للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الضَّرْبُ بِآلَةٍ قَاتِلَةٍ عَادَةً قَالَ وَلَوْ شَهِدُوا أَنَّهُ قَتَلَهُ عَمْدًا وَأَنَّهُ مَاتَ بِهِ فَهُوَ أَحْوَطُ. اهـ. لَكِنْ يَحْتَاجُ إلَى الْفَرْقِ بَيْنَ الشَّهَادَةِ وَالْإِقْرَارِ حَيْثُ حُمِلَ الْإِقْرَارُ بِالْقَتْلِ عَلَى الْخَطَأِ مَا لَمْ يُذْكَرْ الْعَمْدُ وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّهُ لَمَّا أَقَرَّ بِجِنَايَتِهِ وَظُلْمِهِ ظَهَرَ لَنَا صِدْقُهُ وَحُسْنُ حَالِهِ فَيُحْمَلُ كَلَامُهُ عَلَى الْأَدْنَى وَلَا يُؤْخَذُ بِالْقَرِينَةِ وَهِيَ الضَّرْبُ بِالْآلَةِ الْقَاتِلَةِ عَادَةً إذْ لَوْ كَانَ ذَلِكَ عَمْدًا لَذَكَرَهُ بِخِلَافِ مَا إذَا أَنْكَرَ الْقَتْلَ أَصْلًا وَظَهَرَ كَذِبُهُ بِالْبَيِّنَةِ الْعَادِلَةِ الْمُنَزَّلَةِ مَنْزِلَةَ الْمُعَايَنَةِ، فَإِنَّهُ يُحْمَلُ عَلَى الْعَمْدِ لِوُجُودِ دَلِيلِهِ وَهُوَ الضَّرْبُ بِالْآلَةِ الْمَذْكُورَةِ وَلِهَذَا قَالَ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ فِي حَاشِيَةِ الْمِنَحِ بَعْدَمَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ غَايَةِ الْبَيَانِ أَنَّ هَذَا صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ بَعْدَ ثُبُوتِ الْقَتْلِ بِالْآلَةِ الْجَارِحَةِ بِالْبَيِّنَةِ لَا يُقْبَلُ قَوْلُ الْقَاتِلِ: لَمْ أَقْصِدْهُ، بِخِلَافِ مَا لَوْ أَقَرَّ وَقَالَ أَرَدْت غَيْرَهُ؛ لِأَنَّهُ ثَبَتَ مِنْ جِهَتِهِ مُطْلَقًا عَنْ قَيْدِ الْعَمْدِيَّةِ وَالْخَطَئِيَّةِ فَيُقْبَلُ مِنْهُ مَا أَقَرَّ بِهِ وَيُحْمَلُ عَلَى الْأَدْنَى قَالَ فِي التَّتَارْخَانِيَّةِ.

وَفِي الْمُجَرَّدِ رَوَى الْحَسَنُ بْنُ زِيَادٍ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ لَوْ أَقَرَّ أَنَّهُ قَتَلَ فُلَانًا بِحَدِيدَةٍ أَوْ سَيْفٍ ثُمَّ قَالَ أَرَدْت غَيْرَهُ فَقَتَلْته لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ ذَلِكَ وَيُقْتَلُ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ إذَا قَالَ ضَرَبْت فُلَانًا بِالسَّيْفِ فَقَتَلْته قَالَ هَذَا خَطَأٌ حَتَّى يَقُولَ عَمْدًا. اهـ. مُلَخَّصًا لَكِنَّ التَّفْرِقَةَ الْمَذْكُورَةَ إنَّمَا تَظْهَرُ عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ أَمَّا عَلَى رِوَايَةِ الْمُجَرَّدِ فَلَا وَلَعَلَّ رِوَايَةَ الْمُجَرَّدِ قِيَاسٌ وَالْأَوْلَى اسْتِحْسَانٌ كَمَا يُفِيدُهُ مَا نَقَلَهُ الْمُؤَلِّفُ عَنْ التَّتَارْخَانِيَّةِ تَأَمَّلْ.

(سُئِلَ) فِي قَاصِرَةٍ أَجِيرَةٍ عِنْدَ امْرَأَةٍ نَامَتْ الْقَاصِرَةُ لَيْلًا فِي بَيْتِ الْمَرْأَةِ فَاحْتَرَقَ بَعْضُ ثِيَابِهَا الَّتِي عَلَيْهَا وَشَيْءٌ مِنْ فَخِذِهَا بِقَضَاءِ اللَّهِ تَعَالَى وَقَدَرِهِ بِدُونِ صُنْعٍ مِنْ أَحَدٍ ثُمَّ مَاتَتْ مِنْ ذَلِكَ بَعْدَ أَيَّامٍ فَهَلْ يَلْزَمُ الْمَرْأَةَ دِيَةٌ أَمْ لَا؟

(الْجَوَابُ) : حَيْثُ الْحَالُ مَا ذُكِرَ لَا يَلْزَمُ الْمَرْأَةَ دِيَةٌ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ وَقَدْ أَفْتَى بِمِثْلِ ذَلِكَ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ فِي فَتَاوِيهِ الْخَيْرِيَّةِ مِنْ الْجِنَايَاتِ.

(سُئِلَ) فِي رَجُلٍ بِيَدِهِ بُنْدُقَةٌ مُجَرَّبَةٌ يُرِيدُ إصْلَاحَهَا فَأَوْرَتْ بِحَرَكَتِهِ نَارًا فَخَرَجَتْ وَأَصَابَتْ بِمَا كَانَ فِيهَا رَجُلًا آخَرَ فَقَتَلَتْهُ فَادَّعَى وَلِيُّ الْقَتِيلِ عَلَى الرَّجُلِ الْمَذْكُورِ أَنَّهُ قَتَلَهُ عَمْدًا وَأَقَرَّ الْقَاتِلُ أَنَّهُ قَتَلَهُ خَطَأً وَلَمْ يُثْبِتْ الْوَلِيُّ الْعَمْدَ فَهَلْ تَكُونُ دِيَةُ الْمَقْتُولِ فِي مَالِ الْقَاتِلِ لِوَرَثَةِ الْمَقْتُولِ؟

(الْجَوَابُ) : نَعَمْ حَيْثُ الْحَالُ مَا ذُكِرَ لِمَا قَالَ قَاضِي خَانْ إذَا أَقَرَّ الْقَاتِلُ أَنَّهُ قَتَلَهُ خَطَأً وَادَّعَى وَلِيُّ الْقَتِيلِ الْعَمْدَ فَالدِّيَةُ فِي مَالِ الْقَاتِلِ لِوَرَثَةِ الْمَقْتُولِ كَذَا فِي فَصْلِ الْقَتْلِ الْمُوجِبِ لِلدِّيَةِ وَكَذَا فِي فَصْلِ الْمَعَاقِلِ مِنْ جِنَايَاتِ الْخَانِيَّةِ وَكَذَا فِي الضَّمَانَاتِ فِي بَيَانِ مَنْ عَلَيْهِ الضَّمَانُ وَالدِّيَةُ نَقْلًا عَنْ مَبْسُوطِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ خُوَاهَرْ زَادَهْ أَنْقِرْوِيٌّ مِنْ الْجِنَايَاتِ اُتُّهِمَ بِقَتْلٍ فَقِيلَ لِمَ قَتَلْت فُلَانًا فَقَالَ كَذَا كَانَ مَكْتُوبًا فِي اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ أَوْ قَالَ قَتَلْت عَدُوِّي فَهَذَانِ اللَّفْظَانِ مِنْهُ إقْرَارٌ بِالْقَتْلِ فَتَلْزَمُهُ الدِّيَةُ فِي مَالِهِ إنْ لَمْ يُقِرَّ بِالْعَمْدِ مُنْيَةُ الْمُفْتِي مِنْ الْإِقْرَارِ

قَالَ الْمُؤَلِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَتَبْت عَلَى صُورَةِ دَعْوَى وَرَدَتْ فِي جُمَادَى الثَّانِيَةِ سَنَةَ ١١٤٦ مَا صُورَتُهُ شَرْطُ صِحَّةِ الدَّعْوَى الْعِلْمُ بِالْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَقَدْ ذُكِرَ فِي صُورَةِ الدَّعْوَى أَنَّ الْبُنْدُقَةَ الَّتِي بِهَا الرَّصَاصَةُ قَتَلَتْهُ وَلَمْ يُعَيِّنُوا الْقَاتِلَ، وَإِنْ ادَّعَى عَلَى وَاحِدٍ غَيْرِ مُعَيَّنٍ لَا تُسْمَعُ لِمَا ذَكَرْنَا أَنَّ شَرْطَ صِحَّةِ الدَّعْوَى الْعِلْمُ بِالْمُدَّعَى عَلَيْهِ.

فَيُشْتَرَطُ تَعْيِينُ الضَّارِبِ وَإِقَامَةُ الْبَيِّنَةِ بِوَجْهِهَا الشَّرْعِيِّ عَلَيْهِ كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ عُلَمَائِنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى مِنْهُمْ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ حَيْثُ قَالَ فِي فَتَاوِيهِ فِي بَابِ الْقَسَامَةِ سُئِلَ فِي جَمَاعَةٍ بَوَارِدِيَّةٍ وَغَيْرِ بَوَارِدِيَّةٍ أَحْدَقُوا بِطَيْرٍ خَرَجَ مِنْ الْبَحْرِ فَخَرَجَتْ بُنْدُقَةٌ مِنْ بُنْدُقِ أَحَدِهِمْ قَتَلَتْ رَجُلًا مِنْهُمْ وَلَا يُعْلَمُ مَنْ هُوَ وَوَلِيُّ الْقَتِيلِ يَقُولُ حَقِّي عِنْدَ هَؤُلَاءِ يَعْنِي الْبَوَارِدِيَّةَ يُعَيِّنُونَهُ عِنْدَ أَحَدِهِمْ وَإِلَّا كُلُّهُمْ غُرَمَائِي فَهَلْ إذَا أَقَامُوا عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمْ بَيِّنَةً أَنَّهُ هُوَ الَّذِي خَرَجَتْ بُنْدُقَتُهُ فَقَتَلَتْهُ تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُمْ وَيَثْبُتُ الْقَتْلُ عَلَيْهِ وَتَنْتَفِي دَعْوَى الْقَتْلِ عَنْهُمْ أَمْ لَا؟

الْجَوَابُ؟ لَا يَثْبُتُ الْقَتْلُ عَلَيْهِ وَلَا تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُمْ عَلَيْهِ وَلَا تَنْتَفِي الدَّعْوَى عَنْهُمْ إذْ الدَّعْوَى لَا تُسْمَعُ إلَّا مِنْ صَاحِبِ الْحَقِّ وَالْبَيِّنَةُ لَا تُقْبَلُ إلَّا لِإِثْبَاتِهِ أَوْ دَفْعِهِ وَلَمْ يَثْبُتْ عَلَيْهِمْ بِمُجَرَّدِ الدَّعْوَى حَقٌّ

<<  <  ج: ص:  >  >>