَثَرِ ثُمَّ يَقُومُ وَبِهِ هَذَا الْأَثَرُ ثُمَّ يَنْظُرُ إلَى تَفَاوُتِ مَا بَيْنَهُمَا، فَإِنْ كَانَ ثُلُثَ عُشْرِ الْقِيمَةِ مَثَلًا يَجِبُ ثُلُثُ عُشْرِ الدِّيَةِ، وَإِنْ كَانَ رُبْعَ عُشْرِ الْقِيمَةِ يَجِبُ رُبْعُ عُشْرِ الدِّيَةِ.

وَقَالَ الْكَرْخِيُّ هُوَ أَنْ يَنْظُرَ كَمْ مِقْدَارُ هَذِهِ الشَّجَّةِ مِنْ الْمُوضِحَةِ فَيَجِبُ بِقَدْرِ ذَلِكَ مِنْ نِصْفِ عُشْرِ الدِّيَةِ وَالْمُفْتَى بِهِ هُوَ الْأَوَّلُ كَمَا فِي التَّنْوِيرِ وَالنُّقَايَةِ وَغَيْرِهِمَا وَنَقَلَهُ الْعَلَائِيُّ عَنْ عِدَّةِ كُتُبٍ وَفِي الْمِعْرَاجِ أَنَّهُ قَوْلُ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ وَقَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ إنَّهُ قَوْلُ كُلِّ مَنْ يُحْفَظُ عَنْهُ الْعِلْمُ لَكِنْ قَالَ فِي الدُّرِّ الْمُخْتَارِ عَنْ الْخُلَاصَةِ إنَّمَا يَسْتَقِيمُ قَوْلُ الْكَرْخِيِّ لَوْ الْجَنَابَةُ فِي وَجْهٍ وَرَأْسٍ أَيْ لِأَنَّهُمَا مَوْضِعُ الْمُوضِحَةِ فَحِينَئِذٍ يُفْتَى بِهِ وَلَوْ فِي غَيْرِهِمَا أَوْ تَعَسَّرَ عَلَى الْمُفْتِي يُفْتِي بِقَوْلِ الطَّحَاوِيِّ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهُ أَيْسَرُ. اهـ. وَنَحْوُهُ فِي الْجَوْهَرَةِ إلَخْ وَكَذَا ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ

<<  <  ج: ص:  >  >>